لا أحد مثل ليونيل ميسي بنظر الأرجنتينيين، تحديداً أولئك الذين يقطنون في حي روزاريو في بلاد الفضة، مسقط رأس اللاعب الذي يقود التانغو في مونديال قطر 2022، وهو الآن على بعد خطوة من حمل اللقب الثالث في تاريخ البلاد.
كان ميسي في سن السادسة والنصف عندما غادر غراندولي، أحد نوادي الحي، للانتقال إلى نيويلز، فوجئ الجميع على الفور بموهبته، كما أنه كان قليل الحديث، وتساءل زملاؤه عما إذا كان بإمكانه ممارسة كرة القدم بمثل هذا الجسم الصغير، يتذكر دييغو روفيرا، مهاجم الفريق بتلك الفترة: "لقد سجلت العديد من الأهداف بفضله. كان عليّ فقط أن أتوقف وانتظر ليو ليمنحني التمريرة الأخيرة. في أحد الأيام نسينا حتى عدد الأهداف التي سجلناها".
يقول كيكي دومينغيز، أحد الذين عاصروه في تلك الفترة وأشرف عليه في نيويلز: "لقد كان موهوباً جداً، ومنطوياً على نفسه أيضاً، لكنه كان مؤذياً للغاية، ذات يوم لم أتمكن من العثور على مفاتيح سيارتي، التي كانت تضمّ القمصان وكلّ أدوات العمل، ذهبت إلى غرف الملابس ووجدت المفتاح في يده".
ويضيف دومينغيز عن تلك الفترة: "واصل ميسي التدرب مع الفريق الذي لعب بشكلٍ جيد، امتلك لمسة خاصة على الكرة ودقة كبيرة، أحياناً استغرق وقتاً طويلاً ليسجل هدفاً، لأن نيته كانت القيام بذلك بشكل مختلف وجيد"، ليو في صغره هاجم وكان يراوغ الجميع رغم أن بنيته الجسدية كانت أصغر من خصومه الذين حاولوا إيقافه.
رغم كلّ ذلك، امتاز ليو بمبادئ وأخلاق عالية، ففي سنّ التاسعة، حين فاز ببطولة في البيرو، صادف طفلاً كان منافسه باكياً، لكنه تضامن معه، حيث قرر بدلاً من الاحتفال مواساته، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، فلدى عودته إلى بلاده أرض الفضة مع الفريق، أعطى شارة القيادة لزميله أغوستين، الذي لم يكن قادراً على اللعب حينها.
ذهب ليو إلى برشلونة في سن 13 عاماً، كانت حجة والديه أن نيويلز لم يدفع تكاليف العلاج للنمو، ولهذا السبب انتقلت العائلة إلى برشلونة، كانت التكلفة تتراوح بين 1000 دولار و1500 دولار شهرياً، على الرغم من أنه جرى نشر كتاب في وقت لاحق أكد أن والد ليو، خورخي، الذي كان موظفاً في شركة تعدين، كان متأكداً بالفعل من أن أفضل شيء لابنه هو اللعب في برشلونة.
يقول دييغو فاليغوس، صديق الطفولة، إنه يلتقي مع ليو في كلّ مرة يعود فيها إلى روزاريو، استمرا في رؤية بعضهما بعضاً ولديهما علاقة جيدة، ويرى ميسي في كلّ شارع جداريات جديدة عليها صورته، في الفترة التي سبقت المباراة ضد كرواتيا، استأجر بعض المشجعين طائرة هليكوبتر للتلويح بقميص الأرجنتين العملاق (60 كيلوغرامًا) برقم 10، كلّ ذلك تكريماً لليو، ابن المدينة الأكثر شهرة.
على الرغم من حقيقة أن ليو غادر إلى برشلونة بعمر الـ13 عاماً، لكن كيف حال روزاريو اليوم؟ يعود ميسي مرتين سنويًا لأنه يحب المدينة ويحب عائلته وأصله، رغم أن تلك المدينة أصبحت الأكثر خطورة في الأرجنتين، ففي عام 2022، كانت هناك بالفعل 270 جريمة قتل، ويرجع ذلك أساسًا إلى الاشتباكات بين عصابات المخدرات التي بثت الرعب في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 940.000 نسمة.
حتى في العديد من الأحياء، يعرف الناس بالفعل أنه عندما يحلّ الظلام، لا يمكنك الخروج، عليك البقاء في المنزل لأن خطر الخروج مرتفع للغاية، روزاريو هي أيضًا مدينة فيها العديد من عمليات السطو أو اقتحام المنازل أو راكبي الدراجات النارية الذين ينشلون ويخطفون الناس أثناء سيرهم.
أحد الأحياء الخطرة على وجه التحديد هو "La Bajada"، حيث نشأ ميسي، هناك لا تستطيع المشي في الليل أيضًا، لكن لا يزال ليو مصدر إلهام للطلاب في المدرسة التي درس فيها، على الرغم من أن أصعب شيء هو في بعض الأحيان أن نشرح لهم أن ليو لا يضاهى.