وفي شرق آسيا، أغلقت منتجعات ومطاعم أبوابها، وباتت تعتمد على الطلبات الخارجية فقط، كما أغلقت مدارس، وألغيت أحداث ثقافية وفنية ورياضية، لكن بينما يبدو أن تركيز الوباء يتحول بعيدا عن مركزه الأصلي، فإن كثيرين في آسيا يواصلون المطالبة باليقظة ضد أي شيء قد يضر بالمكاسب التي تم تحقيقها بشق الأنفس.
"إذا فككنا قبضتنا عن الحجر الصحي، فقد تكون مسألة وقت حتى يعود الفيروس للتفشي مرة أخرى"، هكذا كتبت صحيفة (دونغ إيلبو) الكورية الجنوبية واسعة الانتشار في افتتاحيتها اليوم الاثنين.
تقول جامعة جونز هوبكنز في تقرير لها، إن الصين أصبحت الآن تضم أقل من نصف الحالات البالغ عددها 169 ألف حالة في العالم. أدى إغلاق التجمعات العامة، وفرض الحجر الصحي في إقليم هوبي وسط البلاد إلى نجاح الصين بشكل كبير في السيطرة على الفيروس، معظم المرضى الذين شُفوا في العالم، وعددهم 77 ألفاً يعيشون في الصين.
خوف وحذر
بدأت حركة المرور تعود لطبيعتها في بكين. ومع ذلك، فرضت فحوصات صارمة لدرجات الحرارة داخل مكاتب، وتقتصر معظم المطاعم على توصيل الطلبات الخارجية فقط.
ومع اقتراب معظم دول العالم من إغلاق الكثير من المطاعم والمدارس والمكاتب، أصبحت المدن الآسيوية قلقة بشكل متزايد بشأن قدوم حالات مصابة بالفيروس من الخارج بعد شن غارات لاحتوائه في الداخل. واعتبارًا من اليوم الاثنين، سيتم عزل مسافرين وافدين إلى بكين من الخارج لمدة 14 يومًا في مرافق مخصصة على نفقتهم الخاصة. وفي السابق، كان الأشخاص الذين لا يعانون من أعراض يمكنهم عزل أنفسهم في منازلهم.
وفي أحدث حصيلة، أعلنت لجنة الصحة الوطنية الصينية عن 16 حالة إصابة جديدة بالفيروس خلال الـ 24 ساعة الماضية، 12 حالة منهم قادمة من الخارج، وأربعة في بكين، ويوجد في الصين الآن 80860 حالة إصابة مؤكدة. وقالت اللجنة الصحية إن 67749 مريضا تعافوا وغادروا المستشفيات، كما تم الإبلاغ عن 14 حالة وفاة أخرى خلال الـ 24 ساعة الماضية، ما رفع عدد الوفيات في البلاد إلى 3213.
رئيس الوزراء الكوري الجنوبي تشونغ سي كيون، قال إن تراجع حالات الإصابة في البلاد "علامة أمل"، لكنه حث على توخي الحذر بشأن اتساع نطاق تفشي المرض عبر أوروبا والولايات المتحدة. وقال "يجب ألا تتراجع كوريا الجنوبية في درجة حذرها".
من جهتهما، أعلن رئيسا وزراء أستراليا وسنغافورة اليوم الاثنين أنهما سيلتقيان عبر الفيديو بعد أن ألغى رئيس وزراء سنغافورة لي هسين لونغ زيارة لأستراليا هذا الأسبوع. وقال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون في تصريحات تلفزيونية "يمكن للشركات والحكومات الاستمرار حتى في خضم كل هذا".
حالات طوارئ صحية
وأعلنت عدة ولايات أسترالية، اليوم الاثنين، حالات طوارئ صحية عامة تفرض عقوبات على عدم الامتثال لأوامر العزل الذاتي. وعلقت ولاية نيو ساوث ويلز، أكبر ولاية في أستراليا من حيث عدد السكان، محاكمات بسبب الفيروس. وفي طوكيو، حصلت حكومة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي على قانون يسمح لها بإعلان حالة الطوارئ إذا تفاقمت الأمور، على الرغم من قول السلطات إن الأمور لم تصل بعد إلى هذه النقطة.
وقالت وزارة الصحة اليابانية، إنها حددت 15 بؤرة لفيروس كورونا في مواقع متفرقة من البلاد. ونقلت وكالة كيودو اليابانية للأنباء عن وثيقة للوزارة أن أكبر البؤر تقع في منطقة أوساكا وبها أكثر من 50 حالة عدوى. واكتشفت السلطات عددا آخر من البؤر في أقاليم هوكايدو وآيتشي وواكاياما وفي مدينة طوكيو تحتوي كل منها على أكثر من عشر حالات إصابة.
حجر صحي جماعي
وفي فنزويلا، أمر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الأحد بفرض "حجر صحي جماعي" في سبع من ولايات البلاد، بينها العاصمة كراكاس ابتداء من الاثنين لكبح انتشار فيروس كورونا. وقال مادورو في خطاب متلفز إنّ كل الأنشطة في ولايات كراكاس وميراندا وفارغاس وزوليا وتاشيرا وأبوري وكوخيديس ستُعلّق من الساعة الخامسة صباح الاثنين، باستثناء توزيع الطعام والخدمات الصحية والنقل والأمن.
وأضاف مادورو "إنّها ليست إجازة جماعية. كلا. إنه حجر يتطلب انضباطا اجتماعيا كبيرا وانضباطا ذاتيا". ويُضاف هذا الإجراء الفنزويلي الجديد إلى قرار آخر اتُخذ قبل أيّام وقضى بتعليق كل الخطوط الجوية بين فنزويلا وأوروبا وكولومبيا وجمهورية الدومينيكان وباناما، فضلا عن تعليق الدراسة في فنزويلا من الحضانة وصولا الى الجامعات.
إغلاق المدارس
وأعلن رئيس بلدية نيويورك الأحد أنّه سيُغلق بدءا من الاثنين كل المدارس الحكومية في المدينة والتي يرتادها نحو 1.1 مليون طالب، للحد من انتشار فيروس كورونا. وقال بيل دي بلاسيو في مؤتمر صحافي "يؤسفني أن أعلن أنه ابتداء من الغد، سيتم إغلاق مدارسنا الحكومية". وأضاف أن المدارس سيُعاد فتحها "في موعد أقصاه 20 إبريل/نيسان"، غير أنه لم يستبعد أن تظل مغلقة حتى نهاية العام الدراسي.
وذكر سلاح البحرية الأميركية يوم الأحد أن بحارا على متن سفينة حربية أصيب بفيروس كورونا. وأوضحت البحرية أن البحار وضع في حجر صحي في منزله وأنه جرى إخطار الأشخاص الذين خالطوه ويخضعون لعزل ذاتي في أماكن إقامتهم. وقالت البحرية في بيان أن أيا منهم لا يوجد على السفينة في الوقت الراهن، مشيرة إلى أن البحار كان على متن السفينة الحربية "بوكسر".
من جهته، دعا الرئيس دونالد ترامب الأميركيين للتوقف عن تخزين المواد الغذائية وغيرها من المستلزمات. وطالب أحد كبار مسؤولي الصحة العامة في الولايات المتحدة الأميركيين بالتصرف بشكل أكثر حرصا لحماية أنفسهم والآخرين من فيروس كورونا.
وقال الدكتور أنتوني فوسي، مدير المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المعدية، إنه يود أن يرى إجراءات صارمة مثل الإغلاق الوطني لمدة 14 يوما. وصرح ترامب في مؤتمر صحافي "لا يجب أن تشتروا الكثير من المستلزمات. خذوا الأمور ببساطة. تحلوا بالهدوء".
وأكد ترامب للأميركيين - بعد التحدث مع كبار المسؤولين التنفيذيين في سلاسل متاجر المواد الغذائية، على أن المتاجر ستظل مفتوحة ولن تغلق. وفي حديثه بالمؤتمر الصحافي الذي عقد في البيت الأبيض، حث نائب الرئيس مايك بنس الأميركيين على شراء المواد الغذائية التي يحتاجونها فقط للأسبوع المقبل.
وفيات في إيطاليا وتعقيم بإسبانيا
سجلت إيطاليا 368 حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا يوم الأحد وذلك في أكبر زيادة يومية وسط مخاوف بشأن قدرة نظامها الصحي المجهد على مواجهة الزيادة المستمرة في أعداد المصابين. ورغم انتشار الفيروس في أنحاء أوروبا إلا أن إيطاليا لا تزال ثاني أشد البلدان تضررا بالوباء في العالم بعد الصين. وقال رئيس الوزراء جوزيبي كونتي إن الحكومة تعمل جاهدة لتوفير المزيد من المعدات الواقية مضيفا أنها تولي اهتماما كبيرا بمساعدة إقليم لومبارديا حيث ظهر الفيروس قبل ثلاثة أسابيع. وبلغ عدد حالات الإصابة بالفيروس في إيطاليا 24747 حالة فضلا عن 1809 حالات وفاة.
وفي إسبانيا، قام متخصصون عسكريون يرتدون سترات واقية بتعقيم محطات القطارات بينما أمر أفراد الشرطة الذين كانوا يرتدون كمامات طبية المارة بالعودة لمنازلهم أمس الأحد بعد أن بدأت إسبانيا حملة للحد من انتشار فيروس كورونا بعدما تضاعفت أعداد الوفيات بسبب المرض.
ووقف الإسبان، الذين مُنعوا قانونا من الخروج منذ يوم السبت، في الشرفات والنوافذ مساء الأحد ليعبروا عن امتنانهم لتعامل خدمات الطوارئ مع ثاني أسوأ تفش في أوروبا بعد إيطاليا. وزادت الحصيلة الرسمية التي تعلنها الحكومة للوفيات بواقع 153 إلى 288. وارتفع عدد المصابين بواقع ألفي حالة ليصل إلى 7753. وأُغلقت المدارس في جميع أنحاء البلاد كما مُنعت التجمعات.
وفجرت إجراءات العزل في إسبانيا بالإضافة إلى تحركات مماثلة لتعطيل مظاهر الحياة العامة في فرنسا، حالة دهشة في غرب أوروبا في مطلع الأسبوع في الوقت الذي تحذو فيه دول حذو إيطاليا في فرض قيود لم تشهدها القارة في زمن السلم. ومن بين أهم الشخصيات التي ثبتت إصابتها بالمرض في إسبانيا زوجة رئيس الوزراء ووزيران في الحكومة وخمسة لاعبين في نادي بلنسية لكرة القدم.
(رويترز، أسوشييتد برس، فرانس برس)