تزداد معاناة النازحين العراقيين الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم منذ أكثر من ست سنوات، في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وندرة الرعاية الطبية وعدم توفر الخدمات، مع تأكيد السلطات عدم توافر البيئة الملائمة لعودة جميع النازحين إلى مناطقهم.
وحددت مفوضية حقوق الإنسان العراقية، الثلاثاء، 4 معوقات تحول دون عودة النازحين من المخيمات إلى مناطقهم، وقال عضو المفوضية، فاضل الغراوي، في بيان، إن "المعاناة الإنسانية لآلاف النازحين متواصلة بسبب بقائهم في المخيمات ومناطق النزوح لفترة طويلة، إذ إنهم يتعرضون لصدمات نفسية ومشاكل صحية، وفقد العديد من الأطفال حقهم في التعليم".
وأضاف الغراوي أن " المعوقات تتمثل في عدم صرف التعويضات، وتأخر تأمين متطلبات العودة الطوعية، وعدم إعادة إعمار المناطق المدمرة، وعدم معالجة الأوضاع الاقتصادية للنازحين"، داعياً الحكومة إلى "تحمل مسؤوليتها القانونية والإنسانية بغلق كافة المخيمات داخل العراق، والبالغ عددها 26 مخيماً، وإعادة النازحين طوعاً إلى مناطقهم، وتقديم منحة عودة لكل عائلة نازحة بقيمة خمسة ملايين دينار (4300 دولار أميركي)، خصوصاً بعد تحسن إيرادات الموازنة العامة، وإخضاع النازحين، وخصوصاً النساء والأطفال، إلى برامج التأهيل النفسي والدعم الثقافي والعلمي".
لكن حقوقيين عراقيين يؤكدون أن السبب الأبرز في استمرار أزمة النازحين هو سيطرة المليشيات المسلحة على عدد غير قليل من المدن والبلدات والقرى، ومنع أهلها من العودة بحجج وذرائع مختلفة، وأبرزها جرف الصخر، ويثرب، والعوجة، والسعدية، والعويسات، والثرثار، وذراع دجلة، ومناطق أخرى في شمالي وغربي البلاد.
وقال الناشط الحقوقي، علي فاضل، لـ"العربي الجديد"، إن "ما لا يقل عن 11 منطقة تمنع المليشيات من إعادة السكان إليها لأسباب طائفية. مليشيا كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، والطفوف، والنجباء، وسيد الشهداء وغيرها تواصل السيطرة على المدن، واستغلال أراضي وممتلكات السكان في أنشطة خاصة بها، ويبلغ مجموع سكان تلك المناطق ما لا يقل عن 400 ألف عراقي يقيم أغلبهم في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات حقوق الإنسان".
وأكد عضو لجنة الهجرة والمهجرين السابق في البرلمان، ماجد شنكالي، لـ"العربي الجديد"، أن السلطات العراقية لا تمتلك الجدية الكافية لإعادة ترتيب حياة النازحين الذين أتعبتهم الحياة الصعبة في المخيمات، كما أنها أغلقت عليهم المخيمات من دون توفير الاحتياجات الأساسية، ومنها المساكن والخدمات والوظائف، مبيناً أن "المناطق المحررة التي لم يعد إليها إليها سكانها الأصليون بعد لا تزال معظمها منكوبة، وتسيطر عليها جماعات مسلحة تمنع عودة الحياة إليها".
وأكمل أن "الحكومة مطالبة بإنهاء ملف النزوح بعد ست سنوات من تحرير الأراضي العراقية من سيطرة تنظيم (داعش)، وأن هذا الإهمال يسبب حالياً نقمة متزايدة من النازحين أنفسهم، ومن القوى السياسية الرافضة لسياسة التنكيل والتهميش لهذه الشريحة".
ووجه رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، سابقا، بإغلاق مخيمات النازحين في بادرة لإنهاء الملف الذي لم تتمكن الحكومتان السابقتان من إقفاله، وقوبل هذا بمباركة غالبية القوى السياسية التي تمتلك فصائل مسلحة تسيطر على المدن المحررة، لكن سياسيين ومنظمات حقوقية وإنسانية حذروا من هذا الإغلاق.
واعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في بيان، أن عمليات إغلاق مخيمات النازحين في العراق من دون إعطاء مهل كافية تؤدي ببعض سكان هذه المخيمات إلى "التشرد والفقر"، لافتة إلى أن "على السلطات إعطاء حرية التنقل لسكان المخيمات التي كانت بمثابة سجون في الهواء الطلق".