استمع إلى الملخص
- تطالب جمعيات حقوقية بإلغاء عقوبة الإعدام، معتبرة أنها ليست رادعة وتحمل خطر الأخطاء القضائية، بينما يرى آخرون ضرورتها لردع الجرائم الخطيرة.
- المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو لحوار وطني حول إلغاء الإعدام، مشيرًا إلى ارتفاع الشكاوى المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ما يعكس التحديات في الولوج إلى الخدمات الأساسية.
بلغ عدد المحكوم عليهم بعقوبة الإعدام في المغرب إلى حدود سنة 2023، 83 شخصاً، وفق التقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة دستورية تُعنى بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها) الذي تم الكشف عنه، الثلاثاء، في العاصمة الرباط.
وبحسب التقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بلغ عدد المحكوم عليهم بالإعدام 83 شخصاً، منهم 81 مداناً صدرت في حقهم أحكام نهائية، إضافة إلى حكمين ابتدائيين صدرا خلال سنة 2023.
ويعود تاريخ تنفيذ آخر عقوبة إعدام في المغرب إلى سنة 1993، وذلك في حق ضابط شرطة اتهم في قضايا أخلاقية. وبالرغم من ذلك، يستمر القضاء المغربي في إصدار العقوبة في حق مدانين بعدد من الجرائم المختلفة وسط جدل متكرر حول إلغائها، ودعوات إلى العمل بها عند وقوع قضايا كبرى تثير الرأي العام.
أصوات ضد الإعدام في المغرب
وتسعى عشرات الجمعيات والهيئات الحقوقية المناهضة للإعدام في المغرب من خلال مؤتمرات وندوات ولقاءات، للضغط لإلغاء هذه العقوبة بشكل تام من القانون الجنائي، متفائلين بأن الإعدام "يحكم به ولا ينفذ" في البلاد.
وتنطلق تلك الجمعيات والهيئات في دفاعها عن إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب من المادة 20 من الدستور المغربي لعام 2011 التي تنص على أن "الحق في الحياة هو أسمى حقوق الإنسان"، ومن كونها ليست النموذج الأمثل للسياسة العقابية، إذ لا تجدي شيئاً في ما ترمي إليه العقوبة من ردع. كما يدفعون أيضاً باحتمال الوقوع في خطأ قضائي وبكونها عقوبة غير عادلة ولا منطقية، وأقرب إلى التشفي والانتقام.
في المقابل، يرى المؤيدون لعقوبة الإعدام أن الحكم بها وسيلة لردع الجناة وثنيهم عن ارتكاب الجرائم، وخفض معدلات الجريمة. كما أنهم يعتبرونها عقوبة عادلة، إذ إن الجاني سيعامل بمثل ما اقترفه.
وينص القانون الجنائي المغربي الحالي، على أن عقوبة الإعدام تطاول مرتكبي جرائم تصل إلى 31 جريمة، منها ما يرتبط بالاعتداء على حياة الأسرة المالكة، وأمن الدولة وسلامتها، والإرهاب، والقتل العمد والتسميم.
ومنذ استقلال المغرب عام 1956، وخلال الفترة الممتدة من 1961 وإلى 1993، نفذ حكم الإعدام بحق 54 شخصاً بينهم 3 فقط أدينوا بجرائم الحق العام، في حين أعدم 51 شخصاً في قضايا ذات طابع سياسي.
إلى ذلك، دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تقريره السنوي الصادر اليوم الثلاثاء، إلى وضع منهجية واضحة من طرف الحكومة والبرلمان لتنظيم حوار وطني حول إلغاء هذه العقوبة، والذي شكل التزاماً سابقاً ورد في خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان 2018-2021، وفي تفاعل المغرب مع مجلس حقوق الإنسان في إطار الاستعراض الدوري الشامل، والتصويت لمصلحة توصية وقف تنفيذ عقوبة الإعدام.
من جهة أخرى، سجّل تقرير المجلس تزايد عدد الشكاوى والطلبات، إذ توصل وآلياته الوطنية ولجانه الجهوية بـ 3318 شكوى، منها 280 شكوى من نساء أو فتيات ضحايا العنف، و276 شكوى تهم حقوق المهاجرين، وارتفاع وتيرة لجوء الأفراد والمجموعات إلى الشكوى لدى اللجان الجهوية، ياعتبارها آليات انتصاف على المستوى المحلي.
كذلك، سجّل المجلس تزايد نسبة الشكاوى المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مؤشراً على حجم التحديات التي يُواجهها الأفراد في الولوج إلى الخدمات الأساسية المرتبطة بهذه الحقوق وتزايد الشكاوى المتعلقة بالحق في بيئة نظيفة ومستدامة والحق في الماء، وهو ما يمكن تفسيره بالأوضاع الصعبة المرتبطة بحالة الإجهاد المائي غير المسبوق الذي عرفته البلاد منذ سنة 2022 والذي تواصل سنة 2023، وفق التقرير.
وإلى جانب ذلك، رصد المجلس اتساع مجالات الشكاوى المتعلقة بالمس بالحياة الشخصية، "وهو ما يعكسه تزايد لجوء المواطنين إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان باعتباره آلية انتصاف غير قضائية".