الروح الرياضية... محمد صلاح نموذجاً

09 فبراير 2022
لفت صلاح الأضواء بعناقه لأشرف حكيمي بعد المباراة (شريف قطب/Getty)
+ الخط -

ظلّت أحداث مدينة أم درمان السودانية في عام 2009، عالقة في ذاكرة الجماهير العربية، التي تخوفت من تكرار المشهد بكأس العرب في قطر، وبعدها كأس الأمم الأفريقية، التي أقيمت في الكاميرون، وحققها منتخب السنغال.

في كأس العرب 2021 لم تفلح محاولات كُثر لإثارة الفتنة بين الجماهير العربية، لأن قطر استطاعت بفضل تنظيمها الجيد، والرسائل التي وجهتها إلى الجميع أثناء المسابقة، نزع فتيل أي أزمة كانت لتحدث بين مشجعي المغرب والجزائر أو تونس والجزائر، أو مصر والجزائر.

لكن الوضع في كأس الأمم الأفريقية اختلف كثيراً، فلا تنظيم جيد في الكاميرون، حيث شاهدنا سلسلة من الفضائح المتواصلة، بداية من فضيحة الحكم سيكازوي في مباراة تونس ومالي، وصولاً إلى ما أسميها مجزرة ملعب "أوليمبي"، التي ذهب ضحيتها 8 أشخاص وأصيب فوق 35 شخصاً بسبب التدافع.

وضعت يدي على قلبي قبل مباراة المغرب ومصر في ربع نهائي "الكان"، لأن هناك بعض الشخصيات المتخصصة في إثارة الفتن، وسعيدة للغاية إن كانت المشاكل والمعارك ستحدث بين اللاعبين في الملعب، ما يعني انتقالها إلى الجماهير، وربما سنشهد أزمة ديبلوماسية، كما حدث في عام 2009.

ورغم محاولات بعض مثيري "المشاكل" والفتن قبل المباراة، عبر بعض البرامج التلفزية، وإشعال النعرات التي أكل عليها الدهر وشرب، ظهرت الروح الرياضية مُتجسدة في محمد صلاح قائد منتخب مصر، الذي تعامل بذكاء مع كل الضغوط.

صحيح أننا شاهدنا معركة طفيفة في المباراة، لكنها طبيعية جداً في عالم كرة القدم، لأن المنافسة تكون خلال 90 دقيقة أو 120 دقيقة (في حال كانت هناك أدوار إقصائية)، وربما لو كان هناك حكم آخر لما شهدنا شيئاً، إلا أن حكمة صلاح وذكاء تعامله أخرجا مشهداً ختامياً رائعاً.

بعد انتهاء المباراة ذهب صلاح إلى جميع نجوم المغرب، حتى يواسيهم لمرارة الخروج، ولعل صورته مع أشرف حكيمي ستظل عالقة في أذهان الجماهير العربية، ورسالته هي (أن المعارك والحروب في عالم كرة القدم، مكانها الملعب)، والخاسر يقدم التهنئة إلى الفائز، فيما سيتقبل الخاسر الهزيمة بكل روح رياضية.

محمد صلاح بروحه الرياضية استطاع التصدي لجميع الأبواق التي حاولت إثارة الفتن بين الجماهير العربية، حتى رأينا تضامناً كبيراً مع منتخب مصر، وكيف وقف المشجعون العرب خلف "الفراعنة" ضد الكاميرون بنصف النهائي، وبعدها في النهائي أمام "السنغال".

موقف
التحديثات الحية

دروس صلاح يجب أن يتم تدريسها لجميع لاعبي وجماهير المنتخبات العربية، الذين يجب عليهم دائماً عدم الانسياق خلف بعض "الأبواق"، التي وجدت لها منفذاً في بعض المنابر الإعلامية أو آذاناً صاغية في مواقع التواصل الاجتماعي، وبأن على الجميع قطع الطريق عليهم، فالمهم لدى المشجع في عالم المستديرة متابعة مباراة جميلة فيها أهداف، دون تحسس أو نعرة أو كراهية، وهذه هي الروح الرياضية.

صلاح أصلح ما حاول البعض إفساده، وقدم درسه المجاني، بعناق أشرف حكيمي في نهاية المباراة، وغيرها من الصور، التي تظهر أن قائد منتخب مصر، يُعد أحد أفضل لاعبي كأس أمم أفريقيا والعالم، ولو كانت هناك جائزة، فإنها ستذهب إلى "فخر العرب" على روحه الرياضية، ورسائله الكثيرة التي وجهها إلى الجميع.

المساهمون