90 في المائة من حرائق غابات تونس تُقيّد ضدّ مجهول

26 مايو 2022
تمثّل الحرائق الصيفية الخطر الأكبر في تونس (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

تخطّط السلطات التونسية هذا العام لحماية أكبر قدر ممكن من الغطاء النباتي، بعدما تسبّبت حرائق العام الماضي في إتلاف ألفَي هكتار من الغابات، الأمر الذي يستلزم سنوات لإعادة إنباتها.

وتمثّل الحرائق الصيفية الخطر الأكبر الذي يهدّد الغطاء النباتي والمحاصيل الزراعية في تونس، لا سيّما أنّ التشخيص الذي تعدّه مصالح الغابات لم يكشف بعد الأسباب الحقيقية لاندلاع الحرائق التي تُقيَّد 90 في المائة منها ضدّ مجهول.

ويقول مدير تنمية الغابات والمراعي في وزارة الزراعة جمال كعيلان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القرائن تؤكّد أنّ الحرائق التي تنشب في غابات تونس تحدث بفعل فاعل، أي أنّها مفتعلة، غير أنّه لا يُصار إلى التعرّف إلى مقترفيها، وبالتالي تُنسَب إلى مجهولين في 90 في المائة منها".

ويضيف كعيلان أنّ "الحرائق قد تكون ناجمة عن سوء تقدير أو إهمال في معظم الأحيان، غير أنّها تخلّف خسائر كبيرة في الغطاء النباتي، خصوصاً على الشريط الغربي الحدودي مع الجزائر".

ويشدّد كعيلان على أنّ "التدخّل السريع من قبل المصالح الغابية هو السلاح الأنجع للحدّ من الخسائر"، فيما أشار إلى أنّ "هذا التدخّل لا يكون متاحاً في بعض الأحيان في المناطق العسكرية المغلقة، الأمر الذي يزيد من خطر انتشار النيران وتوسّعها لتطاول مساحات شاسعة".

ويلفت إلى أنّ "نوعية الغطاء النباتي التونسي المؤلّف من أشجار الزان والصنوبر تُعَدّ سريعة الاشتعال، وهو ما يجعل الخسائر كبيرة".

وفي سياق متصل، يؤكّد كعيلان أنّ "حملة التشجير الوطنية التي انطلقت في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حقّقت نتائج جيّدة من خلال زرع 2.2 مليون شتلة"، مشيراً إلى أنّ "الجهد سوف يستمرّ من أجل تجديد الغطاء النباتي التالف من جرّاء النيران التي تهدّد كذلك المحاصيل الزراعية". 

ويوضح كعيلان أنّ "290 حريقاً سُجّلت في المناطق الغابية، وحرّاس الغابات هم السلاح الأوّل لحراسة تلك المناطق، خصوصاً أنّهم الأدرى بشعابها ومسالك التدخّل السريع فيها عند نشوب النيران".

وتسعى السلطات هذا العام، بحسب الاستراتيجية الوطنية للتوقّي من الحرائق، إلى دعم الحراسة عند حدود المساحات المستهدفة وتعزيز سرعة التدخّل عبر أعوان الغابات في مرحلة أولى. وبحسب ما تشير إليه الأرقام الوطنية، فإنّ معدّل التدخّل لإطفاء الحرائق يُسجَّل في حدود 15 دقيقة، غير أنّ السلطات تعمل على تقليصه عبر زيادة فاعلية حرّاس الغابات وسرعة التنسيق مع قاعة العمليات المركزية والنقطة الأولى لوسائل الدفاع المدني.

وتشارك أكثر من 600 منظمة مدنية في الجهود الوطنية الخاصة بالتشجير، عبر اتفاقيات موقّعة بينها وبين مصالح وزارة الزراعة التي توفّر الشتول والمساعدة اللوجستية.

ويقول زموري شريف، الناشط في جمعية "سولى قرين"، التي تساهم في الحملة الوطنية للتشجير، إنّ "الجمعية نجحت خلال موسمَين في غرس نحو نصف مليون شجرة، على الرغم من تقطّع الحملات نتيجة الأزمة الصحية الناجمة عن وباء كورونا". ويضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "الجمعية نجحت في حشد 600 متطوّع، شاركوا في حملات التشجير بمعدّل 100 مشارك في كلّ عملية".

لكنّ شريف يرى أنّ "الأرقام المحققة ما زالت بعيدة عن الأهداف المرسومة، أي غرس 12 مليون شجرة، بمعدّل شجرة واحدة لكلّ تونسي"، مشدّداً على أنّ "التحدي البيئي كبير جداً في ظلّ تصاعد الحرائق ومخاطر التغيّر المناخي التي تؤثّر بشكل مباشر على حياة المواطنين ومَواطن الرزق في المناطق الغابية".

المساهمون