قالوا في النجاح : أول خطوة تخطوها نحو النجاح هي عندما ترفض أن تكون أسير البيئة التي وجدت نفسك فيها في بداية الأمر.. هذه ليست كلمات تُردد وحسب بل هي كلمات طبقها بالفعل كارلو أنشيلوتي الإيطالي في بيئة ريال مدريد، عندما أتى، وها هو اليوم ينجح في ما سعى إليه.
عندما تأتي سيرة كارلو أنشيلوتي اليوم على ألسن متعاطي كرة القدم، فإنها تأتي معها المدح على عمل رائع قام به وجهد واضح عمله وبيئة سليمة لطيفة خلقها للفريق الملكي.. قد لا تكون محباً لطريقة عمل هذا الإيطالي، لكنك مجبر أيها المتابع على احترامه مهما كانت ميولك، ومهما كان حجم كرهك له ولفرقه التي دربها.
من أحب ريال مدريد فإنه وجب عليه أن تكون مشاعره تجاه هذا الإيطالي لا تُقدر أبداً وأن يُلتمس قليلاً له العذر، إذا أخطأ مستقبلاً أو إذا زل في رأيه أحياناً، لأن مدرباً يأتي بالعاشرة المستعصية هو مدرب كبير فنياً وعظيم نفسياً ورائع تربوياً.. الصحافة كسبها، وإعلاميوها على سوئهم احترموه، ولاعبوه يقدمون كل ما عندهم لأنهم لمسوا أنهم تحت يد مدرب يعرف ماذا يفعل، بهدوء تام، وبلا ضجيج صاخب.
من كره ريال مدريد فإنه لزم عليه أن يحترم خصمه، أن يحترم هذا الإيطالي، فكما قالوا: قل لي من خصمك، أقل لك من أنت.. فاعتراف الشخص بعمل كبير يقدمه خصمه هذا دليل على حسن ثقافة كرة القدم لديه، وعلى روعة تفاصيل في كرة القدم ينتهجها، وأيضاً على احترام يكنه لشخص استحق ذلك، بناءً على احترامه هو لمهنته.
كارلو أنشيلوتي.. اسمه يكفي لاحترامه، ولست بصدد ذكر أرقامه وبطولاته ومنهجيته في طريقة تعامله مع أفراد فريقه، لم يهتمَّ يوماً لمشادات صحفية ليبين أنه كبير، ولم يفكر أبداً بعدسة إعلام تضخمه وتعظمه.. هو المدرب الصامت في أقواله، والعظيم في أفعاله، بهدوء تام.. يحترم خصمه ويقوي من عزيمة أبنائه ويخلق بنفسه أجمل جو ممكن عندما يتعاطى مع تفاصيل كرة القدم.. لديه أخطاء، وهذا صحيح، لكن هذه هي مهنة التدريب، ولكن المدرب الناجح من يصبح أقلهم أخطاءً، وهو يفعل ذلك جاهداً ليكون كذلك.
في ثقافة كرة القدم الإيطالية وحده "التدريب" هو من بقي جميلاً، لم يتأثر بعوامل التعرية التي تعصف ببلاد الساق والقدم حالياً.. هي الحسنة الوحيدة المتمسكة بروعتها، ولنا في كارلو أجمل حسنة.