محمد صلاح ومحطته المقبلة

02 سبتمبر 2024
محمد صلاح في ملعب أولد ترافورد في 1 سبتمبر 2024 في مانشستر (كاثرين إيفيل/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تألق محمد صلاح في الدوري الإنجليزي الممتاز**: قاد ليفربول للفوز على مانشستر يونايتد 3-0، سجل هدفًا وصنع هدفين، ليصبح مانشستر يونايتد الفريق الأكثر استقبالًا لأهدافه.

- **رحلة نجاح محمد صلاح**: بدأ من قرية نجريج وانتقل بين أندية أوروبية قبل ليفربول، حيث حقق سبعة ألقاب منها دوري أبطال أوروبا 2019 والدوري الإنجليزي الممتاز 2020.

- **استمرارية وتطور محمد صلاح**: يواصل تحطيم الأرقام القياسية وتطوير مهاراته رغم تقدمه في السن، ورفض الانتقال إلى دوري "روشن" السعودي، مما يعكس ذكاءه في التخطيط لمستقبله.

واصل النجم المصري العالمي محمد صلاح (32 عاماً) تألقه في الدوري الإنكليزي الممتاز، خلال أسبوعه الثالث، بعدما قاد ليفربول إلى الفوز الكبير على مانشستر يونايتد، في لقاء "الكلاسيكو"، بنتيجة 3-0 في معقل الأخير "أولد ترافورد". إذ صنع صلاح هدفين لزميله الكولومبي، لويس دياز، وسجل الهدف الثالث بنفسه، وبعد هذا الأداء الرائع في آخر مواجهة، رفع صلاح رصيده إلى 15 هدفاً وصنع ستة أخرى أمام "اليونايتد"، ليحول ملعب "أولد ترافورد" إلى معقل لكوابيس "الشياطين الحمر"، بعدما كان مسرحاً للأحلام، وقد بات مانشستر يونايتد الفريق الأكثر استقبالاً لأهداف صلاح، وكذلك صناعة الأهداف خلال لقاءات الفريقين الغريمين.

 "مو صلاح"، كتب ووثّق مزيداً من قصص النجاح والتألق في الملاعب العالمية، والإنكليزية بالتحديد، يلعب بأفضل وأصعب دوريات العالم، ألا وهو الدوري الإنكليزي الممتاز مع أحد أكبر أندية العالم، رحلة كفاح وطموح لابن قرية نجريج بريف محافظة الغربية المصرية، بدءًا من فريق المقاولون العرب المصري، مروراً بكل من بازل السويسري، وتشلسي الإنكليزي، ثم الإعارة إلى فيورنتينا وروما الإيطاليين، وأخيراً ليفربول الإنكليزي منذ عام 2017، ليحقق مع النادي سبعة ألقاب، منها دوري أبطال أوروبا 2019، وهو اللقب الذي كان غائباً عن "الريدز" منذ عام 2005، (خسر نهائي 2018 و2022)، والدوري الإنكليزي الممتاز عام 2020، لأول مرة بالمسمى الجديد (18 لقباً بالمسمى القديم آخرها 1990)، والتتويج بكأس الاتحاد الإنكليزي، وكأس الرابطة المحترفة، والدرع الخيرية، والسوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية 2021، وأرقام قياسية تتحطم واحداً تلو الآخر.

ويُعد محمد صلاح منظومة متكاملة، ونموذجاً للنجاح والتفوق والتطور والطموح والاستمرارية، والقدرة على التعامل مع المتغيرات والضغوطات، والتكيّف مع الظروف والأوضاع المختلفة، على جميع المستويات، فخلال تولي المدرب الألماني، يورغن كلوب، مسؤولية الإدارة الفنية لـ"الريدز"، كان محمد صلاح الركيزة الأساسية للفريق مع أليسون بيكر وفان دايك وروبرتسون وساديو ماني وروبرتو فيرمينو، وجوردان هندرسون ونابي كيتا، بأفكار وأدوار مختلفة ومرحلة سنية وسرعات أكبر وقدرات تهديفية عالية، ثم حقبة أخرى مع رحيل النجوم القدامى، والتعاقدات الجديدة، التي جلبت لويس دياز ودومينيك سابوسلاي وداروين نونيز وكودي جاكبو وغيرهم، ثم رحيل كلوب، وتولي الهولندي أرني سلوت المسؤولية مديراً فنياً جديداً للفريق خلال الموسم الحالي، والتكيف مع الأدوار والأفكار الجديدة بتسجيل وصناعة الأهداف بهدوء وثقة وذكاء في التعامل مع المواقف واستغلال المهارات واللياقة البدنية، والتمركز السليم وحسن التصرف والتوقيتات، واتخاذ القرارات الصائبة أثناء صناعة وتسجيل الأهداف، وقيادة فريقة لصدارة الدوري مع حامل اللقب، مانشستر سيتي، بثلاثة انتصارات متتالية، وتسجيل ثلاثة أهداف وصناعة ثلاثة مثلها.

ويواصل صلاح النجاحات وتحطيم الأرقام القياسية وتحقيق المطلوب لمواصلة الفوز والانتصارات، رغم تقدم السن (32 عاماً)، وما يفرضه من انخفاض معدل السرعة، والاندفاع البدني، كما أن التجديد والتطور مستمران لدى الأيقونة المصرية، وأحدث مثال على ذلك ابتكار طريقة احتفال جديدة بتسجيل الأهداف برمي السهم، ولا نغفل التركيبة الشخصية، والذكاء في التخطيط واتخاذ القرارات، والإعداد النفسي والبدني، فلم يترك إجازته السنوية تضيع هباءً منثوراً باللهو، بل عمل على استغلال الأمر بالتأمل النفسي، والاستشفاء، وتدبر الأمور المستقبلية من خلال التفكير بشكل إيجابي، والاستمتاع بلعب كرة القدم بحرية دون ضغوطات، ملوحاً بأمر مهم بعد المباراة الأخيرة بأن الموسم الحالي 2024-2025، آخر مواسمه مع ليفربول، فهو بذكاء شديد يضع الإدارة تحت الضغوط، لتحديد المصير مبكراً، وسط مطالب جماهيرية باستمراره وتجديد التعاقد معه.

وقد وضع الجمهور "مو" صلاح بمكانة أساطير سابقين، كالهداف التاريخي لليفربول، الويلزي إيان راش، والأسكتلندي كيني دالغليش، والإنكليزيين ستيفن جيرارد ومايكل اوين، والألماني روبي فولر. ويُعتبر محمد صلاح أكثر لاعب سجل لليفربول بالدوري الإنكليزي الممتاز، خلال الفترة الأخيرة، إذ أحرز 160 هدفاً وصنع 73، بإجمالي 214 هدفاً للنادي في جميع المسابقات، كما حصد لقب هداف الدوري ثلاث مرات، والهداف التاريخي بدوري الأبطال.

وهو بحق أسطورة النجوم العرب والأفارقة بالدوري الإنكليزي الممتاز، وأكثر اللاعبين الأفارقة تسجيلاً للأهداف في "البريمييرليغ"، متفوقاً على السنغالي ساديو ماني (111 هدفاً)، والإيفواري ديديه دروغبا (104 أهداف)، والتوغولي إيمانويل اديبايور (97 هدفاً).

ولا يريد محمد صلاح مغادرة ليفربول، رغم الإغراءات القوية للانتقال إلى دوري "روشن" السعودين منذ نهاية الموسم الماضي، كما جرى مع كوكبة من النجوم العالميين، ومنهم الدون البرتغالي، كريستيانو رونالدو، والبرازيلي نيمار، والفرنسي كريم بنزيمة وغيرهم، بل إن تصريحه الأخير يأتي تحفيزاً لإدارة ليفربول لإنهاء الأمور وحسم التعاقد والتجديد مع فريقه.

وقد صرح النجم الإنكليزي السابق بصفوف "الريدز"، جيمي كاراغر، بأن محمد صلاح من نوعية النجوم القادرين على اللعب، ومواصلة العطاء حتى سن 40 عاماً، كما يحدث مع البرتغالي رونالدو حالياً، وهو ما ينبئ بإمكانية استمرار صلاح في تحقيق الأرقام القياسية وتطوير القدرة البدنية والذهنية والمهارية بالطبع. ويُعد محمد صلاح، بحق، نموذجاً يُحتذى به في الطموح والنجاح والاستمرارية بأقوى دوريات العالم، وهو نجاح لم يأتِ من فراغ، بل بالعمل والجد والعرق.

المساهمون