الغرب يطلق رصاصاته الأخيرة على قطر!

25 أكتوبر 2022
قطر واجهت الهجمات وصمدت أمام التحديات لتفوز بالرهان مبكراً (كريم جعفر/فرانس برس)
+ الخط -

منذ شهور، بل سنوات، لم تتوقف الحملات الإعلامية الغربية بالخصوص ضد احتضان قطر لمونديال 2022، وقبل الموعد بأيام خرجت الرصاصات الأخيرة من مصابين بفوبيا كلّ ما هو عربي ومسلم، ومرضى النفوس والقلوب والعقول الذين لم يعد ينفع معهم علاج، رغم كلّ المجهودات والإنجازات التي حققتها قطر على مدى عقد من الزمن، وتفنيدها عملياً كل اتهامات الفساد والتعامل غير الإنساني مع العمال والاعتداء على حقوق الإنسان على حدّ قولهم، بالإضافة إلى حجج الظروف المناخية التي لا تناسب إجراء المباريات، ثم انتقاد تغيير موعد البطولة إلى فصل الشتاء "في بلدٍ لا يحترم الحريات ولا يسمح بشرب الخمر ولا بحقوق المثليين، وأنّه يجب تغيير مكان إجرائها أو مقاطعتها بكلّ الأشكال الممكنة، وخاصة أن اختيار قطر كان خطأ"، حسب تعبير الدولي الألماني توني كروس منذ أيام.

كلّ شيء بدأ في ديسمبر/ كانون الأول 2010 عندما فاز الملف القطري بثقة أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي آنذاك، حيث خرجت أصوات تتهم القطريين بالفساد وتقديم رشاوى لم تثبت صحتها رغم كلّ التحقيقات التي قامت بها الولايات المتحدة الأميركية وبلدان غربية أخرى راحت تسوق لنقل البطولة إلى أستراليا أو أميركا بسبب نسبة الرطوبة العالية ودرجات الحرارة المرتفعة التي تعيق إجراء مباريات الكرة في قطر، قبل أن تسقط الحجة بتغيير موعد إجراء البطولة لأول مرة في التاريخ من الصيف إلى الشتاء، وتسقط بعدها حجة فشل قطر وعجزها عن استكمال بناء الملاعب والمرافق بسبب تراجع أسعار المحروقات، والحصار الذي تعرّضت له، ثم تداعيات تفشي وباء كوفيد-19 الذي زاد من كلفة المونديال وتسبب في تعطيل بعض المشاريع.

بالموازاة مع كلّ الحجج الفعلية والواهية، تعرّضت قطر لانتقادات من نوع آخر يتعلق بملف حقوق الإنسان، والمثليين والمرأة، وغياب الديمقراطية والحرية، وكأن أوروبا والولايات المتحدة تنعم بكلّ الحريات والحقوق، فكان ملف حقوق العمال الذين ساهموا في عملية بناء الملاعب والمنشآت، وظروف إقامتهم وعملهم وعدم تلقيهم أجورهم من أكثر المواضيع تداولاً في مختلف وسائل الإعلام الغربية، التي أعلنت عن وفاة الآلاف منهم بسبب حوادث مختلفة ناتجة عن ظروف العمل القاسية، وهي الأمور التي نفتها فيفا وتقارير كلّ التحقيقات التي قامت بها منظمات دولية غير حكومية، أكدت أن الأمر يتعلق بوفاة بعض العمال نتيجة حوادث تحدث بالعشرات والمئات في كلّ بلدان العالم، علماً أن استقدام كلّ هؤلاء العمال كان تحت إشراف شركات عالمية أوروبية وأميركية فازت بصفقات إنجاز المرافق والبنية التحتية في قطر.

السلطات القطرية من جهتها لم تكتف بتفنيد وتكذيب كلّ الادعاءات، بل عملت على تكييف قوانينها مع متطلبات العصر في كل المجالات، بما في ذلك إلغاء نظام الكفالة المعمول به إلى الآن في دول الخليج، لكن ذلك لم يمنع ارتفاع أصوات عديدة على مدى سنوات ماضية في إنكلترا وألمانيا وهولندا والدنمارك مثلاً، تطالب منتخباتها وجماهيرها الكروية بمقاطعة البطولة، قبل أن تلتحق بها أخيراً مدن فرنسية عديدة، من بينها باريس، وتعلن منع عرض المباريات على شاشات عملاقة في مناطق المشجعين، بعدما فشلت في منع إجراء البطولة في بلد عربي ومسلم، فهي منطقة يراد لها أن تبقى تابعة تتفرج على العالم وهو يصنع الحدث كلّ مرة، ولا تستفيد من كلّ التحولات الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والحضارية المرافقة لتنظيم حدث بحجم المونديال.

موقف
التحديثات الحية

بالعودة إلى التاريخ تكتشف أن الغرب بالخصوص كان دائماً يحرك أدواته السياسية وأذرعه الإعلامية لمعارضة من يريد خاصة تنظيم كأس العالم مثلما فعل مع جنوب أفريقيا سنة 2010، لأنه بلد أفريقي، وفعل مع البرازيل سنة 2014، ثم روسيا في 2018 لدواعي غياب الأمن وتفشي الفقر في هذه البلدان، قبل أن يبدأ اللعب على وتر الرطوبة والحرارة، ثم حقوق الإنسان والعمال، منذ فازت قطر بحق تنظيم البطولة، واستمر التشويه والتشويش إلى اليوم، قبل بضعة أسابيع من الموعد رغم كلّ الجهود والنوايا الحسنة التي لم تسلم من إطلاق النار بكلّ الأسلحة المتوفرة.

المساهمون