أولياء أمور الطلّاب أعربوا عن خوفهم حول مصير أبنائهم الدراسي، في ظلّ غموض الحكومة حول الإجراءات أو الحلول التي ستقدّمها للعام الدراسي الحالي، خاصة لطلاب المراحل المعروفة في العراق بـ"البكالوريا"، وهي ثلاث مراحل، السادس الابتدائي والثالث متوسط والسادس الإعدادي، التي يدخل الطالب إلى الجامعة على ضوئها.
وأعلنت، الأسبوع الماضي، وزيرة التربية، سها خليل العلي بيك، أنّ تحديد موعد الامتحانات النهائية في العراق مرتبط بتطوّر الأوضاع الصحّية في البلاد وبمقرّرات خلية الأزمة. وأكّدت عدم اعتبار السنة الدراسية الحالية سنة عبور، لا سيما للمراحل النهائية، وذلك لارتباط العراق بمنظمات دولية لا تسمح بمثل هذا الإجراء، إذ لا يمكن بدء عام دراسي جديد من دون إنهاء العام الدراسي الحالي.
يأتي هذا الإعلان بعد سلسلة إجراءات قامت بها الوزارة، تضمّنت منح دخول شامل لطلبة الصفوف النهائية إلى الامتحانات، وتقليص المناهج التعليمية من خلال حذف بعض المواد والفصول الدراسية، بالإضافة إلى تعليق المادة الإسلامية لمرحلة السادس إعدادي. كذلك أطلقت الوزارة منصّة تعليمية على شبكة قنوات "العراقية" الحكوميّة، فضلاً عن إطلاق قنوات على موقع يوتيوب. إلّا أنّ عدم توفر الإنترنت أو كونه بطيئاً في العراق، يحول دون وصول الدروس التعليمية إلى الطلاب بشكل عادل أو متساوٍ، ويختلف ذلك بحسب وضع الطالب المادي والمدينة التي يسكن فيها بطبيعة الحال.
بهاء نصرت، والد إحدى طالبات المرحلة النهائية، ويعمل حارساً في إحدى مدارس بغداد، يقول لـ"العربي الجديد"، "كثيراً ما تشتكي ابنتي شمس، وهي طالبة في مرحلة الثالث متوسط، من صعوبة في دراسة بعض المواد. لم يكملوا في المدرسة المنهاج المقرّر، وهذا ما أثّر على مستواها العلمي. إذ تعطّلت المدارس بسبب المظاهرات، بداية العام الدراسي، ثم بعد نحو شهر، بدأ الدوام ينتظم وكان لا بد من إكمال المنهج الدراسي بشكل سريع، ليتسنّى للطلّاب الخضوع لامتحانات النصف الدراسي الأول. بالفعل أكملت بعض المحافظات امتحانات النصف الأول، لكن داهمنا فيروس كورونا، ليتمّ تعطيل الدوام مجدداً، بأمر حكومي. وهذا ما أجبر الطلاب على متابعة دراستهم في منازلهم. لكن لا يمكن، في هذه الأوضاع الصعبة، أن يدرس الطالب مناهجه أو أن يشعر برغبة حقيقية في متابعتها".
أما أسماء خلف، وهي من سكّان محافظة ديالى، فتقول: "لدي ثلاثة أولاد، اثنان منهم في المدارس. ابني قحطان في الصف الرابع ثانوي، وشقيقته إيلاف في السادس ثانوي، إذا لم يكملا مناهجهما الدراسية لهذا العام، فكيف ستحصل ابنتي إيلاف على معدّل عالٍ من دون أن يقوم أحد بشرح المادة الدراسية لها، بعد إغلاق المدارس وفرض حظر التجوّل؟".
وتابعت خلف في حديثها لـ"العربي الجديد"، "الوضع التعليمي يجعلني أصاب بالتوتّر والخوف على مستقبل أولادي الدراسي. في بلدنا الأزمات متلاحقة، وهناك المئات بل آلاف الطلاب، مثل ولديّ، لم يستطيعوا أن يكملوا دراستهم بسبب الظروف الراهنة، ولا يمكنهم متابعة دراستهم بمفردهم أو عبر الإنترنت، إذ ليس لدينا خدمة الإنترنت في المنزل، وأخشى أن يتدنى المستوى التعليمي أكثر وتضيع السنة الدراسية على ولديّ. وأنا إن تمكّنت من تدريسهم مادة واحدة، فهذا لا يعني أنّه بإمكاني تعليمهم جميع المواد، فأنا لم أكمل دراستي الجامعية وكثير من العائلات تعاني مع أولادها ما أعانيه".
من جانبها تقول بشرى الطائي، وهي مُدرّسة لمادة الاقتصاد في ثانوية الواثق المختلطة: "تزامن العام الدراسي الحالي مع أحداث الحراك الشعبي، وتصاعدت حدّة التظاهرات منذ اليوم الأول من تشرين الأول/ أكتوبر 2019، في معظم المحافظات الجنوبية، ومنها ذي قار، ما انعكس سلباً على انتظام الدوام المدرسي، بل حتى تمّ تعطيل الدراسة. هذا بالإضافة إلى أنّه كان لطلبة الإعدادي حضور كبير في هذه التظاهرات. هذه الأحداث ألقت بظلالها طبعاً على العام الدراسي والطلبة، ثم للأسف جاء فيروس كورونا، وأنهى العام الدراسي بشكل سريع ولم يتبق سوى امتحانات نهاية السنة، لطلاب الصفوف النهائية".
وتؤكّد الطائي، وهي من محافظة ذي قار، جنوب العراق، أنّ "الطلّاب لم يكملوا حتى 10% من مواد الفصل الأول، كما لم نستطع إكمال امتحانات نصف السنة حتى الآن. لذلك أعمل على تدريس مادة الاقتصاد لطلبة الإعدادي ومادة التاريخ لطلبة الثالث متوسط، عبر تطبيق "واتساب"، حتى يتمكنوا من فهم المادة قبل إجراء الاختبارات النهائية".
ويعاني العراق من ارتفاع نسب الأمية منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، بفعل ترك الطلاب الدراسة. ويربط مراقبون ذلك بارتفاع معدّلات الفقر إلى أكثر من 30% من إجمالي من يشملهم التعليم، فضلاً عن وجود أكثر من 300 ألف طالب مشرّد، لم يكملوا دراستهم بسبب العمليات العسكرية وتدهور الوضع الاقتصادي، وما تشهده البلاد من معارك في مناطق متفرّقة، بحسب إحصاءات غير رسمية.