انكسر الحلم المصري بالتأهل إلى بطولة كأس العالم المرتقبة خلال أسابيع قليلة، ومعه انكسر قلبنا. كيف أنسى ما عاصرته من لحظات حزن وأسى على مستوى التصفيات المؤهلة لكأس العالم؟ تصفيات 1978 وفضيحة تونس 1-4. وكان يكفي التعادل، عام 1982 تأهل المغرب، وعام 1986 أيضا ترشح المغرب، وعام 1994 ولقاء "الطوبة" (الحجر) مع زيمبابوي، والإعادة في ليون بفرنسا.
في عام 1998 تأهل منتخب تونس وتصدر المجموعة، وفي عام 2006 كان تكرار لسيناريو الإخفاق مع تأهل ساحل العاج، وفي عام 2010 وصلت الجزائر إلى النهائيات بعد موقعة أم درمان الفاصلة، وفي عام 2014 تأهلت غانا بعد خسارة مذلة 6-1، وصولاً إلى الانكسار في 2022 مع تأهل السنغال من مجموعة مصر.
تأهلٌ وترشحٌ على فترات متباعدة ما بين 2018 و1990 و1934، بدون فوز وبذكرى واحدة مضيئة، تمثلت في تعادل تاريخي مع هولندا. تكتفي مصر بالتأهل فقط من دون وضع بصمة وتاريخ في المونديال ومن دون أي انتصار. مشاعر مؤلمة محزنة للجماهير المصرية، يتكرر سيناريو الخروج باختلاف الأجيال. مسؤولون، مدربون، لاعبون وأجيال تعيش نفس اللحظة ونفس الأسى والشجن.
لكن الإقصاء الأخير أمام السنغال في تصفيات 2022، كان أكثر اللحظات ألماً وحزناً لعدم التأهل، خصوصًا أن التنظيم في قطر ولأول مرة في العالم العربي والمنطقة، وهو ما يضمن حضورا جماهيريا للجالية والجماهير المصرية، والتي زينت الكثير من المباريات وصنعت الفرق مع المنتخب المصري، وآخرها مباراة كأس "سوبر لوسيل" بين الزمالك المصري والهلال السعودي.
منتخب مصر بقيادة العالمي محمد صلاح، نجم ليفربول، ومجموعه مميزة من اللاعبين، كان بإمكانهم تقديم أفضل مما كان. التأهل لكأس العالم في روسيا 2018 أحد أسباب الفشل في الوصول لـ2022، والعروض الضعيفة بـ3 هزائم أمام أوروغواي، روسيا والسعودية. كلها أمور أدت لفقدان الثقة والطموح وخلق الحافز للترشح لعام 2022، إضافة إلى عدم التخطيط والبطء وسوء الإعداد، بدءًا من تغيير الأجهزة الفنية بعد رحيل المدير الفني الأرجنتيني هيكتور كوبر، وتولي حسام البدري المهمة، وسط انتقادات حتى قبل توليه المهمة، ثم إقالته والتعاقد مع البرتغالي كارلوس كيروش.
يضاف إلى كل ذلك، صراع الأهلي والزمالك الخارج عن الإطار الرياضي والتنافسي، ووجود أندية الشركات كمنافس، واحتراف زائف وتعاقدات مبالغ فيها، وشراء لاعبين أحيانًا كثيرة لحرمان المنافس، ووجود فوارق في الإمكانيات والتمويل تحد من تكافؤ الفرص بين المتنافسين.
فضلاً عن استمرار مسلسل التفضيل للقطبين الأهلي والزمالك على مصلحة المنتخبات الوطنية، وعدم العدالة في تأجيل مباريات وتخفيف عقوبات.
يحتاج اتحاد كرة القدم المصري بدءًا من القائمين عليه ولجانه المختلفة الموكلة بالانتخابات، إلى ثورة تصحيح، وإضافة إلى كلّ ما تقدّم من أسباب للضعف، يأتي الإعلام المصري ليكون أحد أهم عناصر الفشل لمنتخبنا الوطني؛ فالتراشق الدائم وعدم الحياد والموضوعية، أدّيا إلى زيادة التعصب وقلة الوعي الجماهيري.
الاحتراف المُزيف وأرقام كبيرة تُدفع للاعبين المحليين والأجانب، رغم محدودية الحضور الجماهيري، وفقًا للتعليمات الأمنية، وأيضاً الأجانب الذين يشكلون عبئاً في ظل ارتفاع قيمة الدولار والبحث عن مصادر للتمويل كرعاة وشركات.
عدم انتظام المسابقات السنوية وتعديلات مستمرة في تواريخ الميلاد، مما يساهم في فقدان مواهب لخروجها عن السن المطلوبة، وكذلك سوء حالة ملاعب التدريب والملاعب عامة، مما يؤدي إلى لإصابات، ويُضاف إلى ذلك اختيار مدربي المنتخبات السنية للمنتخب الأول بدون النظر إلى الكفاءات، بل بالتوازنات لإرضاء أندية الأهلي والزمالك.
في المقابل، تبرز فكرة عدم الاستفادة من الأخطاء والأسباب واستمرار غياب التخطيط وعدم التقييم والمتابعة للبحث الدائم عن المردود اللحظي والفوري. ولا شك في أن إقامة البطولة وتنظيمها في قطر يدعوني إلى الفخر والاعتزاز بتنظيم المونديال والتخطيط والتنفيذ منذ لحظة الإعلان عن التنظيم ديسمبر/ كانون الأول 2010 من ملاعب ومرافق على أعلى المواصفات ومستويات الجودة وتنظيم العديد من الأحداث، ومنها كأس العرب 2021، وكأس العالم للأندية 2021، والسوبر الأفريقي 2020 و2019، وغيرها من الأحداث.
لا شك في أن مشاركة "العنابي" القطري و"الأخضر" السعودي و"نسور قرطاج" و"أسود الأطلس" تدعونا للفرح والبهجة ونسيان خيبة الأمل بعدم تأهل منتخب بلادي. أنا مصري، قطري، سعودي، تونسي ومغربي، إحساس كل مواطن عربي بالفخر والاعتزاز بمونديال قطر 2022 بتنظيم بطولة غير مسبوقة في تاريخ بطولات كأس العالم الـ21 السابقة منذ البطولة الأولى 1934 في الأوروغواي، وصولاً إلى روسيا 2018.