وقال مصدر من عائلة المواطن أحمد العوايضة لـ"العربي الجديد"، إنّ قوات الأمن المصرية، وتحديداً جهاز الشرطة، اقتاد الأسبوع المنصرم الفقيد أحمد من منزله الذي بناه في مدينة بئر العبد التي لجأ إليها إثر هدم الجيش المصري لمنزله في مدينة رفح، وبرغم أنه موظف حكومي إلا أنه رفض الخروج من سيناء، والانتقال للمعيشة في محافظة الإسماعيلية وغيرها، وآثر البقاء على أرض سيناء التي ولد وترعرع فيها، وسط عائلته وأقربائه، إلا أن تحريات الشرطة بقيت تلاحقه دون أي تهمة سوى أنه مواطن من رفح، إذ إن كل الجيران والأهالي الذين احتكوا به يؤكدون حسن سيرته وسلوكه، وعدم خروجه عن القانون بتاتاً، إلا أن قوات الأمن اعتادت اعتقاله بين الفينة والأخرى، وإخضاعه للتعذيب والإفراج عنه بعد فترة دون توجيه أي تهمة، أو تحويله للمحاكمة أو حتى النيابة، في ظل عدم وجود أي معلومة تدينه.
وأوضح أن العائلة فوجئت باتصال بعد أيام من اعتقاله بأن أحمد توفي في ظروف غامضة داخل قسم شرطة مدينة بئر العبد، فيما نُقل من قسم الشرطة إلى مستشفى بئر العبد المركزي بواسطة سيارة إسعاف طلبتها إلى القسم إدارة العمليات بالشرطة في المدينة، وعلى الفور انتقلت عائلته وأصدقاؤه إلى المستشفى لتسلُّم جثمانه تمهيداً لدفنه، إلا أن إدارة المستشفى رفضت استقبال الجثمان والتعامل معه وفقاً للأصول، لعدم وجود محضر من الشرطة بخصوص حادثة وفاته، أو وجود أي تقرير طبي له في المستشفى، على خلاف مستشفى العريش العام الذي اعتاد إنهاء هذه الملفات لصالح قوات الأمن، بتسلُّم الجثامين وإعداد الأوراق اللازمة لاستصدار تصريح الدفن بكل سهولة.
وأوضح أن العائلة والأصدقاء أجروا عشرات الاتصالات خلال وجودهم في المستشفى للإسراع في عملية استصدار الأوراق اللازمة والضغط على إدارة المستشفى لإنهاء الإجراءات، إلا أن كل الاتصالات، بما فيها التي وجهت إلى نواب سيناء في مجلس الشعب المصري، باءت بالفشل، ولم تتمكن أي جهة من الضغط على إدارة المستشفى لعمل اللازم في هذه القضية، ليتفاجأوا في نهاية المطاف بصدور قرار أمني من جهاز الشرطة يقضي بنقل الجثمان إلى محافظة الإسماعيلية لاستكمال الإجراءات المطلوبة، وهذا لم يفلح أيضاً في إصدار الأوراق، ما دفع الجهات الأمنية إلى نقل جثمان الفقيد إلى أحد المستشفيات العسكرية في محافظة بورسعيد، واستصدرت إدارة المستشفى جميع الأوراق المطلوبة، وتصريح الدفن، وبناءً على ذلك أُعيد إلى مدينة بئر العبد مجدداً لدفنه.
يشار إلى أن التقارير الحقوقية المحلية والدولية تحدثت عن وفاة عشرات المصريين تحت التعذيب على يد قوات الجيش والشرطة على مدار العقود الماضية، فيما ازدادت الأعداد كثيراً منذ الانقلاب العسكري صيف عام 2013، فضلاً عن وفاة العشرات داخل زنازين السجون، من ضمنهم جزء من أبناء سيناء الذين اعتُقلوا في أعقاب الانقلاب دون أي تهمة، ولا يزال عدد كبير منهم في زنازين السجون العسكرية بلا محاكمة أو تهمة، ولا يُسمَح لعوائلهم بزيارتهم، أو توكيل محام للدفاع عنهم، فيما لم تسعَ أي جهة لإنهاء هذا الملف الذي يمسّ كل بيت في سيناء، فضلاً عن ملف المختفين قسراً في سيناء منذ سنوات.
وقال أحد أصدقاء الفقيد لـ"العربي الجديد" إن أحد نواب سيناء، وعدداً من المسؤولين الذين تابعوا قضية تصريح الدفن، أوصوا العائلة بعدم الحديث في هذه القضية، وإغلاقها بشكل تام، في مقابل حصول عائلته على معاش شهري، واعتباره أحد ضحايا الحرب على الإرهاب في سيناء، وإذا جرى الحديث في القضية، تُلاحَق العائلة وتُحرَم المعاش الشهري الذي توفره الدولة لعشرات العوائل الذين راح أبناؤها ضحية لرصاص الجيش والشرطة، أو في أقسام الشرطة وسجونها، في سيناء، إلا أن العائلة ترفض كل هذه التهديدات وتصرّ على إظهار الحقيقة للناس، وتأكيد براءة ابنها، ووفاته بلا ذنب في قسم الشرطة، داعيةً إلى أن تكون قضية الفقيد أحمد الأخيرة في سيناء، وإلى وقف كل أشكال الظلم بحق المواطنين فيها.