وعلى الرغم من توالي التحذيرات على المستويين المحلي والأممي، من خطورة وصول فيروس كورونا إلى النازحين، تواصل الحكومة إهمال الملف وتجاهله بشكل كامل.
ويؤكد مسؤول في وزارة الهجرة، أن "هناك عشرات آلاف النازحين في مخيمات محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وكربلاء وديالى، يعانون من تعثر وصول الدعم الغذائي لهم، فضلا عن عدم توفير الإجراءات الوقائية لمنع تفشي الفيروس فيها"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة ألقت بالملف على كاهل وزارة الهجرة، من دون توفير مبالغ مالية تكفي لدعمها، وتنصلت من كل مسؤولياتها".
ويشير إلى أن "أزمة النزوح سياسية، وأن الوزارة هي خدمية فقط، إذ إن هناك جهات سياسية تمنع عودة النازحين، وهي تتطلب تدخلا حكوميا وقرارا حاسما لحل هذا الملف"، مشددا على أن "استمرار إهمال الملف سياسيا وصحيا وغذائيا ينذر بكارثة إنسانية خطيرة تهدد مليون نازح".
من جهته، يوضح رئيس لجنة المهجرين في البرلمان، النائب رعد الدهلكي، لـ"العربي الجديد"، أن "أوضاع النازحين من سيئ إلى أسوأ خصوصاً في ظل حكومة لا تعي خطورة هذا الملف"، مبينا أن "الحكومة أثبتت عجزها الكامل عن احتواء النازحين وتركت ملفهم، كما عجزت عن الوقوف بوجه الجهات التي تمنع عودتهم".
ويتابع، "نحن اليوم أمام أزمة كبيرة قد تصل إلى مستوى الكارثة، بسبب إمكانية انتشار الفيروس في المخيمات لعدم توفر الإجراءات الصحية والوقائية لها، ومن جهة أخرى عدم توفر المؤن والأمن الغذائي لهم"، محذّرا من "استمرار إهمال الملف، الذي يجب أن يكون ضمن أولويات الحكومة، من خلال اتخاذ الإجراءات الوقائية من انتشار الفيروس بين النازحين، وتوفير المساعدات الغذائية لهم".
ويؤكد سياسيون أهمية اتخاذ إجراءات لوصول المساعدات الغذائية للنازحين، ويقول النائب السابق عن محافظة نينوى، محمد نوري العبد ربه، إن "وضع النازحين في الأيام الاعتيادية كان صعبا جداً من حيث توفير الطعام والملبس ومقومات الحياة الأخرى، لكن اليوم بعد انتشار الفيروس في البلاد تضاعفت الصعوبات بشكل كبير"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة ووزارة الصحة تهمل الملف، ولولا وجود الدعم من الأهالي لكانت هناك مجاعة حاليا داخل المخيمات".
ويبين أن "أزمة تفشي الفيروس تهدد المخيمات، فالحكومة غير قادرة على مواجهة هذه الأزمة والتحديات التي تخص النازحين"، داعيا الحكومة إلى "التحرك واتخاذ إجراءات لدعم النازحين، من خلال تخصيص يوم أو يومين أسبوعيا لإيصال المساعدات لهذه المخيمات، إذ ليس من المعقول أن نترك هذه المخيمات بدون طعام وشراب".
مفوضية حقوق الإنسان العراقية، تؤكد من جهتها، أن المخيمات أصبحت بؤرة لتفشي الفيروس، وأنها تحتاج الى تحرك حكومي وإجراءات عاجلة.
ويقول عضو المفوضية علي البياتي، لـ "العربي الجديد"، إن "مخيمات النازحين اليوم هي بؤر مهيأة لاستقبال الفيروس وانتشاره بسهولة، في ظل غياب تام للإجراءات الصحية المناسبة فيها"، مبينا أن "تداعيات الفيروس وإجراءات حظر التجول زادتا من معاناة النازحين، بسبب صعوبة وصول المواد الغذائية لهم".
ويضيف، "بعد المناشدات والدعوات لاتخاذ إجراءات تخفف من معاناتهم، كان هناك نوع من التحرك في محافظات الأنبار وصلاح الدين فقط، وقد وصلت بعض المواد الغذائية، لكن أعتقد أنها لن تكون بشكل مستمر"، متابعا "كان من المفترض إنهاء هذا الملف قبل أكثر من سنة لكن للأسف الشديد، فإن إهمال الحكومة ومؤسساتها أدى إلى تعطيل حل أزمة النزوح، وأحيانا تسييسه أيضا من قبل بعض الجهات السياسية".
وأشار "ناشدنا الحكومة بكتب رسمية بالتحرك تجاه الملف، لكن لم تتخذ أي إجراءات تجاه ذلك". وكانت الأمم المتحدة، قد أطلقت أخيرا مخاوف من تفشي فيروس كورونا في مخيمات النزوح في العراق وبلدان أخرى، داعية السلطات إلى مراعاة ظروف الأزمة الراهنة.