طبيب سوري على الخطوط الأمامية بالولايات المتحدة لمكافحة كورونا: "إنها ساحة حرب"

09 ابريل 2020
يواجه الفريق الطبي الكثير من الخيارات الصعبة (صفحة سلحول/تويتر)
+ الخط -
أجنحة المستشفى في شيكاغو الأميركية المليئة بمرضى في حال حرجة، والأسرّة التي وُضعت حتى في الأروقة لاستيعاب عدد أكبر من المرضى الوافدين، والاضطرار إلى الاختيار أحياناً بين من سيتلقى الرعاية الطبيّة ومن سيُترك ليموت، كلّها مشاهد ومواقف ذكّرت طبيب الأمراض الرئوية واختصاصي العناية المشدّدة زاهر سحلول، بسورية.

الطبيب السوري - الأميركي الذي يرأس مؤسسة "ميدغلوبال" لتقديم العناية الصحيّة لضحايا الكوارث واللاجئين والنازحين، يرى الكثير من أوجه الشبه اليوم، في ظلّ تفشّي وباء كورونا، بين المستشفى الذي يعمل فيه حالياً في شيكاغو بالولايات المتحدة الأميركية، ومستشفيات سورية التي ما زالت تعاني من الحرب، منذ تسع سنوات.   

في حديث مع صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية، يقول سحلول، الذي يبلغ من العمر 55 سنة، إنّ أوجه الشبه بين المستشفيات في البلدين، في ظلّ الجائحة، تتمثّل بالنقص في المعدّات الطبيّة، كما في وسائل الحماية للفريق الطبي وعديده، والنقص في أجهزة التنفس. يقول مستذكراً تجربته في سورية: "إنها ساحة حرب. هناك العديد من أوجه الشبه بين سورية وما يجري في الولايات المتحدة. لم أتخيل قط أننا سنواجه في الولايات المتحدة ما كنا نواجهه في سورية. إنه أمر مثير للسخرية. هذه أشياء كنا نناشد بها منذ سنوات هناك، ونراها الآن في هنا".

يتساءل الطبيب الذي يدرّب مع "ميدغلوبال" الأطباء والعاملين في المجال الطبي على العمل في الأزمات، عن كيفية التصرف في أوقات كهذه، فيقول: "نتأقلم مع الوضع الجديد. أي إن كان لدينا جهازا تنفّس وعشرون مريضاً يحتاجونهما، فكيف نتصرّف؟ كيف نتعامل مع مرضى غسل الكلى؟ نقوم بعملية الغسل لهم مرة في الأسبوع، بدل الثلاثة التي يحتاجونها. هذا ما كنت أفعله في سورية، وهذا ما نفعله الآن، في المستشفى هنا، في شيكاغو". 

يتحدث سحلول عن الأسئلة المتعلقة بكيفية تأقلم المؤسسة الصحيّة مع الأزمة التي تواجهها، والتي قد تجعل الأطباء يتّخذون قرارات صعبة جداً. يقول: "هذه الأسئلة الأخلاقية، كنّا نواجهها كثيراً في سورية، حول من يجب علينا أن ننقذ؟ إن حضر إلى المستشفى مريض يحتاج إلى جراحة طويلة لإنقاذه، نُضطر أحياناً إلى تركه لنهتم بالآخرين. بما أنّك في حالة حرب، فليس لديك الوقت ولا الإمكانات لإنقاذ الجميع. وهذا ما نواجهه اليوم، في المستشفى في شيكاغو. علينا أن نختار من سنساعد، لأنّه ليس لدينا أجهزة تنفّس صناعي تكفي الجميع".

إلى جانب الاهتمام بالمرضى، يشدد سحلول على ضرورة مراعاة الوضع النفسي للأطباء. "في سورية تعوّد الأطباء التعامل مع أزمة صحيّة طالت، بسبب الحرب، كما العمل في ظروف صعبة وخسارة زملاء لهم. لكن تجربتي تقول إنّ عليك أن تساعد الطاقم الطبّي كما المرضى، وإلّا تدهور وضعهم النفسي بسبب اضطرارهم إلى معالجة المصابين كلّ يوم، إضافة إلى اتخاذ القرارات الصعبة بشأن من سيتلقى الرعاية ومن سيُترك من دونها، ونهايةً رؤية بعض هؤلاء يموتون أمامهم. لذا، نحن نفكّر في وسائل ليحافظ الأطباء على صحّتهم النفسية، ولتجنّب الاضطرابات على المدى الطويل".

يعترف الطبيب بأنّ مقارنة وضع مستشفيات شيكاغو الآن بوضع المستشفيات في سورية، مبالغ فيه بعض الشيء. "فالأزمة في سورية هي الأسوأ التي قد نشهدها في عصرنا. لكن الكوارث لديها ذات المتطلّبات نهايةً". مع ذلك، يقرّ الطبيب السوري – الأميركي بأنّ عائلته لم تشعر بخوف على حياته عندما كان يعمل في شماليّ سورية، كما تخاف عليه اليوم في مستشفى شيكاغو، قائلاً: "ربما بسبب تركيز الإعلام كلّه اليوم، على أزمة كورونا، ما يجعلهم يشعرون بقلق أكبر".

ومع أنه انتقل إلى الولايات المتحدة، حيث يعالج المرضى في شيكاغو حالياً، يأمل الطبيب السوري - الأميركي أن يفكر الناس في تلك الأماكن "البعيدة والبائسة" التي لا تملك الموارد الكافية لمواجهة كورونا، إذ "كما تعلم، يحتوي مستشفى في شيكاغو على عدد أكبر من أجهزة التنفس من عدد تلك الموجودة في محافظة إدلب في سورية وقطاع غزة المحاصر مجتمعة. إذا انتشر كورونا في هذه المناطق، فسيكون الأمر أكبر من كارثة"، يختم سحلول.

المساهمون