كورونا: لا بدّ من أن يتاح اللقاح بعدل للجميع

15 مايو 2020
الأبحاث مستمرة (أرتور ويداك/ Getty)
+ الخط -

ما زال العالم منهمكاً في عمليات تطوير علاجات ولقاحات لمرض كوفيد - 19 الذي يتسبّب فيه فيروس كورونا الجديد، والذي طاول حتى اليوم الجمعة أكثر من أربعة ملايين ونصف مليون شخص، تعافى من بينهم أكثر من مليون و700 ألف مصاب فيما تجاوز عدد الوفيات 300 ألف.

وقد وجّه زعماء وقادة وخبراء من حول العالم دعوة غير مسبوقة إلى الحصول على ضمانات بتوفير لقاحات للمرض وتشخيصه وعلاجه مجاناً لجميع الناس. جاء ذلك في رسالة وقّع عليها أكثر من 140 من الفاعلين السابقين والحاليين، قبيل اجتماع افتراضي مرتقب لوزراء الصحة تعقده جمعية الصحة العامة في 18 مايو/ أيار الجاري. وطالب هؤلاء بأن تكون كلّ اللقاحات والعلاجات والاختبارات خالية من براءات الاختراع، وأن تُنتَج بكميّات وفيرة وأن توزّع بطريقة عادلة وأن تكون متاحة لجميع الدول والأفراد. وحذّر هؤلاء في رسالتهم التي أعدّوها بتنسيق من برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب/ الإيدز ومنظمة أوكسفام، من أنّ العالم لا يستطيع تحمّل تكاليف الاحتكارات والمنافسة والوقوف في طريق الحاجة العالمية إلى إنقاذ الأرواح. وأقرّ هؤلاء الزعماء والقادة والخبراء بإحراز تقدّم مع تعاون دول ومنظمات عالمية في مجالات الأبحاث والتنمية والتمويل، بما في ذلك المساهمة بمبلغ ثمانية مليارات دولار أميركي في خلال مؤتمر دولي عقده الاتحاد الأوروبي للتصدّي لفيروس كورونا في الرابع من مايو/ أيار الجاري.

وفي سياق متصل، قال رئيس شركة "سانوفي" الفرنسية للأدوية إنّ شركته ستضمن وصول أيّ لقاح مضاد لمرض كوفيد - 19 الذي يتسبّب فيه فيروس كورونا الجديد إلى كل بقاع العالم في وقت واحد بمجرّد الموافقة عليه. وصرّح سيرج واينبرغ لقناة التلفزة الفرنسية الثانية بأنّ "لا دولة ستُمنح دفعة مقدمة"، لافتاً إلى أنّهم يملكون "وحدات تصنيع عدّة، بعضها في الولايات المتحدة الأميركية لكنّ كثيراً منها في أوروبا". من جهته، شدّد الرئيس التنفيذي لمجموعة "سانوفي" بول هدسون على ضرورة أن يصل اللقاح إلى كلّ بقاع العالم، بعدما كان قد أثار حفيظة الحكومة الفرنسية في وقت سابق بالقول إنّ أولوية الحصول على اللقاح هي للولايات المتحدة. وقد لفت واينبرغ هنا إلى أنّه "تمّ تحريف تصريحات رئيسنا التنفيذي".



تجدر الإشارة إلى أنّ الانقسامات تعمّقت بين الدول الكبرى وسط تنافس أميركي أوروبي حول لقاح مستقبلي وتوتّر ما بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والصين في إطار معركة مكافحة الوباء العالمي الجديد. وإلى جانب التكلفة الصحية العالية، يواصل الوباء إلحاق أضرار بالاقتصاد العالمي مع تداعيات كبرى. ونظراً إلى الجهود المبذولة، قد يتوفّر اللقاح في خلال عام مثلما أعلنت الوكالة الأوروبية للأدوية أمس الخميس، غير أنّ مدير الاستراتيجية لدى الوكالة الأوروبية ماركو كافاليري أشار إلى أنّ هذا احتمال ينمّ عن "تفاؤل". يُذكر أنّ ثمّة أكثر من 100 مشروع في العالم وأكثر من عشر تجارب سريرية للقاح، في حين صرّحت منظمة الصحة العالمية بأنّ "هذا الفيروس قد لا يختفي أبداً" حتى في حال التوصّل إلى لقاح.

وفي ما يخصّ الدراسات عن علاجات إلى حين تطوير لقاح، فقد كشف باحثون أنّ تجربة "ديسكوفري" السريرية التي أطلقت في أوروبا في نهاية مارس/ آذار الماضي تراوح مكانها. إلى جانب ذلك، خلصت دراستان جديدتان نشرتا في المجلة الطبية البريطانية "بي إم جيي" إلى أنّ عقار هيدروكسي كلوروكين الذي علّق عليه كثيرون آمالاً لا يبدو فعالاً في معالجة المصابين بفيروس كورونا الجديد. وأوضحتا أنّه تسبّب كذلك في مضاعفات صحية لدى أشخاص زوّدوا به. يُذكر أنّ استخدام عقار هيدروكسي كلوروكين وكذلك عقار كلوروكين مستمرّ منذ عقود كعلاج للملاريا وكذلك لاضطرابات المناعة الذاتية وداء الذئبة (مرض جلدي) والتهاب المفاصل الروماتويدي. وكانت الوكالة الأوروبية للأدوية قد حذّرت الشهر الماضي من عدم وجود مؤشّر إلى أن هيدروكسي كلوروكين علاج ناجع لمرض كوفيد - 19 الذي يتسبّب فيه فيروس كورونا الجديد، لافتة إلى أنّ ثمّة دراسات بيّنت مشكلات خطرة في القلب مميتة في بعض الأحيان.



من جهة أخرى، أعلن مسؤولون صحيون، اليوم الجمعة، أنّ بريطانيا منحت الضوء الأخضر لشركة "أبوت لابوراتوريز" لتصنيع اختبار الأجسام المضادة لفيروس كورونا، بعد فترة وجيزة من منحها الموافقة لشركة "روش هولدنغ" السويسرية للأدوية. وتدرس دول كثيرة إجراء فحوص جماعية للأجسام المضادة كوسيلة لتسريع إعادة تحريك الاقتصادات التي تضرّرت بشدّة بفعل إجراءات العزل العام، وكذلك لوضع إجراءات تباعد اجتماعي أكثر ملائمة لكلّ حالة.
دلالات
المساهمون