لا تزال صافرات الاستهجان التي تعرض لها النجم الجزائري، رابح ماجر، أثناء مباراة الجزائر ومنتخب إثيوبيا في ملعب نيلسون مانديلا، الثلاثاء الماضي، تثير الانقسام في الشارع الرياضي والوسط الإعلامي الجزائري، بين مندد بتصرف الجماهير حيال أحد أساطير كرة القدم الجزائرية والعالمية، وبين متفهم لمشاعرها العفوية تجاه ماجر المدرب الذي فشل مع المنتخب، والمحلل الذي لم يتردد على مدى سنوات في انتقاد المدربين واللاعبين لسنوات عبر التلفزيون.
وبغض النظر عن مواقفه الشخصية التي تبقى من حقه مهما كانت، لكن بين هؤلاء وأولئك اعتبر البعض الآخر أن ماجر ذهب ضحية لماجر، والصافرات كانت من بعض الجماهير وليس كلها، ويجب تقبلها وعدم التهكم على أصحابها ما دامت في مدرجات الملاعب التي تبقى مكانا للتنفيس.
وتعاطف الكثير مباشرة بعد الواقعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع ماجر الذي اعتبروه أسطورة، يستحق الاحترام والتقدير، وليس الإهانة والتنمر والتصفير، نظراً لما قدمه للكرة الجزائرية كلاعب، لكن مع مرور الوقت تحول التعاطف مع ماجر الى تهكم على الجماهير التي صفرت عليه بتحريض من جهات أخرى على حد تعبير البعض ممن وصفوا بدورهم أنهم كانوا وراء دعم ماجر عندما أشرف على المنتخب رغم فشله.
وكانوا يدفعونه نحو التهجم على المدربين واللاعبين السابقين للمنتخب عندما أصبح محللاً، وفي كلتا الحالتين تحول ماجر إلى ضحية بين هؤلاء وأولئك، لأن جمهور الكرة يصفق عليك ويرفعك الى السماء عندما تفوز وتنجح، ويصفر عليك وينتقدك عندما تخسر وتفشل، وهي قاعدة عالمية ليست حكراً على الجمهور الجزائري.
من يعتقدون أن ماجر ذهب ضحية لماجر يعتقدون أن الرجل لم يعرف كيف يحافظ على ماضيه الكروي ونجوميته التي صنعها كلاعب عندما أشرف على المنتخب وفشل، لكنه أصر على أنه لم يفشل، وعندما صار محللا ومنتقدا شرسا لكل من سبقه ومن جاء بعده، لكنه اعتبر انتقاداته ايجابية ومن حقه أن يعبر عنها، كما أن انخراطه في السياسة والتجارة في فترة ما أفقده الكثير من شعبيته مثل غيره من نجوم الرياضة والفن والثقافة، رغم أن ذلك يبقى من حقهم كمواطنين، لكن يبقى من واجبهم أن يتقبلوا النقد والانتقاد، كما المدح من جماهير تحكمها المشاعر العفوية الصادقة، التي كان لرابح ماجر الفرصة لكي يكسبها، أو على الأقل يخفف من غضبها لو عرف كيف يتعامل معها في كل خرجاته الإعلامية والجماهيرية.
من تفهموا تصرف جانب من الجماهير التي صفرت على ماجر، اعتبروا الأمر عاديا وطبيعيا يحدث في كل الملاعب مع لاعبين ومدربين نجوم، لا تنقص من قيمتهم، بل تعبر عن عدم رضا جماهيري قد يكون مؤقتا أو ظرفيا، مثل الصافرات التي أطلقت ضد ميسي في البرسا والأرجنتين، وتلك التي تعرض لها رونالدو في ريال مدريد ومانشستر يونايتد، لكن ذلك لا يجب أن يقودنا إلى التهكم على جماهير غالبيتها لا تعرف ماجر اللاعب سوى من خلال فيديوهات قديمة، لكنها تذكر جيداً ماجر المدرب وماجر الحلل، وماجر المستفز في نظر البعض من خلال ظهوره الإعلامي، لذلك اعتقد هؤلاء بضرورة تقبل الأحكام حتى ولو كانت نسبية لا تعبر عن آراء كل جماهير الكرة التي تنقسم عادة في حبها وعشقها للاعبين والمدربين.
ما حدث في ملعب نيلسون مانديلا لم يكن محاكمة لماجر، لكن علينا تفهم تصرف بعض المشجعين الذين عبروا عن عدم رضاهم على ماجر المدرب والمحلل الأسبق الذي أخفق في نظرهم، وفي نفس الوقت علينا احترام من تضامنوا مع الرجل من حيث المبدأ، دفاعاً عن الإنسان واللاعب الأسطوري الذي أخطأ وأصاب في مشواره مثل كل الشخصيات العامة.
|