قصة مأساوية لنجم سان جيرمان... دخل في غيبوبة منذ 39 عاماً

01 ابريل 2021
كان جان بيير آدامز أحد أبرز المدافعين في فرنسا (Getty)
+ الخط -

دخل النجم الفرنسي جان بيير آدامز، مدافع نادي باريس سان جيرمان السابق، إلى غرفة العمليات قبل 39 عاماً، من أجل إجراء عملية جراحية في الركبة، كانت ستبعده عن الملاعب لعدة أشهر، لكن جرعة تخدير شبه مُميتة تركته في غيبوبة طويلة.

قصة مأساوية لإحدى أبرز المواهب الكروية في القرن الماضي انتهت، نتيجة خطأ طبي فادح، لكن زوجته برناديت أكدت أنها لن تتخلى عنه نهائياً، مهما طالت غيبوبة جان بيير آدامز، الذي انتقل إلى فرنسا في سنّ العاشرة، قادماً من بلده السنغال عام 1948.

المدافع الصخرة

انضم آدامز إلى نادي نيم الفرنسي في بداية السبعينيات، مع حفاظه على عمله في إحدى شركات تصنيع المطاط، حتى لا يخسر الدخل الأساسي، الذي كان يعيش منه، لكن أحد كشافي الفريق، أكد للإدارة حينها أن لديهم جوهرة، عليهم الحفاظ عليها.

ولم يُخيب آدامز ظن الجميع به، بعدما تألق مع ناديه نيم خلال بضعة مواسم، وأسهم بإعلان فريقه مُتحدياً على لقب الدوري الفرنسي، بين عامي 1972، و1973، عندما احتل المركز الثاني في جدول ترتيب المسابقة المحلية، واستطاع قيادتهم إلى نصف نهائي كأس فرنسا.

وحصل آدامز على لقب المدافع الصخرة، ووُجِّهَت إليه دعوة لتمثيل منتخب فرنسا في عام 1972، ما جعل إدارة نادي نيس تدخل في مفاوضات شاقة مع نظيرتها نيم، كي تضمن الحصول على خدمات بداية من موسم 1973/1974.

وقضى آدامز مع ناديه نيس عدة سنوات، خاض فيها 144 مباراة في جميع المسابقات، بالإضافة إلى لعبه مع منتخب فرنسا الأول في 22 مواجهة دولية، جعلت الجميع يقارنه بالأسطورة الفرنسية، ماريوس تريزور، الذي أصبح شريكه في الملاعب، بفضل المدرب ستيفان كوفاكس.

ورغم قوة الثنائي في دفاع المنتخب الفرنسي، لكنهم فشلوا في الوصول إلى كأس أوروبا عام 1976، ليقرر آدامز بعدها خوض آخر مواجهة له، بقميص "الديوك"، كانت أمام منتخب الدنمارك، حتى يتفرغ للعب مع أحد أبرز الأندية في تلك الحقبة.

العقد الكبير

حصل آدامز عندما بلغ سن الـ29 من عمره على عقد كبير للغاية، قدمته إدارة باريس سان جيرمان، ليصبح بعدها المدافع إحدى أبرز أساطير نادي العاصمة الفرنسة، بعدما سجل اسمه بأحرف من ذهب مع الفريق الأول، نتيجة خوضه عدداً كبيراً من المواجهات بجميع البطولات.

مهارة آدامز، وامتلاكه الموهبة الفنية، جعلا العديد من أساطير كرة القدم في فرنسا، يتغنون باسمه طويلاً، وعلى رأسهم قائد خط الوسط السابق، هنري ميشيل، الذي وصف المدافع بقوله: "لديه قوة طبيعية خارقة، ويحسن حسم الصراعات مع أي منافس".

لكن آدامز فاجأ الجميع، بعدما وصل إلى سن الـ33 عاماً، عندما قرر اعتزال كرة القدم، مع نادٍ للهواة يُدعى "إف سي شالون"، الذي كان يلعب فيه المهاجم البولندي جوزيف كلوزه، والد أسطورة منتخب ألمانيا السابق ميروسلاف.

رعب العملية

تعرض آدامز لتمزق في رباطه جعله يدخل مستشفى إدوارد هيريوت في مدينة ليون عام 1982، ليُحتجَز في إحدى الغرف، حتى تُجرى عملية جراحية روتينية، يغادر بعدها بعدة أيام إلى منزله، حتى يستأنف علاجه الطبيعي.

لكن ما حدث في مستشفى إدوارد هيريوت، أصبح قصة مأساوية، عندما ارتكب طبيب التخدير خطأً شبه قاتل، نتيجة جرعة مخدر غير صحيحة، قبل إجراء العملية، ليعاني المدافع آدامز من تشنج قصبي، أدى إلى حرمان دماغه الأكسجين.

وحصل ما خشيه الأطباء، بعدما دخل جان بيير آدامز في غيبوبة متواصلة حتى اليوم، ويبلغ عمره حاليا 73 عاماً، وفتحت السلطات الفرنسية حينها تحقيقاً موسعاً بما حدث في مستشفى إدوارد هيريوت، لتصل القضية إلى المحاكم في بداية تسعينيات القرن الماضي، ويُحكَم على طبيب التخدير بالسجن لمدة شهر، لكن مع وقف التنفيذ، بالإضافة إلى غرامة مالية ضخمة.

وفاء الزوجة

بقيت برناديت، زوجة المدافع الأسطوري جان بيير آدامز، وفية له حتى يومنا هذا، بعدما قررت البقاء إلى جانبه في محنته الطويلة، وتجلس طوال اليوم بالقرب من سريره، وتهتم بكل ما يحتاجه في منزلهم القريب من مدينة نيم.

صحيح أن جان بيير آدامز لا يستطيع التواصل والتعبير عن مشارعه، نتيجة الغيبوبة الطويلة، لكنه لا يزال قادراً على التنفس، والشعور والأكل والسعال، من دون مساعدة الأجهزة الطبية الموصولة به في منزله، الذي يقيم به.

ونقلت صحيفة "ذا صن" البريطانية، عن برناديت قولها: "دائماً ما يقول لي بعض المتابعين في مواقع التواصل الاجتماعي، إن عليّ التوقف عن الوقوف إلى جانب زوجي، ويجب أن أُعطي الموافقة على فصل الأجهزة الطبية عنه".

وتابعت: "لكن زوجي جان بيير آدامز، ليس موصولاً بالتيار الكهربائي، وأنا لا أملك الشجاعة، حتى أتوقف عن إعطائه الطعام والماء. لديه روتين عادي يبدأ في الساعة السابعة صباحاً، عندما يأكل فطوره. صحيح أنه لا يستطيع فتح عينيه، لكنه يستطيع أن يسمع ما أقوله له".

وترفض برناديت إنهاء معاناة زوجها، لأن الأمر ليس من طبيعتها، وترفض ما يصفه البعض بـ"الموت الرحيم"، بسبب عدم قناعتها بأنها تريد التخلي عن آدامز، ما جعلها مثالاً يحتذى به، نظراً للشجاعة الكبيرة التي أظهرتها.

وعلى عكس برناديت، عجز صديق آدامز وشريكه في الملاعب، الأسطورة ماريوس تريزور، عن زيارة رفيق دربه، منذ دخل في الغيبوبة الطويلة، بعد الحادث المأساوي في مستشفى إدوارد هيريوت، قبل 39 عاماً، ويبرر الأمر بقوله: "حتى لو استيقظ الآن صديقي، فلن يتعرف إلى أحد. فهل يستحق العيش هكذا؟".

وختم الأسطورة ماريوس تريزور، حديثه بقوله: "لو حدث لي شيء مشابه لصديقي آدامز، لتخلصت زوجتي مني، بناءً على وصيتها، التي أبلغتها بها"، في إشارة واضحة إلى شعوره بالألم، تجاه رفيق دربه في الملاعب، الذي يعاني منذ 39 عاماً، ويتمنى أن تنتهي محنته في القريب العاجل.

المساهمون