غداً.. تبدأ كأس العالم في قطر!

19 نوفمبر 2022
قطر جمعت العالم على أرضها بملاعب استثنائية وتحضيرات مميزة (فو تان/Getty)
+ الخط -

أخيراً سيتحقق ما كان يعتبره العرب حلماً، وكان يعتبره الغرب وهماً لا يمكن حدوثه، وخاصة في بلد عربي ومسلم، صغير بمساحته، قليل بعدد سكانه، راهن الكثير على فشله، وحاربه القريب قبل الغريب بكلّ الوسائل، لكنّه صمد وصبر، وهو الذي التزم الصمت طويلاً عندما حاولوا حرمانه حقه على مدى سنوات بتهمة ممارسات مشبوهة، ثم خرج عن صمته في الأمتار الأخيرة عندما أرادوا التأثير بمعنوياته وإرباكه بدعوى انتهاكه لحقوق الإنسان والمرأة والعمال والمثليين وشاربي الكحول، وانتهاكه قاعدة مفادها بأن العرب لا يمكنهم منافسة الغرب، ولا يمكنهم تنظيم حدث عالمي من حجم كأس العالم، لأنهم لا يقدرون على فعل ذلك، ولا يستحقون نيل شرف خدمة البشرية والمساهمة في صناعة التاريخ.

غداً سيكون الموعد مع حفل الافتتاح في ملعب البيت الذي سيستقبل جماهير العالم، ومنه تصدر قطر صورة بلد عربي يتقن صناعة الفرجة والمتعة، وكتابة تاريخ جديد للبطولة الأكبر والأعظم في تاريخ الرياضة العالمية، وبعدها مباشرة يخوض منتخب البلد المنظم مباراة الافتتاح أمام الإكوادور في أول مشاركة له في النهائيات، يسعى من خلالها لصناعة تاريخ آخر لو تمكن من التأهل إلى الدور الثاني، ليكتمل الإنجاز العربي، وتكتمل فرحة القطريين الذين تحدّوا العالم وكلّ العراقيل والصعوبات، ودفعوا الثمن غالياً، عندما تجرأوا، وعندما دافعوا عن حقهم، وتحمّلوا كلّ الاتهامات والهجمات التي تعرّضوا لها على مدى سنوات، لمجرد أنّهم عرب وخليجيون ومسلمون، بلدهم صغير وشعبهم قليل، ومع ذلك لم يتنازلوا عن قيمهم ومبادئهم وقناعاتهم السياسية والدينية.

صحيح أن قطر لم تنجح بعد في رهانها، رغم التفاؤل الذي يغمر أبناءها، حتى ولو كان حفل الافتتاح غداً أسطورياً واستثنائياً، لأن الغرب سيبحث بالمجهر عن النقائص والثغرات ليبرر هجماته وانتقاداته، وتصدق توقعاته، لكن الصمود يعتبر في حد ذاته نجاحاً، يتجسد في الثامن عشر من شهر ديسمبر القادم موعد المباراة النهائية التي أراد لها القطريون أن تصادف ذكرى الاحتفال بالعيد الوطني، الذي سيحمل بدوره مفاجآت كبيرة لهذا العالم الظالم والمفتري والحاقد على الغير، لمجرد أن قطر فرضت على الإسرائيليين السماح للفلسطينيين بالتنقل إلى الدوحة عبر رحلات مباشرة يتكفل بها طيران قبرصي، وطلبت من الجماهير احترام عاداتها وتقاليدها كبلد مسلم، وزيّنت شوارعها بسور قرآنية وأحاديث نبوية تدعو إلى السلام والخير والمحبة، لدرجة أن علّق أحدهم بالقول: "إن قطر استضافت المشجعين لتدخلهم الإسلام، وليس ليدخلوا الملاعب لمتابعة مباريات الكرة".

موقف
التحديثات الحية

أحد مراسلي القنوات الفرنسية المتخصصة في الرياضة والمعروفة بحملاتها العدائية ضد تنظيم قطر للمونديال، عندما سأله المذيع من باريس عن الأجواء وما لفت انتباهه للوهلة الأولى، لم يتردد ولم يخجل من نفسه عندما أشار إلى كثرة المساجد في الدوحة، وكأن الأمر يتعلق بمنافسة بين الأديان، أو كأنه كان يتوقع أن ينسلخ البلد عن دينه وعاداته وتقاليده لمجرد أنه دخل معترك تنظيم حدث عالمي، ما يؤكد الحقد الدفين على الإسلام، والعنصرية المقيتة ضد العرب والمسلمين، وضد قطر بالخصوص لأنها كسرت كلّ القواعد والحواجز، وتتجه نحو صناعة "المعجزة الثامنة" في تاريخ البشرية بتنظيم مونديال استثنائي على كلّ المستويات سيخلّده التاريخ ويترك أثراً في النفوس والقلوب والعقول، تستمر لعقود طويلة.

عندما نقول: "غداً يبدأ كأس العالم في قطر"، فإننا نؤكد حقيقة كانت حلماً ووهماً، قبل أن تصبح واقعاً نعيشه بكلّ جوارحنا لأنه يعنينا كلّنا كعرب ومسلمين، قبل أن يخصّ القطريين والخليجيين وكلّ دول العالم الثالث وشعوبها التي اعتبرت هذا المونديال مونديالها هي أيضاً، لذلك ساندته ودافعت عنه، وتفتخر وتعتز به اليوم أيما افتخار واعتزاز.

المساهمون