بعيدا عن هيغواين..باتي غول هو أعظم مهاجم عرفته الأرجنتين

25 يوليو 2015
+ الخط -


"أنت لا تعرف التسجيل سوى من ضربات الجزاء"، كلمة قالها أحد المشجعين الغاضبين للأرجنتيني غونزالو هيغواين، أثناء مشادة كلامية بين الثنائي. وإذا حاولنا تفسير هذه المقولة، فسنجد أنها منقوصة بعض الشيء، خصوصاً أن مهاجم نابولي أصبح موقفه صعبا للغاية حتى في تسديد ضربات الجزاء، بعد إضاعته ضربة مهمة أمام لاتسيو في الكالتشو، وركلته الشهيرة أمام تشيلي في نهائي الكوبا أميركا.

لذلك باتت كرة القدم الأرجنتينية في أشد الحاجة إلى مهاجم قوي الشخصية، يستطيع ملء الفراغ داخل الصندوق، في حالة غياب ميسي عن مستواه، أو ابتعاده عن الثلث الأخير بسبب الرقابة الزائدة. وزادت بشدة حالات "النوستالجيا" الحالمة تجاه المهاجمين القدامى الأفذاذ، وعلى رأسهم بكل تأكيد غابرييل باتيستوتا وأقرانه.

الأغنية الشهيرة
برازيل، أخبرينا ما هو شعورك، مارادونا يمرر، وكانيغيا يسجل، إلى آخر الأهزوجة الأرجنتينية الأشهر على الإطلاق، للمباراة التاريخية بين الأرجنتين والبرازيل في مونديال 1990، حينما نجح المهاجم كانيغيا في تسجيل هدف قاتل، بعد مجهود فني متكامل من الرقم 10 دييغو أرماندو مارادونا.

الثنائية الأرجنتينية في الغالب عبارة عن صانع لعب مهاري ومهاجم قناص، يقول سيزار لويس مينوتي، المدرب الفائز بكأس العالم مع الأرجنتين عام 1978، "صحيح أن مونديال المكسيك 86 هو مونديال مارادونا، لكنْ هناك دور محوري لكل من بروتشاغا وفالدانو، المهاجم الذي أنهى كل شيء في النهائي أمام الألمان". ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك، مع تأكيدهم أنه لو وُجد مهاجم هداف بقيمة باتي غول وكانيغيا وفالدانو، في نهائي 2014، كانت الأمور لتنقلب رأساً على عقب.

في 2006، قدم راقصو التانغو بطولة عالمية راقية رغم الخروج في ربع النهائي، مع تألق غير طبيعي من جانب المايسترو ريكيلمي، صانع اللعب الكلاسيكي الذي يرمي الكرات من كل المناطق، إلى المهاجم المتقدم هيرنان كريسبو، العقرب يضع بصمته الخاصة داخل الشباك، مهاجم مختلف أيضاً عن النوعية الحالية في بلاد الفضة.

المهاجم المتكامل
إذا كان الظاهرة رونالدو هو اللاعب المتكامل في حقبة ما قبل ميسي ورونالدو، فإن غابرييل باتيستوتا بمثابة النسخة الأكثر تكاملا لمركز المهاجم في كرة القدم، إنه ذلك اللاعب الذي يستحق بحق الرقم 9 هداف، قوي البنية، يمتاز بالتمركز السليم، مع حاسة تهديفية نافذة، يسجل الأهداف من أي مكان، ويجيد صناعة الفرص لنفسه، وفوق كل هذه المزايا، يملك اللاعب شخصية فولاذية تظهر بحسم في المباريات الكبيرة.

يتألق غابرييل في كل الملاعب الكروية، في الأرجنتين، أوروبا، وكل مكان. باتيستوتا لا يمتاز بالمهارة الفائقة كباجيو مثلاً، ولا يجيد الجري بالكرة مثل الرصاصة رونالدو، لكنه يمتلك ذكاء بالفطرة، ساعده على استغلال قدمه ورأسه في تهديد مرمى المنافسين، وتسجيل أكبر قدر ممكن من الأهداف المهمة.

يحصل باتي على الكرة وظهره للمرمى، يحاول فقط وضع المدافع خلفه أو إلى جواره، من أجل فتح زاوية للتسديد، ومن ثم معانقة الشباك من خارج مناطق الجزاء. بينما في حالة تواجده داخل الصندوق، يرتقي المهاجم فوق الجميع، ويضع اللعبة برأسه بكل أريحية، إنه المحطة الثابتة على رأس أي فريق يلعب معه.

الكبير
فازت الأرجنتين ببطولتي كوبا أميركا 91 و93، مع تألق باتيستوتا في النسخة الأولى، وحصوله على لقب الهداف برصيد ستة أهداف، بعد تسجيله أهدافا حاسمة أمام البرازيل ثم كولومبيا، لتحصل بلاده على مهاجم واعد، افتقده ليو ميسي بشدة خلال البطولات الأخيرة، لأن غابرييل يسهل مهمة صانع اللعب الذي يلعب خلفه، بسبب كثرة تحركاته، وترجمته للفرص إلى أهداف.

لم يتألق باتيستوتا مع المنتخب الأرجنتيني فقط، بل يعتبر اللاعب أحد أقوى أساطير فيورنتينا على مر تاريخه، مع قيادته روما إلى لقب الدوري الإيطالي موسم 2000-2001، رفقة القيصر توتي، والمدرب الخبير فابيو كابيلو. سجل باتي غول 20 هدفا في هذا الموسم، وكانت أهدافه حاسمه في الأمتار الأخيرة، ليخطف الذئاب اللقب بعد منافسة شرسة مع فريق يوفنتوس.

طريقة لعب روما في 2000، 3-4-1-2، ثلاثي دفاعي صريح، مع رباعي بالوسط، فتوتي كصانع لعب، وفي الأمام ديلفيكيو أو مونتيلا، بجوار الأرجنتيني باتيستوتا، النجم الذي لا يكتفي بالتسجيل، بل يتحرك باستمرار من أجل فتح الطريق أمام زملائه، للدخول إلى منطقة الجزاء وإنهاء كل شيء.

مع انتشار خطط 4-3-3، 4-4-2، و4-2-3-1 هذه الأيام، ما أحوجنا إلى مهاجم بقيمة وعبقرية غابرييل باتيستوتا، يجيد اللعب كمهاجم صريح بمفرده، أو بجوار لاعب آخر أمام المرمى. وفي ظل تألق صناع اللعب الجدد بقيادة ليو ميسي، كيفن دي بروين ولوكا مودريتش وبيرلو والبقية، فإننا حقاً نفتقر إلى هذا المهاجم الخبير، خاطف الأهداف.

المساهمون