إن إقرار محكمة العدل الأوروبية بصحة إقامة بطولة السوبر ليغ في أوروبا، وإدانتها الاتحادين الدولي والأوروبي لإعاقتهما تنظيم البطولة، أعاد إلى الواجهة صراع قديم جديد بين المحافظين والمجددين من الأندية الأوروبية الكبرى، التي اقترحت وخططت لإقامة دوري السوبر ليغ، لكي يحل بدلاً من بطولة دوري الأبطال التي ينظمها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
وفي الوقت نفسه، واجهت "السوبر ليغ" اعتراضات شديدة من الاتحادات والرابطات وكثير من الأندية والجماهير، ودفعت بالاتحاد الأوروبي للتهديد بمعاقبة الأندية الداعمة للفكرة، واستبعاد الأندية واللاعبين المشاركين فيها من جميع المسابقات، بما في ذلك بطولتا كأس العالم و"اليورو"، ما اعتبرته المحكمة الأوروبية سوء استغلال للسلطة تجاه الأندية المؤسسة للبطولة، وأعاد الجدل والصراع مجدداً.
واتهمت الغرفة الكبرى في محكمة العدل الأوروبية الاتحاد الدولي والاتحاد الأوروبي لكرة القدم بوضع العراقيل، في سبيل تسهيل إجراءات البدء في إنشاء بطولة دوري السوبر الأوروبي، واستغلال سلطته على الأندية الأوروبية بشكل ينتهك القانون حسب تقديرها.
أما الرئيس التنفيذي لبطولة السوبر ليغ، برنت ريتشارت فكان أول المعلقين على القرار قائلاً: "إنه يوم تاريخي لكرة القدم، وبطولة السوبر ليغ في الطريق، وانتهى احتكار الاتحاد الأوروبي، وفكرة كرة القدم المجانية، والأندية لم تعد تخشى العقوبات، بعد أن صار بيدها تحديد مستقبلها"، علماً أن أندية أوروبية كبيرة تراجعت عن الفكرة قبل سنة، ولم يبق سوى برشلونة وريال مدريد، ونادي نابولي الذي رحّب بقرار محكمة العدل الأوروبية.
وبدأ الهجوم المعاكس رئيس نادي باريس سان جيرمان القطري ناصر الخليفي رئيس رابطة الأندية الأوروبية الذي جدد رفضه المشروع، ثم التحقت به رابطة الدوري الإنجليزي التي فرضت سابقاً على أنديتها الانسحاب من قائمة الأندية المساندة لفكرة إقامة السوبر ليغ الأوروبي، إذ جددت رفضها لهذا الدوري قائلة في بيانها إنها "تواصل رفض" مفهوم دوري السوبر الأوروبي.
أما الاتحاد الأوروبي فأصدر بياناً يؤكد فيه أن قرار المحكمة لا يعني الموافقة أو التصريح بإقامة البطولة، وهو الاتجاه نفسه الذي أخذته "فيفا" والأندية الأوروبية الكبرى باستثناء برشلونة وريال مدريد ونابولي الإيطالي الذي خرج عن القاعدة في إيطاليا، رغم معارضة إنتر وميلان ويوفنتوس وروما.
ولا تزال ردات الفعل المعارضة للمشروع تتوالى، ما يجعل أمر تحقيقه صعب المنال، إن لم يكن مستحيلاً، خصوصاً بعد قرار الاتحاد الأوروبي تغيير صيغة مسابقتي دوري الأبطال والدوري الأوروبي للأندية ابتداء من الموسم المقبل، وقرار "فيفا" بإنشاء مسابقة كأس العالم للأندية بمشاركة 32 فريقاً ابتداء من صيف عام 2025.
وهو الأمر الذي يجعل برمجة مسابقات جديدة من المستحيلات السبع، في ظل روزنامة دولية لم تعد تتحملها الأندية والمنتخبات، ولا يمكن برمجتها من دون موافقة وإشراف الاتحاد الدولي والاتحادات القارية وحتى المحلية التي ترفض بقوة مشروع "السوبر ليغ" على غرار الاتحاد الإنجليزي الذي فرض على أنديته التراجع عن الانخراط في مشروع "السوبر ليغ".
وحتى محكمة العدل الدولية التي أقرت بحق الأندية في تأسيس بطولة جديدة أشارت إلى أن منطوق الحكم لا يعني أنه ضوء أخضر لبعث بطولة السوبر ليغ بعيداً عن سلطة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الذي يبقى يحتكر تنظيم المسابقات وتوزيع العوائد المالية على الأندية، رغم أنها ستتضاعف 3 مرات مقارنة بما هي عليه حالياً.
وهو الأمر الذي دفع رئيس الاتحاد الأوروبي، ألكسندر تشيفرين، إلى القول إن كرة القدم ليست للبيع، ومع ذلك يمكنهم البدء بتنظيم مسابقتهم الكبرى بفريقين هما برشلونة وريال مدريد إن استطاعوا ذلك حسب تعبيره، لكن مع ذلك فإن قرار المحكمة أشعل الأزمة مجدداً.