تُعتبر صفقة انتقال أنيس بن سليمان، من بروندبي الدنماركي إلى شيفيلد يونايتد الإنكليزي، حدثاً بارزاً لكرة القدم التونسية، وكذلك "نسور قرطاج"، باعتبار قلة عدد التونسيين في الدوريات الأوروبية القوية، حيث يفتقد المنتخب التونسي اللاعبين المنضمين لأندية من الصف الأول، مثلما هو الأمر للعديد من المنتخبات العربية الأخرى التي تملك نجوماً يقودون أندية قوية إلى حصد الألقاب والتتويج بأفضل الدوريات.
ورغم أنّ بن سليمان انضم إلى نادٍ يُنافس عادة من أجل مراكز وسط الترتيب أو تفادي الهبوط، فإنّ المهم بالنسبة لمنتخب تونس أنه سيكون لديه لاعب ينشط باستمرار في الدوري الأقوى بالعالم، وبالتالي ستتحسن قدراته أكثر، وهو الذي اختار أن يمثل المنتخب التونسي في العام 2020، رغم أنه كان قادراً على تمثيل الدنمارك، وكانت بدايته مع منتخب تونس مميزة، حيث سجل في أول لقاء له أمام السودان، في 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، كما شارك في بطولات متعددة، منذ أن اختار تمثيل "النسور".
وقد استقبلت الجماهير التونسية صفقة انتقال بن سليمان إلى البريميرليغ بترحاب كبير، ذلك أنّ اللاعب اجتهد كثيراً في المواسم الأخيرة، ليُظهر أنه يستحق فرصة أفضل، وواجه أزمات قوية خلال الموسم الماضي في الدوري الدنماركي، وتعرّض لضغوط قوية من قبل فريقه، ولهذا فإنّ الفوز بعرض مُشابه يُعتبر أمراً مهماً للغاية، خاصة أن بن سليمان يعد من اللاعبين المهمين في المنتخب، ويتميز بجديته، وهذه الصفقة قد تكون بوّابة بالنسبة إليه، من أجل الانتقال إلى نادٍ أفضل، مثلما قد تكون فرصة من أجل مساعدة العديد من المواهب التونسية على الانتقال إلى الدوري الإنكليزي في المواسم المقبلة.
وفي الواقع، لم يشهد تاريخ كرة القدم التونسية نجاحات كبيرة لنجوم "نسور قرطاج" في إنكلترا، حيث تُعتبر تجربة المدافع راضي الجعايدي الأفضل والأبرز بعد سنوات طويلة (2004-2021) تنقل خلالها بين أندية عدة، ونجح في فرض حضوره القوي بأهدافه، وكذلك مستواه المستقر، وخاصة مع نادي بولتون، وكسب التحدي بعدما مددّ تجربته الإنكليزية، وحصل على أعلى الشهادات التدريبية.
وخاض راضي الجعايدي قرابة 180 مباراة في كل المسابقات مع الأندية الإنكليزية التي لعب لها، منها 62 مباراة في الدوري الإنكليزي الممتاز، حيث دافع عن ألوان بولتون وبرمنغهام وكذلك ساوثهامبتون، الذي كان آخر فريق لعب له، ورغم أنه احترف اللعب في إنكلترا، بعد تقدمه في السن، فإنه كسب التحدي، وقد انضم إليه في نادي برمنغهام مهدي النفطي الذي لم تكن تجربته طويلة، حيث تعرض لإصابات، حالت دون أن يبرز حقيقة مستواه، وخاض 80 مباراة بين الدوري الإنكليزي الممتاز ومنافسات "تشامبيونشيب".
كما لعب حاتم الطرابلسي في فريق مانشستر سيتي، خلال الفترة التي كان خلالها النادي يُصارع من أجل إثبات الذات، وكان انتقال الطرابلسي حدثاً مميزاً في العام 2007، بما أنه تألق مع أياكس أمستردام الهولندي، لكن التوفيق لم يكن إلى جانبه، حيث لعب موسماً واحداً مع الفريق قبل أن يرحل دون أن يمدد عقده.
وقد يكون الطرابلسي أخطأ في اختيار التوقيت، حيث انضم إلى سيتي، بعدما سجل مستواه تراجعاً نسبياً، ولم يكن في قيمة مردوده مع أياكس، وقد خاض مع الفريق 20 مباراة فقط، ليرحل بعدها سريعاً.
كما كانت لـوهبي الخزري، ثاني أفضل هداف في تاريخ منتخب تونس، تجربة قصيرة مع نادي سندرلاند (2016-2018) لم تعرف النجاح المنشود، حيث أصرّ التونسي على العودة سريعاً إلى الدوري الفرنسي لكرة القدم، بعدما واجه أزمات، خاصة أنّ مدربه في تلك التجربة، الإنكليزي سام ألارديس، لم يكن يثق في قدراته كثيراً، وبالتالي دفعه إلى الرحيل عن النادي، كما أنّ الأرقام لم تكن إلى صفّ المهاجم التونسي فقد شارك في 42 مباراة في كل المسابقات مع فريقه، وسجل 3 أهداف، وهي أرقام لا تشجّع على تمديد تجربته مع النادي.
ومن الصدف أنّ اللاعب الذي لا يتمتع بشهرة واسعة في تونس، وهو المدافع يوهان بن علوان، هو الوحيد الذي تُوج بطلاً في إنكلترا، حيث كان ضمن فريق ليستر سيتي الذي حصد اللقب عام 2016، ورغم أنه رحل معاراً إلى فيورنتينا الإيطالي، فإنه يعتبر بطلاً للدوري، وهذا المدافع خاض العديد من التجارب، كما شارك في نهائيات كأس العالم.
بدوره خاض الوافد الجديد على منتخب تونس يان فاليري تجارب إنكليزية مع أندية ساوثهامبتون وبرمنغهام (2018-2021)، ولكنه لم يكن مميزاً خلال تلك الفترة، ولم يقدم أداء مقنعاً ليرحل سريعاً وينضم إلى أنجيه الفرنسي، والطريف أنه رفض تمثيل منتخب تونس لصالح منتخب فرنسا عندما كان يلعب في الدوري الإنكليزي، لكنه قبل عام اختار أن يُدافع عن ألوان "نسور قرطاج".
وتحوّل حنبعل المجبري إلى ظاهرة في الدوري الإنكليزي، بما أنه استقطب الأنظار منذ بداية مشاركاته مع الفريق الأول لمانشستر يونايتد في 2019، ذلك أنّ اندفاعه جعل الجميع يُشيد بقدراته ومهاراته العالية.
ولا يبدو المجبري واثقاً من استمراره مع مانشستر يونايتد لاعباً أساسياً في الفريق خلال الموسم المقبل، حيث تبدو المنافسة قوية للغاية، وقد يختار المدرب الهولندي إريك تين هاغ الاستغناء عنه، مثلما فعل في الموسم الماضي، لكن من المؤكد أنه لعب دوراً كبيراً في التعريف بكرة القدم التونسية، وتكفي متابعة حسابات فريقه لمعرفة حقيقة الموقف والمكانة التي يحظى بها.
ويُحاول عمر الرقيق أن يسير على خطاه، فمدافع أرسنال لم يقدر إلى حدّ الآن على المنافسة على مكان ضمن حسابات "المدفعجية"، وبعد تجربة اللعب مُعاراً في الموسم الماضي إلى نادي ويغان، فإنه يطمح للحصول على فرصة جديدة في الموسم المقبل، حتى يظهر أنه يستحق أن يكون أساسياً في منتخب تونس، ويلعب دوراً مهماً في التعريف بالمواهب التونسية.