استمع إلى الملخص
- **أهلي طرابلس وجماهيره في مقدمة التضامن**: أظهرت جماهير نادي أهلي طرابلس الليبي تضامناً قوياً مع القضية الفلسطينية، وزين ملعب طرابلس بلوحة تشير إلى أطفال فلسطين، وأضيف علم فلسطين إلى شعارات الأندية الليبية.
- **تضامن تونسي واسع النطاق**: في تونس، طغى علم فلسطين على العلم التونسي في الملاعب، وأظهرت جماهير الأندية الكبيرة تضامناً واضحاً، مما يعزز الدعم المعنوي للشعب الفلسطيني.
تحولت مدرجات عدد من الفرق الكروية العربية إلى تظاهرات "شعبية" مؤيدة للقضية الفلسطينية تزامناً مع ازدياد حدة حرب الإبادة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، منذ السابع من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ولم يقتصر التضامن مع القضية الفلسطينية على الملاعب العربية، إذ أخذ بُعداً عالمياً، قاده جمهور نادي سلتيك في اسكتلندا، وجمهور نادي بالستينو في تشيلي، وجماهير عدد من الفرق والمنتخبات، ولا سيما في مواجهة فرق دولة الاحتلال أو منتخباتها، فقد أدارت الجماهير الإيطالية ظهرها للنشيد الإسرائيلي، في المباراة التي جمعت منتخبي إيطاليا والكيان المحتل أخيراً، ضمن لقاءات الجولة الثانية في بطولة دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم.
أهلي طرابلس.. صنع الحدث
وأظهرت جماهير نادي أهلي طرابلس الليبي، تضامناً لافتاً مع القضية الفلسطينية، خلال مباراة فريقها أمام فريق سيمبا التنزاني، في الدور الثاني المؤهل إلى بطولة الكونفيدرالية الأفريقية، إذ تزين ملعب طرابلس البلدي بلوحة تُشير إلى أطفال فلسطين، كُتب عليها: "أرواح تصعد للسماء، لتكون عصافير في الجنة". وهذه ليست المرة الأولى، التي يُظهر فيها جمهور "الأمواج الخضراء" تضامنه مع القضية الفلسطينية، فقد اعتاد استخدام مدرجات ملاعب كرة القدم، للتعبير عن دعمه المطلق للقضية الفلسطينية، ولا سيما في فترة حرب الإبادة الحالية، التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من شهر أكتوبر الماضي على الشعب الفلسطيني.
ويؤكد الإعلامي الرياضي الليبي، جمال الشيباني في حديث لـ"العربي الجديد" أن جمهور أهلي طرابلس تصرف "تاريخياً" بمسؤولية كبيرة تجاه القضية الفلسطينية، وقال: "بصفته صاحب الجماهيرية الأعلى في ليبيا، يمكن اعتبار تضامن جمهور أهلي طرابلس مع القضية الفلسطينية تضامناً ليبياً صرفاً، إذ تشكل الملاعب منصة رأي واضحة عن توجهات الشعوب ومعتقداتها، وجمهور أهلي طرابلس، كما الشعب الليبي، يعتبر القضية الفلسطينية خطاً أحمر اليوم، وفي كل الأوقات". ووصفت جماهير أهلي طرابلس أرض فلسطين بـ "أرض الأسود، رمز الصمود"، في "تيفو" مميز رفعته في أحد لقاءات الدوري الليبي الممتاز، قبل أن ترفع لوحة أخرى كُتب عليها: "فلسطين قضيتنا إلى يوم يبعثون".
ويُضيف الشيباني أن الموقف، الذي عبّر عنه جمهور أهلي طرابلس، موقف كل الجماهير الليبية، مؤكداً أنه "سواء كان على المدرج أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت جماهير الكرة الليبية حراكاً لافتاً مع القضية الفلسطينية، ويمكن اعتبار إدارات الأندية الليبية جزءاً من هذا الحراك، إذ أضاف معظمها علم فلسطين إلى شعاراتها على مواقع التواصل الاجتماعي، أو صبغت الشعار باللونين الأبيض والأسود، تضامناً مع استشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين. وعبّر الاتحاد الليبي كذلك عن تضامنه مع الحالة في فلسطين، فأصدر قراراً يُعامل اللاعب الفلسطيني معاملة اللاعب المحلي، ما سمح باحتراف العشرات من اللاعبين الفلسطينيين في الدوري الليبي، في ظل توقف الدوري الفلسطيني".
ورفعت جماهير أهلي بنغازي "تيفو" ظهر فيه عدد من أبرز الشخصيات النضالية في التاريخ العربي، وهم: عمر المختار وعبد القادر الجزائري ومصباح الجربوع وسلطان الأطرش وسعد زغلول وعبد الكريم الخطابي، تزامناً مع حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، تحت عنوان: "لا نخضع ولا نُذل، مثلما فعل أجدادنا في الغازي والمحتل".
وفي ما يتعلق بأهمية التضامن مع القضية الفلسطينية في ملاعب كرة القدم، يُشدد الشيباني، قائلاً: "التضامن مع القضية الفلسطينية في الملاعب يترك تأثيراً كبيراً على مستويين، الأول: محاولة تغيير مواقف الحكومات، ورجال السياسة، ودفعها إلى إظهار دعم أكبر للقضية الفلسطينية، والثاني في تعزيز الدعم المعنوي الذي تقدمه الشعوب إلى أهل فلسطين، إذ يتابعون هذه المواقف المتضامنة، ويشعرون بأهميتها".
ولم يخلُ ملعب في الوطن العربي من شكل صريح من أشكال التضامن مع القضية الفلسطينية، إذ شهدت بطولة كأس آسيا "قطر 2024" فعاليات تضامنية شعبية ورسمية مع القضية الفلسطينية، في الملاعب وخارجها، إلى جانب رفع علم فلسطين، ورسائل التضامن مع القضية الفلسطينية في كثير من المسابقات القارية على مستوى المنتخبات والأندية في كل قارات العالم، بل قرر الاتحاد التونسي لكرة القدم أخيراً، الوقوف دقيقة صمت في كل مباريات الدوري التونسي، تضامناً مع الشهداء خلال الحرب الحالية.
علم فلسطين أولوية على العلم التونسي
ووقف لاعبو نادي الأهلي المصري مصفقين لجمهور منافسهم، الترجي الرياضي التونسي، في ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم 2023-2024، بعدما رفع رسالة تضامنية معبّرة مع أهالي قطاع غزة، تحت عنوان: "صُنع في غزة"، وتزينت مدرجات ملعب رادس في ضواحي العاصمة تونس بأعلام فلسطين، و"اللافتات" المؤيدة للقضية الفلسطينية، خلال المباراة التي فاز بها النادي الأفريقي على نظيره الأولمبي الباجي في الدوري التونسي لكرة القدم، نهاية شهر أكتوبر الماضي، وتصدرت لوحة: "أَلَا إن نصرَ اللهِ قريبٌ" ردود الفعل بعد المباراة.
ويرى الإعلامي الرياضي التونسي، زياد عطية، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن علم فلسطين في الملاعب التونسية طغى على العلم التونسي، مؤكداً: "رفعت الجماهير التونسية علم فلسطين، وتضامنت مع القضية الفلسطينية لتأكيد موقفها من قضية العرب الأولى، ولم يقتصر هذا الأمر على فريق واحد، فقد أظهرت جماهير معظم الأندية الكبيرة مثل: الترجي الرياضي والأفريقي والصفاقسي والنجم الساحلي والملعب التونسي والاتحاد المنستيري، تضامناً واضحاً مع القضية الفلسطينية، ودعماً لافتاً للمقاومة الفلسطينية".
ويفسر عطية أسباب تضامن الجماهير التونسية مع القضية الفلسطينية من عدة زوايا، أبرزها: "يُدرك الجمهور التونسي أن القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين، بل قضيته هو أيضاً، ويرى أن فعله التضامني مع القضية الفلسطينية فيه تأكيد لكونها القضية الأم لكل الجماهير العربية، إلى جانب إدراك الجمهور التونسي أثر تضامنه على الشعب الفلسطيني، وهذا الأثر لمسه تحديداً في الرسالة المميزة من (تيفو) مباراة الترجي الرياضي التونسي والأهلي المصري في النهائي القاري، الذي لامس قلب الأهل في فلسطين، إذ يعتقد جمهور الأندية التونسية أنه مهما تباعدت المسافات بينه وبين فلسطين جغرافياً، إلا أن فلسطين ستظل قريبة من قلب كل تونسي".
وفي ما يتعلق بأثر هذا التضامن على القضية الفلسطينية، يعتقد عطية "أن دعم القضايا العادلة واجب على الكل، بما في ذلك جمهور كرة القدم، وبشكل خاص، فإن دعم القضية الفلسطينية من خلال ملاعب كرة القدم سيرسخها أكثر في القلوب، ويعبر أيضاً عن موقف الجماهير الشجاع، الذي لا تعبر عنه معظم الحكومات في العالم".
موسم ثانٍ دون جماهير فلسطينية
شهدت ملاعب كرة القدم في فلسطين تفاعلاً استثنائياً مع قضايا الشارع الفلسطيني، خلال لقاءات الموسم قبل الماضي ومطلع الموسم الماضي، ولكنها توقفت منذ نحو عام كامل، بفعل توقف الدوري الفلسطيني، واستهداف عدد كبير من لاعبي كرة القدم، إذ وصل عدد شهداء لعبة كرة القدم في فلسطين منذ السابع من شهر أكتوبر الماضي إلى 305 لاعبين، ودمر الاحتلال 54 منشأة رياضية، أكثرها من الملاعب المخصصة للعب كرة القدم، إلى جانب تحويله بعضها إلى مقرات للتحقيق والاعتقال.
واختنقت أصوات المشجعين في فلسطين أكثر، بعدما حُرم منتخب فلسطين استضافة مبارياته البيتية في التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى بطولتي كأس العالم 2026، وكأس آسيا 2027، على أرض فلسطين، مضطراً إلى خوض المباريات خارجها، فاختار الكويت لمواجهة أستراليا وبنغلادش، واختار قطر لمواجهة لبنان، في الدور الثالث، قبل أن يستضيف نظيره الأردني في ماليزيا، في أول لقاءاته البيتية بالدور الثالث من التصفيات. وترى الجماهير الفلسطينية في تضامن الجماهير العربية والعالمية مع القضية الفلسطينية انعكاساً لصدى صوتها، الذي أُبعد مُجبراً عن ملاعب كرة القدم، وينتظر وقتاً قريباً للعودة إليها.