الكالتشيو والعنصرية وقصص درامية ضحاياها من كلّ الجنسيات

01 ابريل 2024
نجوم ميلان واجهوا مواقف صعبة (ماركو تاكا/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- كرة القدم الإيطالية تشهد تصاعداً في الحوادث العنصرية ضد اللاعبين والمسؤولين، مما يؤثر سلباً على سمعة الكالتشيو.
- الاتحاد الإيطالي يواجه انتقادات لعدم إدانته الكافية للحوادث العنصرية، مع فشل في إيجاد حلول جذرية للمشكلة.
- الانتهاكات العنصرية مستمرة ومتفاقمة عبر السنين، مما يستدعي تحركاً أكثر فعالية من السلطات لمعالجة هذه القضية الخطيرة.

أصبحت العنصرية من أكبر الأزمات التي تهدد الكالتشيو في السنوات الأخيرة، بعد تعدد الحالات التي كان خلالها نجوم الملاعب عرضة لانتهاكات عنصرية مختلفة، أساءت كثيراً إلى صورة كرة القدم الإيطالية، خصوصاً أن الأزمة طاولت كلّ الأندية تقريباً، وتعددت أشكالها وضحاياها.

واختلفت أشكال الانتهاكات العنصرية، باعتبار أنّ الجماهير لم تعُد وحدها مسؤولة عن الانتهاكات، بل أصبح اللاعبون يتعرّضون لعبارات عنصرية عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتؤكد الحادثة الأخيرة بين مدافع إنتر ميلانو، فرانشيسكو أتشيربي، ومنافسه، جيسوس، لاعب نابولي، أن اللاعبين أيضاً يثيرون الجدل بسبب تصرفاتهم.

ورغم الجدل الكبير الذي رافق الحادثة، خصوصاً إثر استبعاد أتشيربي من معسكر منتخب بلاده، فإن الاتحاد الإيطالي رفض إدانة المدافع، لعدم توافر أدلة قاطعة على وجود انتهاكات عنصرية، وهو ما أثار غضب نادي نابولي الذي اعتبر أن القرار لم ينصف لاعبه.

وارتفعت وتيرة الانتهاكات العنصرية في الأشهر الماضية، بأحداث درامية طاولت الكثير من اللاعبين من جنسيات مختلفة، ورغم حملات التضامن التي يجدها اللاعبون، فإنّه سرعان ما تتجدد الانتهاكات بشكل بات يفرض على السلطات الإيطالية التحرك لاحتواء الموقف.

وعاش النجم الفرنسي، وحارس نادي ميلان، مايك ماينان، لحظات قاسية خلال مباراة فريقه ضد أودينيزي على ملعب الأخير، ضمن منافسات الأسبوع 21 من الدوري الإيطالي، في بداية العام الحالي، بسبب تعرّضه لهتافات عنصرية من جماهير فريق أصحاب الأرض، طوال مجريات الشوط الأول من اللقاء.

واشتكى ماينان لحكم المباراة في الدقيقة 25 من الهتافات العنصرية، التي كانت تصدر من قبل بعض مشجعي نادي أودينيزي، إذ توجه صوبه للحديث معه في هذا الأمر، ومن ثم طالبه الحكم بمواصلة اللعب قبل توجهه إلى خط التماس للحديث مع المسؤولين، في محاولة لإنهاء الأزمة ودفع الجماهير إلى التوقف عن تصرفاتها الخطيرة.

وتواصلت مضايقات جماهير نادي أودينيزي للحارس الفرنسي، رغم كلّ التحذيرات، وهو الأمر الذي دفع ماينان هذه المرة إلى المطالبة بإيقاف المباراة في الدقيقة الـ33، قبل أن يُغادر أرضية الملعب نحو حجرات الملابس، وهو ما أدّى إلى توقف المواجهة لعدة دقائق.

ورغم أنّ الحارس وجد تضامناً من قبل اللاعبين، وخصوصاً من أودينيزي، إلا أنّ ذلك لم يكن كافياً لاحتواء الموقف.

كذلك تعرّض زميل ماينان، رافائيل لياو، لهجوم عنصري عبر منصات التواصل الاجتماعي، إثر هجوم من أحد مشجعي الفريق، بعد أن عمد إلى وضع تعليق على حساب اللاعب البرتغالي على "إنستغرام"، حينما انقاد ميلان لهزيمة أمام مونزا بنتيجة 4ـ2 في الدوري، وقال فيه: لا أستطيع رؤيتك مجدداً في الفريق بعد الآن، ولا أقدر على أن أتحمّلك في الملعب. ارحل في أسرع وقت أنت ومن يتبعك".

أزمة تضرب الكالتشيو منذ سنوات

كذلك، شهد الموسم الماضي حادثة خطيرة كان ضحيتها البلجيكي روميلو لوكاكو، خلال لقاء فريقه السابق إنتر ميلانو أمام يوفنتوس، وذلك بعد أن نفذ ركلة جزاء، حيث وجّهت الجماهير تجاهه عبارات عنصرية، وسبّب الموقف مشاحنات قوية بين اللاعبين، دفعت الاتحاد الإيطالي إلى تسليط عقوبة على يوفنتوس وجماهيره.

كذلك، تدخل الاتحاد لإلغاء عقوبة لوكاكو من قبل الحكم، بعد أن اتضح أنه لم يتعمّد الإساءة إلى جماهير منافسه.

ولا يكاد يمرّ موسم دون أن يشهد الدوري الإيطالي انتهاكات عنصرية خطيرة، مثلما حصل مع المهاجم السابق، ماريو بالوتيلي، الذي ظهر في عدد من المناسبات منهاراً بسبب كلّ ما واجهه من تصرفات من قبل جماهير الفرق المنافسة خلال تجاربه مع إنتر وميلان وبريشيا.

وكان مالك نادي فيورنتينا، روكو كومسيو، من ضحايا هذه الممارسات، وذلك بعد أن رددت جماهير نادي أتلانتا، خلال المباراة التي جمعت الفريقين في عام 2022، عبارات عنصرية.

وأصدر فيورنتينا بياناً قال فيه: "لقد عشنا تجربة مهينة في ملعب أتلانتا"، وذلك بعد ترديد أهازيج عنصرية لم تصدر عن مشجع واحد فقط، بل عن مجموعة كبيرة كانت متركزة في المدرجات، ولهذا نحن نطالب بتدخل السلطات من أجل تسليط أقسى العقوبات".

وتعرّض الكرواتي إيفان يوريتش، مدرب نادي تورينو في الموسم الماضي، لهتافات عنصرية، خلال المواجهة التي شهدت انتصار فريقه على سبيزيا بأربعة أهداف نظيفة، وواجه المدرب الكرواتي موقفاً صعباً من قبل جماهير منافسه، التي لم تتردد في مهاجمته في نهاية المباراة أو في أثناء فترات اللعب.

ولم يردّ الكرواتي على ما تعرّض له من تصرفات، ولكنّه عبّر في نهاية المواجهة عن استنكاره لما حصل من قبل الجماهير، رافضاً كلّ التجاوزات مهما كان مصدرها.

وتُعتبر الحادثة التي وقعت في عام 2005، وكان ضحيتها نجم منتخب ساحل العاج سابقاً، زورو، من أشهر الحالات التي وقعت في الكالتشيو وأهمها، حين أصرّ اللاعب على عدم استكمال مباراة فريقه ميسينا أمام إنتر ميلانو، وطالب كل اللاعبين بالانسحاب بعد أن كان عرضة لانتهاكات عنصرية، في مشهد وقع تداوله كثيراً في إيطاليا، ولكنه لم يغيّر الممارسات والانتهاكات ضد اللاعبين.

وتعددت أشكال الانتهاكات العنصرية، وكذلك ضحاياها، ولم يقتصر الأمر على اللاعبين فقط، بل شمل المسؤولين والمدربين، وهو ما يُثبت عمق الأزمة التي تواجه كرة القدم الإيطالية، وفشل الاتحاد أو السلطات في إيجاد الحلول لإنهاء مثل هذه الانتهاكات التي تهدد الكالتشيو بشكل خطير.

ورغم أن الانتهاكات العنصرية طاولت معظم الدوريات، إلا أن عددها في إيطاليا كان أكبر من كل الدوريات الأخرى، خصوصاً مع تعدد أشكاله وضحاياه.

المساهمون