إنييستا ومودريتش..في حضرة وجهي عملة الكرة الجميلة

20 يونيو 2016
ثنائي من ذهب..ملوك وسط الميدان (العربي الجديد/غيتي)
+ الخط -

تستحق مباراة إسبانيا وكرواتيا أن تكون قمة مرحلة المجموعات، لقاء بين فريقين يقدمان مستوى رائعا، مع تقارب شديد في جودة اللاعبين، بالإضافة إلى نتائج جيدة في النسخة الحالية حتى الآن، وبالطبع لا صوت يعلو فوق صوت معركة الوسط، الخط الذي يضم خيرة نجوم القارة العجوز، في مواجهة ستحسمها أدق التفاصيل في الطريق إلى مباريات خروج المغلوب.

مباراة الأسبوع
يريد كل فريق الصعود من الباب الكبير وخطف بطاقة المركز الأول، حتى يؤكد قوته في الأدوار المقبلة، ويبتعد عن مواجهات معقدة قد تقصيه مبكرا أو ترهقه قبل النهائي، وبالتالي سيلعب المنتخبان على الفوز، لأن كرواتيا لن تدافع أمام الإسبان، بل نستطيع القول إن المنتخب الكرواتي لا يعرف الدفاع من الأساس، نتيجة ما يملكه من مواهب قوية في الثلث الهجومي الأخير.

وتعتبر هذه المباراة مختلفة على الصعيد التكتيكي، لأن الماتادور يلعب بطريقة مميزة هذا العام، مع الحفاظ على طريقة لعب 4-3-3، بسرعة أكبر وقدرة أوضح على الاختراق العمودي، بينما يميل المنافس إلى السيطرة والاستحواذ، نتيجة حصوله على أكثر من لاعب مميز في هذا المكان، مودريتش، بيرسيتش، وراكيتيتش، ثلاثي يستطيع فرض كلمته مهما كانت الظروف.

وبعيدا عن استراتيجية كل جانب، من الممكن تسمية هذه القمة بأنها "ثنائية إنييستا ومودريتش"، حتى وإن لم يشارك النجمان بصفة أساسية في المباراة، خصوصا مع وجود أقاويل ترجح إراحة لوكا، حتى يكون جاهزاً بشكل لائق لمباراة ثمن النهائي، لكن حقا ما قدمه هذان الاسمان أمر غير تقليدي في يورو 2016.

ضد التخصص
الجماعية جزء لا يتجزأ من اللعبة، الفريق الناجح يضغط بشكل مميز، عندما يهاجم يجد بدائل عديدة، لكن هناك فرق بين الفريق الذكي الذي يضم مجموعة رائعة من اللاعبين والفريق الجماعي الذي يلعب بنظام الوحدة، وتواجد ثنائي بقيمة إنييستا ومودريتش يجعل منتخبات إسبانيا وكرواتيا تدافع وتهاجم بشكل أفضل، فيما يتعلق بالتحكم في نسق المباريات وضبط لعبة التحولات.

يزيد الحديث في السنوات الأخيرة عن دور كل لاعب داخل أي فريق، وهل المدافع يجب عليه أن يركز فقط على رقابة مهاجم الخصم ، أم يكون له دور في الجانب الدفاعي للفريق، مع مسميات تندرج تحت فكرة تبادل المراكز والتحول من مكان لآخر داخل الملعب، في دلالة على أن الجمود التكتيكي هو السائد في السنوات الأخيرة وأكبر دليل على ذلك، وجود لاعب ارتكاز دفاعي، وآخر مساند، وثالث هجومي.

وفي عالم الانتقالات، يحاول كل ناد البحث عن اللاعب الذي يريده، يريد فريق ما لاعب وسط، لكن هل هذا اللاعب يجيد الدفاع فقط كنغولو كانتي مثلا، أو يلعب بشكل مضاعف هجوميا كبيانيتش، أو يشارك في كافة مناطق الملعب مثل فيدال. فقط أسماء مثل إنييستا ومودريتش هي من تقدر على الهروب من التخصص الخططي القاتل، واللعب في كافة مناطق الوسط، إنها الشمولية الكروية في أقوى لحظاتها.

الأفضل
يلعب إنييستا محافظا على بريقه منذ سنوات عديدة، إنه أعظم لاعب وسط من بين كل لاعبي هذا الجيل، بل يدخل بجدارة ضمن قائمة الشرف عبر تاريخ المستديرة، بسبب قوته في كافة المباريات الكبيرة، وتمتعه بمهارتي المراوغة والرؤية في آن واحد، ليجيد بشدة اللعب في العمق وعلى الأطراف، لذلك يحصل على مركز أساسي مع أي مدرب.

أندريس لاعب وسط من طراز خاص، بدأ مسيرته كلاعب وسط مهاجم صريح، يحصل على الكرات ويخترق بمهارته في إتجاه المرمى، لكنه تألق بشدة في مركز لاعب الارتكاز الدفاعي خلال فترة فرانك ريكارد، وأجاد الرسام في هذا المكان الغريب خلال شامبيونزليغ 2006، خصوصا في مباراة بنفيكا بربع النهائي، حينما لعب أمام خط الدفاع، وقدم مباراة مثالية.

كذلك حصل اللاعب على دور الجناح في غياب رونالدينيو خلال آخر فترات ريكارد، وبعد اعتزال تشافي هيرنانديز، وضعه لويس إنريكي في منطقة الوسط الأمامي، لكن مع خصائص أكبر تجعله يميل إلى الطرف لمساندة نيمار، ويعود إلى الدائرة كي يتحكم في نسق المواجهات بالقرب من بوسكيتس، إنه لاعب المواقف الصعبة ونجم اللحظات المفصلية في تاريخ جيل كروي حصل على كل شيء ممكن.

المختلف
وصف ويلسون صاحب كتاب قلب الهرم لوكا مودريتش بأنه صانع لعب استثنائي، ووضعه في منزلة مختلفة للغاية، لأنه جاء بعد عصر ريكلمي ورفاقه، صناع اللعب القدامى في المركز 10، لكن الكرواتي شبيه كرويف يستطيع صناعة اللعب من أماكن بعيدة عن المرمى، ويقدم نسخة متكاملة من صانع اللعب غير التقليدي في كرة القدم.

يلعب مورديتش في مركز الوسط الصريح مع كرواتيا، لاعب في المركز 6 في المنتصف، يربط بين الارتكاز الدفاعي ونظيره الهجومي، وتألق من قبل مع توتنهام في مركز صانع اللعب الصريح، عندما تواجد خلف ثنائي محوري في المنتصف، كذلك وصل إلى القمة مع كارلو أنشيلوتي في شامبيونز 2014، حينما لعب كلاعب وسط حر بين الدفاع والهجوم.

ينجح لوكا في خطة 4-4-2 لأنه صانع لعب بمواصفات دفاعية تؤهله إلى شغل الفراغات في وبين الخطوط، كذلك ينجح بوضوح مع 4-3-3، الطريقة التي تعطي أهمية مضاعفة لنجوم المنتصف، وبالتالي نحن أمام ثنائي مختلف وعبقري، سيكون له كلمة عليا في ما تبقى من هذه البطولة، وربما سيكون أحدهم رجل اليورو في النهاية!

المساهمون