وذكرت "الجمعية الوطنية للمحامين الشباب" التي كانت قد أعلنت عن تنظيم الدورة حول "الآليات الوطنية والدولية لحماية نشطاء حقوق الإنسان"، في بيان، أنّها فوجئت بمسؤولي الفندق المستضيف للدورة يخبرونها بحضور رجال السلطة المحلية، وتبليغهم أمراً شفوياً بعدم تنظيم الدورة، بدعوى عدم حصول الجهة المنظمة على ترخيص بتنظيم النشاط.
وأبدت الجمعية استغرابها الشديد لمنع الدورة، متسائلة عن الدوافع الكامنة وراءه، وما إذا كانت نابعة من جهل بمقتضيات المادة 3 من قانون التجمعات العمومية، والذي ينص على أنّ الاجتماعات العمومية حرة وتخضع، فقط، لتصريح مسبق، فيما تنص الفقرة الأخيرة من المادة نفسها على أنّ الجمعيات المؤسسة قانونياً معفاة منه وليست ملزمة بسلوكه عندما تعقد اجتماعات لها غاية ثقافية.
ويأتي قرار منع الندوة، المدعومة من السفارة الهولندية، في سياق التوتر الذي تشهده العلاقات بين الرباط وأمستردام، على خلفية ملف "حراك الريف"، حيث عبرت الحكومة المغربية، أخيراً، عن رفضها "تدخل هولندا في الشؤون الداخلية للمملكة".
واعتبر وزير الثقافة والشباب والرياضة، المتحدث الرسمي باسم الحكومة المغربية، الحسن عبيابة، التقرير الذي أنجزه، أخيراً، وفد برلماني هولندي حول "حراك الريف" بعد زيارته المنطقة، ولقائه عائلات المعتقلين "تدخلاً في الشؤون الداخلية للمغرب".
وأعلن عبيابة، الأسبوع الماضي، أنّ المغرب يرفض بشكل قاطع التدخل في شؤونه الداخلية من أيّ جهة كانت، وقال: "نحن دولة ذات سيادة، ولا نقبل من أيّ جهة كانت أن تأتي إلى المغرب لتنجز تقارير أو تضغط عليه". ووصف ما قام به وفد البرلمان الهولندي، خلال زيارته للحسيمة ولعائلات معتقلي "حراك الريف"، بأنّه "عمل مرفوض، سواء على المستوى المحلي أو الدولي أو القاري". وقال: "لا يمكن لبرلمان أو جهة أن تنجز تقارير تتحدث فيها عن شؤون داخلية للمغرب".
وكانت البرلمانيتان الهولنديتان ساديت كارابولوت وليليان مارينسن، المنتميتان إلى "الحزب الشعبي" الهولندي، قد أصدرتا، الأسبوع الماضي، تقريراً عقب زيارتهما منطقة الريف في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، ولقائهما عائلات معتقلي الحراك، طالبتا فيه وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك بكشف موقفه من المحاكمات، التي طاولت ناشطي "حراك الريف" في المغرب، ومدى استعداده للحديث علناً عن القضية، وتبنيه مطلب إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الملف.
وقالت البرلمانيتان الهولنديتان، في التقرير، إنّ "تجاوب السلطة مع الحراك لم تكن بالشكل الكافي" وإنّ "أغلب شباب المنطقة باتوا يفضلون الهجرة نحو الديار الأوروبية لضمان أفق أفضل". وأشارتا إلى أنّ "بعض المحكوم عليهم بالسجن يقضون عقوبتهم في ظروف سيئة".
وتعيش العلاقات الهولندية المغربية في السنوات الثلاث الماضية على وقع الأزمة، بعد مطالبة المغرب هولندا تسليم البرلماني السابق سعيد شعو، بعد اتهامه بتحريك الاحتجاجات في الريف. كذلك، أثار رفع وزير الخارجية الهولندي، في سبتمبر/ أيلول 2018، تقريراً حول "حراك الريف" إلى برلمان بلاده، أزمة دبلوماسية جديدة وصلت إلى حد استدعاء السفيرة الهولندية بالرباط إلى مقر وزارة الخارجية المغربية لإبلاغها احتجاجها الرسمي على مواقف صادرة عن وزير الخارجية الهولندي، فيما ألغي عدد من اللقاءات الدبلوماسية بين الجانبين، أبرزها زيارة كانت مرتقبة لوزير العدل المغربي السابق محمد أوجار، إلى العاصمة الهولندية أمستردام.