منتخب قطري تعيس في مونديال عظيم

26 نوفمبر 2022
ودع منتخب قطر مونديال 2022 سريعاً (Getty)
+ الخط -

بقدر ما كان حفل الافتتاح مبهراً، والتنظيم القطري جيداً على كل المستويات، كان أداء المنتخب القطري تعيساً ونتائجه مخيبة، بعد خسارته أمام الإكوادور في الافتتاح بثنائية، وأمام السنغال بالثلاثة، ليخرج من البطولة قبل الجميع، ويصبح أول منتخب لبلد منظم يخسر مباراة الافتتاح، وثاني منتخب يستضيف البطولة ويخرج من الدور الأول بعد نسخة جنوب أفريقيا سنة 2010.

وكل هذا حصل رغم الإمكانيات الكبيرة التي وفرها الاتحاد القطري لكرة القدم، والتحضيرات التي قام بها على مدى سنوات، دون أن يتمكن من تقديم أداء لائق خاصة في المباراة الأولى التي لعبها دون روح ولا مجهود، مقارنة بالمباراة الثانية التي كان فيها أفضل، لكنه لم يقدر على المستوى العالي، لأنه لا يملك نوعية اللاعبين القادرين على خوض المواعيد الكبرى، والمباريات الكبيرة التي تقتضي التحكم في جزئيات وتفاصيل مهمة.

ويعتقد البعض أنّ المدرب الإسباني فيليكس سانشيز لم يكن في المستوى ولم يحسن التعامل مع بطولة مختلفة عن كأس الخليج وكأس آسيا، وكان متحفظاً في اللعب، ولم يتحلَ بالجرأة الكافية، كما أنّ القيام بتربص طويل المدى في أوروبا بالموازاة مع توقيف الدوري لعدة أشهر كان له أثره السلبي على المردود الفردي والجماعي، رغم مشاركة اللاعبين في تصفيات منطقة أوروبا المؤهلة للمونديال، وخوضه العديد من المباريات الودية على مدى سنوات، بينما يعتقد البعض الآخر من المحللين في قطر أنّ اللاعبين لم يتحمّلوا الضغوط، ولم يتحلوا بالروح العالية التي تقتضيها بطولة من حجم كأس العالم، وبعضهم تجاوزه الزمن فنياً وبدنياً، بعد سنوات من الوجود في المنتخب، لذلك لم تعول قطر على رفع تحدي التأهل إلى الدور الثاني بقدر ما كانت تريد التميز في تنظيم الحدث وإخراجه بالشكل اللائق الذي يسمح للأجيال الصاعدة بالاعتزاز والافتخار بوطنها، والتعلق بالكرة أكثر لتحقيق نتائج أفضل مستقبلاً.

الحقيقة أنّ المستوى العالي في بطولة كأس العالم يقتضي توفر نوعية لاعبين موهوبين لا تتوفر عليهم قطر بأعداد كافية اليوم، لذلك كان الأداء تعيساً، حسب الكثير من المتابعين الذين لم يتوقعوا أفضل من الوجه الذي ظهر به المنتخب الوطني، ومع ذلك كان الخروج المبكر مؤسفاً ومخيباً للآمال، حتى ولو أنّ قطر لم تنظم المونديال لأجل الفوز باللقب، بل نظمته لكي تصنع التاريخ وتفوز بحب واحترام الناس، وتفرض وجودها كقوة ناعمة قادرة على مقارعة الكبار.

كما أنها لم تنفق كل الأموال من أجل عيون المشاركين في المونديال، بل لأجل بناء نفسها وتشييد بنية تحتية ومنشآت ومرافق عملاقة تستفيد منها الأجيال الصاعدة، على مدى العشرين سنة المقبلة ضمن رؤية مستقبلية تمكن قطر من تحقيق التنمية المستدامة بفضل الموروث السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحضاري الذي يخلفه المونديال.

صحيح أنّ المنتخب القطري كان تعيساً، والخيبة كانت كبيرة على الأداء بالخصوص، لكن الأرجنتين مع ليونيل ميسي، خسر مباراته الأولى، وألمانيا بأرمادتها وتقاليدها الكروية لم تقدر على اليابان، لذللك فإنّ قطر لم تخسر بإقصاء منتخبها من الدور الأول، بل فازت عندما تحدت العالم كله قبل 12 سنة، وحصلت على شرف التنظيم، وصمدت أمام كل الحملات الدعائية العدائية، كما انتصرت للعرب والمسلمين عندما فرضت على الغير احترام قيمها وعاداتها وتقاليدها ودينها، وعندما نجحت حتى الآن في استضافة مباريات أكبر حدث عالمي على الإطلاق، في ظروف أمنية جيدة، وملاعب خرافية بشكل متميز ومختلف تماماً عن غيرها، ونجحت في تكميم أفواه قوى الشر التي حاولت إحباط معنويات المنظمين، والتقليل من شأن قطر، واتهامها بانتهاك حقوق الإنسان، والعمال، والمرأة، والمثليين.

موقف
التحديثات الحية

منتخب قطر خرج من المونديال، لأنه لم يكن في المستوى، لكن قطر طرقت أبواب العالمية لأنها أرادت ذلك، وتمكنت من ذلك، رغماً عن هؤلاء وأولئك، وهذا هو المهم لأنّ الكرة مجرد لعبة فيها الفائز والخاسر، لكن لعبة الحياة لا مجال فيها للفاشل والضعيف والمستسلم، وقطر صمدت واستقوت ونجحت بامتياز حتى قبل نهاية المونديال.

المساهمون