في إيطاليا مقولة شهيرة ما تزال صامدة حتى الآن، يتداولونها دائماً في نقاشاتهم المتعلقة بكرة القدم "الهجوم القوي يجعلك تفوز بالمباريات، الدفاع القوي يجعلك تفوز بالبطولات".
البلد الذي بنى عراقته في كرة القدم حول هذا الموضوع لن يكون سهلاً عليه أن يغيره، رغم الثورة التي أحدثها مانشيني في بطولة أمم أوروبا الأخيرة، تلك الثورة التي جعلت المنتخب الإيطالي يبحث دائماً عن الاستحواذ وصناعة اللعب مع الضغط العالي، تلك الثورة التي يسوق لها الكثيرون في ايطاليا كي تنسحب على الأندية أيضا، لكن ذلك لن يكون سهلاً أبداً.
ففي مواجهة هؤلاء هناك من يعتبر أن إيطاليا لا يمكنها أن تتخلى عن مميزاتها، وأنها فازت في بطولة اوروبا تحديداً بسبب قوة دفاعها مع كيليني وبونوتشي، وأنه لا يمكنها أن تقلد الأخرين "نحن أقوياء لأننا هكذا، إسبانيا، ألمانيا وإنكلترا كل بلدٍ له خصائصه في كرة القدم، ربما ألمانيا هي الاقرب لنا لكن لا ينبغي أبداً أن نقلد أحد".
هكذا قال أليغري قبل مباراة تشلسي، أليغري الذي يعتبر من أبرز واهم المدافعين عن التكتيك الإيطالي بشكله الذي اشتهر به أكمل حديثه بسؤال عما يعنيه اللعب جيداً، "أريد أن أعرف، الدفاع المميز ألا يعتبر لعبا جيداً؟".
هذا هو النقاش الذي لا ينتهي في عالم كرة القدم، الدفاع والهجوم، ينقسم الجمهور حولهما، طبعاً مع أبيرة لمحبي الهجوم، هذا أمر طبيعي، فالجمهور عادة يحب أن يتماهى مع اللاعبين الذين يسجلون الأهداف أو يصنعونها، هم الذين صنعوا شهرة كرة القدم لا نقاش في ذلك، لكن ما يبدو غريباً أن البعض في الزمن الحالي من الذين يملكون دوراً في صناعة الرأي العام في عالم كرة القدم يهملون قوة وجمالية الجانب الدفاعي، معتبرينه نوعا من الفشل في عالم اللعبة.
في بعض النقاشات مع الزملاء الايطاليين، قلقهم الكبير بالنسبة للمنتخب حاليا ليس بسبب غياب المهاجم المميز، بل أن لا بديل لكيليني يلوح في الأفق، إن المدافعين مثله لم يعودوا موجودين، التركيز حاليا في المدارس الكروية هو على تكوين مدافع يجيد صناعة اللعب، لكن بالنسبة لهم المدافعون مثل كيليني هم من يحسمون الكثير من المواجهات، أمثلة بطولة أوروبا الأخيرة ما تزال في أذهان الجميع، بل إن صورة كيليني وهو يشد ساكا من قميصه هي أشهر صور المسابقة وأقواها أثراً.
في مواجهة تشلسي مثلاً، قدم يوفنتوس مع أليغري مثالاً كبيراً للفكرة التي يحبها مدرب يوفي ويدافع عنها، لفريق يدافع بتنظيم كبير، يمنع بطلي أوروبا من التسديد على مرماه، ينطلق في الهجمات المرتدة كي يحاول التسجيل والفوز بالمباراة، وفي مواجهته كان تشلسي يستحوذ على الكرة أغلب الوقت، دون فائدة تذكر، لدرجة أن من يتابع المباراة كان يعتقد أنها يمكن أن تستمر حتى اليوم التالي دون أن يُسجل تشلسي.
وصحيح أن ذلك ليس قاعدة تنجح دائماً، أساساً لا وجود لقاعدة تنجح دائما في عالم كرة القدم، لكن الصحيح أيضاً أن تطبيق الدفاع بهذه الطريقة أمر صعب جداً، يحتاج لعمل الفريق كله كمجموعة، لمشاركة الجميع، إن الدفاع فن كبير ليس من السهل تطبيقه، هو الذي يجعلك أيضاً تفوز بالألقاب.