تزداد الأوضاع الإنسانية سوءاً في أحياء معظم مدن وبلدات محافظة درعا في الجنوب السوري، في الوقت الذي تتّجه فيه أحياء درعا البلد في مركز المحافظة نحو كارثة إنسانية بعد دخول الحصار يومه الخامس والستين، صباح اليوم الجمعة. بالتالي تتفاقم معاناة الأهالي في تلك الأحياء التي تشهد شحاً في المواد الغذائية والمياه وتعاني من أزمة صحية مع إغلاق النقطة الطبية الوحيدة فيها.
يؤكد الناشط أبو محمد الحوراني لـ"العربي الجديد" أنّ "الحال بالنسبة إلى المحاصرين في درعا البلد يزداد سوءاً يوماً بعد آخر. هذا هو اليوم الخامس والستون على حصار درعا البلد، والأهالي يعيشون على ما بقي لديهم من مؤونة متوفّرة في البيوت، فيما انقطاع الكهرباء مستمر. كذلك ما زال حليب الأطفال مفقوداً، ولا كوادر طبية متوفّرة في حين أنّ النقطة الطبية الوحيدة التي كانت في المنطقة استُهدفت من قبل قوات النظام السوري في بداية الحملة الأخيرة، علماً أنّ عدد الجرحى كبير نتيجة القصف المستمر أو الاستهداف المباشر بالقنص.
يضيف الحوراني: "خرج أمس 79 شخصاً (من بينهم خمسة مقاتلين والبقية رجال ونساء وأطفال مدنيّون) إلى الشمال السوري، وقبلها بيوم خرجت مجموعة مؤلّفة من ثمانية شبان إلى الشمال كذلك من معبر أبو الزندين، وسط القصف المستمر". ويتابع أنّ "قوات النظام تجد دائماً ذريعة لاستهداف المدن والبلدات في درعا. ويوم أمس، استهدفت سيارة لجيش النظام على طريق طفس من قبل مجهولين فاتُّهمت فصائل الجيش الحر السابقة بذلك، ونتيجة ذلك استهدف النظام مدينة طفس بنحو 40 صاروخاً من منطقة تل جموع بشكل مباشر، ما أدّى إلى استشهاد امرأة وإصابة سبعة أشخاص آخرين على الأقلّ بجروح".
ويتحدّث الحوارني كذلك عن "نقص كبير في الأدوية وحليب الأطفال، مع عدم توفّر نقاط طبية ومستشفيات، الأمر الذي أدّى إلى تدنّي الخدمات الطبية بشكل حاد. كذلك يعاني مرضى السكري والمصابون الآخرون بأمراض مزمنة مختلفة من شحّ كبير في أدويتهم، وثمّة من يُجبر على جلبها من الخارج وتحمّل نفقات كبيرة".
وفي مدينة طفس، لا يختلف الواقع الإنساني كثيراً عن الواقع في الأحياء المحاصرة بمدينة درعا. ويوضح الناشط يحيى حرير، ابن المدينة والمقيم فيها، لـ"العربي الجديد"، أنّ "المحافظة عموماً تعاني من شحّ في المياه، وذلك بسبب انقطاع الكهرباء المستمر وعدم توفّر الوقود. والوضع صعب حالياً بسبب الغلاء، فيما الأهالي يحصلون على الغاز مرّة كل خمسة أشهر، وإن توفّر في السوق السوداء يكون لقاء ثمن باهظ جداً".
ويشير حرير إلى "نقص حاد في المواد الأساسية والخبز، إذ يتوفّر مخبز واحد في المدينة يعمل يومَين في الأسبوع فقط، فتكون حصّة الشخص يومياً رغيفاً واحداً في اليوم. كذلك فإنّ أمراضاً نتجت عن تراكم النفايات بسبب غياب نشاط البلديات وعدم وجود جهة مسؤولة عن رفع تلك النفايات. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ قطع الطرقات وغياب الأمن فاقما تدهور الوضع الأمني وتسبّبا في انتشار السرقات".
وفي سياق متصل، يؤكد عماد المسالمة، وهو أحد وجهاء أحياء درعا البلد لـ"العربي الجديد"، أنّ "العوائل المحاصرة لم تعد تملك طحيناً في المنازل، والخبز إن توفّر يكون بأسعار مرتفعة تفوق قدرة المواطنين على شرائه، في حين تصل المياه إلى البيوت مرّة واحدة كلّ عشرة أيام. أمّا الخضار فهي ممنوعة عن المحاصرين في هذه الأحياء".
وكانت قوات النظام السوري قد أطبقت حصاراً خانقاً على أحياء درعا البلد في 24 يونيو/ حزيران الماضي، وقد فصلت أحياء درعا البلد عن باقي أحياء المدينة، فرفعت سواتر ترابية ورصد قناصة تابعون لها الممرات التي قد تتيح للأهالي نقل المواد الغذائية. وقد تركت حاجزاً واحداً تتحكم فيه بكل ما يدخل إلى هذه الأحياء، أُطلق عليه "حاجز السرايا".