المدرسة في الخيمة

02 سبتمبر 2014
أطفال سوريون في مدرسة داخل مخيم تركي (GETTY)
+ الخط -

مع استمرار الحرب الدائرة على الأراضي السورية وتواصل موجات اللجوء إلى دول الجوار، بات التعليم أبرز المشكلات إلى جانب الفقر وانعدام الأمن.

في مخيم صالح المقام قرب مدينة زحلة اللبنانية، أقيمت مجموعة من الخيام للاجئين السوريين، مشمعات قديمة تستند إلى أعمدة خشبية، تلفها قطع من الصفيح.

سليمان راشد أحد الأساتذة المتطوعين لتدريس الأطفال السوريين، يحمل إجازة في الأدب العربي من جامعة دمشق. لجأ إلى لبنان بعد استدعائه من قبل الاستخبارات السورية. يقول لـ"العربي الجديد": "تأسست المدرسة قبل أشهر عدة، خيمتان للتلاميذ المبتدئين والمتقدمين. لكن على الرغم من الجهود المبذولة تبقى البيئة غير مناسبة للتعليم".

يضيف سليمان: "هناك ضغط على الصفوف بالنسبة إلى تلاميذ المرحلة الابتدائية، إذ يصل عدد التلاميذ في الخيمة الواحدة إلى ثلاثين، فضلاً عن أزمة خطة التدريس المختلطة بين برامج لبنانية وسورية، بالإضافة إلى غياب المتابعة. في الوضع الطبيعي لا بد من أن تتابع الأسرة التلميذ بعد خروجه من المدرسة، والواقع أن أغلب الأسر مشغولة بتأمين لقمة العيش، أو أن الأب أو الأم استشهد أو اعتقل".

في المقابل، ترى المشرفة ضمن منظمة "معاً" لتعليم اللاجئين السوريين في مخيمات سهل البقاع سلمى عقيل، أن زيادة أعداد اللاجئين تجعل التعليم أبرز المشكلات التي ترافقهم "مجرد مواصلة الأطفال الدراسة، حتى وإن كان في خيمة إنجاز في هذا الظرف الصعب". تضيف لـ"العربي الجديد": "المشكلة الأساسية هي نقص التمويل، تم التواصل مع وزارة التربية اللبنانية لاستيعاب جزء من الأطفال السوريين في المدارس الحكومية، لكن الوزارة تحتاج إلى دعم مالي لفتح صفوف مسائية وتوظيف مدرسين جدد".

"الزعتري" مخيّم في الأردن ارتبط اسمه بكل أنواع معاناة السوريين. لم يكن الحال أفضل بالنسبة إلى واقع التعليم، إذ أقيمت في المخيم أربع مدارس سعودية وقطرية وبحرينية وكويتية، يصل فيها عدد التلاميذ في القاعات الصفيّة إلى مئة. وغالباً لا يصل صوت المدرّس إليهم.

نائل الزعبي مدرّس رياضيات، ناقم على وضع التعليم في "الزعتري" لدرجة يصفها بـ"الضحك على اللحى". يقول بانفعال لـ"العربي الجديد": "هذا ليس تعليماً، مئة طفل في الصف الواحد، مناهج وكتب تسلم بعد بدء العام الدراسي بشهرين، أساليب تعليم لا تراعي نفسية أطفال نازحين من حرب، كما أننا لا نشرف بشكل مباشر على تدريس أطفالنا، بالإضافة إلى المناهج الأردنية المفروضة".

والتقى "العربي الجديد" مجموعة من الأطفال الذين تركوا مدارسهم، مثنى أحد هؤلاء. هو ترك المدرسة بعد تعرضه للضرب على يد أحد الأساتذة. فيقضي وقته باللعب أمام خيمة عائلته، منتظراً خروج أصدقائه من المدرسة. لم يستطع والد مثنى تحريك ساكن عندما تعرض ابنه للضرب، واكتفى بسحبه من المدرسة والإشراف بشكل شخصي على تدريسه.

لدى أم خالد خبرة في التدريس والتعامل مع الأطفال. فأم خالد أربعينية وأم لثلاثة أطفال. كانت تمتلك روضة أطفال خاصة أدارتها لمدة 30 عاماً في بلدة مرعيان في جبل الزاوية في ريف إدلب، إلى أن لجأت إلى مخيّم "حارم" على الحدود التركية-السورية، بعد قصف قوات النظام السوري روضتها وبيتها ووفاة زوجها.

تقول لـ"العربي الجديد": "جئت المخيّم في بداية العام 2014. كان التعليم هنا معدوماً، يقتصر على حلقات لتحفيظ القرآن، وكان مدير المخيم صعباً وطريقة معاملته سيئة. اقترحت عليه فتح روضة على أن أتكفل بالتجهيزات، لكنه لم يوافق". سايرت أم خالد المدير وقبلت باقتصار التدريس على حفظ القرآن، إلى أن قامت بحشد مجموعة من النساء، فتقدمن بشكوى ضد مدير المخيم، حيث أقيل وجاء آخر أكثر تفهماً، والآن يدرس الأطفال ساعتين إلى أربع ساعات صباح كل يوم.