التوسع العمراني يهدد الأراضي الزراعية في ذمار اليمنية

28 فبراير 2020
الأراضي الزراعية إلى تراجع (محمد حمود/ الأناضول)
+ الخط -

تتفاقم ظاهرة التوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية في محافظة ذمار، وسط اليمن، بسبب الزيادة المستمرة لأعداد السكان، وتدفّق النازحين إليها من جميع محافظات البلاد من جرّاء الحرب، بالإضافة إلى عدم وجود قوانين تحمي الأراضي الزراعية وغياب الرقابة

يبدي العديد من المزارعين اليمنيين تخوّفهم من جرّاء انخفاض مساحة الأراضي الزراعية في البلاد، لا سيما وأنّ أكثر من نصف القوى العاملة في اليمن تعمل في القطاع الزراعي، بحسب إحصاءات رسمية. ماجد الجهراني، مزارع من سكان محافظة ذمار، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ البناء على حساب الأراضي الزراعية في المحافظة، إلى جانب مشكلة توسّع زراعة شجرة القات المخدرة، أصبحا يهدّدان الأمن الغذائي في اليمن، لافتاً إلى أن "القيعان الزراعية في ذمار التي تمدّ جميع الأسواق اليمنية بمختلف أنواع الحبوب والمحاصيل الزراعية، تُعتبر سلة غذاء اليمن".

يضيف الجهراني: "تدهور الأوضاع المعيشية للمزارعين وعدم حصولهم على دعم من الدولة للاستمرار في الزراعة واستصلاح الأراضي، ساهم في تزايد عملية بيع الأراضي الزراعية، خاصة مع ارتفاع أسعارها بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب قيام بعض التجّار بشرائها لغرض البناء والتجارة".

ويشير الجهراني، إلى أن "استمرار البناء دون رقابة، يهدّد الزراعة التي تمثّل مصدر دخل أساسي لعدد كبير من المواطنين". كما طالب الجهراني الحكومة والسلطات المحليّة بالتدخّل بسرعة لإنهاء هذه المشكلة. المزارع محمد المعبري يضيف صوته إلى صوت الجهراني ويقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "تجّار العقارات يقومون بإغراء المزارعين من خلال عرض مبالغ مالية كبيرة عليهم مقابل شراء الأراضي الزراعية منهم، ونتيجة لتدهور الأوضاع المعيشية، يضطر العديد منهم لبيع أراضيهم".

ويؤكّد المعبري أن "غالبية المزارعين لا يدركون خطورة ظاهرة التوسع العمراني على الأمن الغذائي للبلاد، لذلك على الجهات المعنيّة، الحدّ من البناء في المساحات الزراعيّة، التي سوف تظهر سلبياتها مع مرور الوقت".



من جانبه، يفسّر المواطن خالد عبد الواحد، وهو من سكان مدينة ذمار، المخاوف الناتجة عن انتشار البناء في المناطق الزراعيّة بالإشارة إلى خصوبة الأرض في تلك المناطق. يقول لـ"العربي الجديد": "تُنتج الأراضي في مدينة ذمار أجود أنواع الخضروات والفواكه مثل الطماطم والبطاطا والبصل والبرتقال والعنب والتفاح والكثير من الورقيات"، لافتاً إلى أن العديد من المزارعين باتوا "يفضّلون زراعة شجرة القات كونها أكثر تحملاً للعطش والبرد إضافة إلى أنّ مكاسبها مرتفعة".

نتيجة لعدم وجود قوانين يمنية لحماية الأراضي الزراعية، وغياب رقابة الدولة، تزايدت مشكلة التوسّع العمراني على حساب الأراضي الزراعية بشكل كبير، خلال السنوات الأربع الماضية.
وفي هذا الإطار، يؤكد مدير مكتب الزراعة والريّ في محافظة ذمار، المهندس هلال الجشاري، أن "ظاهرة التوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية في المحافظة، باتت بحاجة إلى قرار جدّي من الدولة لوقف هذا العبث وحماية الأراضي الزراعية، خاصة في الجهة الشمالية والغربية".

ويضيف الجشاري لـ"العربي الجديد": "هذه المشكلة تتزايد يوماً بعد يوم في محافظة ذمار، إذ قضت على آلاف الهكتارات من القيعان الزراعية الخصبة التي تشكّل رافداً هاماً للاقتصاد الوطني مثل قاع ذمار، وقاع جهران وبكيل". ويشير إلى أن موقع محافظة ذمار المتميّز وسط اليمن، جعلها مركز جذب للعديد من المواطنين، لا سيما النازحين من المناطق الريفيّة التابعة للمحافظة كما المحافظات الأخرى.

ويوضح المسؤول اليمني، أن "أسعار الأراضي الزراعية ارتفعت بشكل خيالي، إذ بلغ سعر بعضها 50 مليون ريال يمني (أكثر من 84 ألف دولار أميركي)، على الرغم من أن تلك الأراضي بعيدة عن مركز المدينة، وحتى وقت قريب كانت غير مرغوبة باعتبارها أراضي زراعية". ويلفت إلى أن الأراضي المخصّصة للبناء في مدينة ذمار (مركز المحافظة) باتت غير متوفّرة، ما دفع المواطنين إلى شراء الأراضي الزراعية خارج المدينة للبناء عليها".

وعن الإجراءات التي اتخذها مكتب الزراعة والريّ في المحافظة لحماية الأراضي الزراعية، يقول الجشاري، إن "المكتب رفع مذكرة إلى القيادة المحليّة للمحافظة، تضمّنت مقترحات للحدّ من ظاهرة التوسّع العمراني في القيعان والوديان الزراعيّة من خلال مراجعة المخطّطات العمرانيّة السابقة، غير أن السلطات المحليّة أكّدت صعوبة إيقاف مخطّطات البناء في المناطق الزراعية في الوقت الحالي، بحجة أنّ ذلك سيزيد من ظاهرة البناء العشوائي، وأن الأمر يحتاج إلى تدخّل مباشر من قبل الحكومة".



ويشدّد الجشاري على أهمية وضع آلية واضحة سريعاً لمنع البناء في الأراضي الزراعية والحدّ من هذه الظاهرة. كما منع بيع وتأجير أراضي الأوقاف الزراعية. يضيف: "مكتب الزراعة والريّ بالمحافظة على تواصل مع اللّجنة الاقتصادية، ويتابع عملية إصدار قرارات تمنع التوسّع العمراني على حساب الأراضي الزراعية".

ووفقاً لتقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، الصادر في إبريل/ نيسان 2018، فإن تصاعد الصراع في اليمن، أدّى إلى تعطيل الأسواق والتجارة، وزيادة أسعار المواد الغذائية المحليّة، وتأخير الإنتاج الزراعي.

وبحسب المركز الوطني للمعلومات في اليمن، فإن القطاع الزراعي يُعد من أهم القطاعات التي تؤدي أدواراً رئيسية في تنمية الاقتصاد، إذ يساهم بنسبة 16.5 في المائة من الدخل القومي في اليمن، كما أن 54 في المائة من إجمالي القوى العاملة في البلاد تعمل في مجال الزراعة في مساحة تقدّر بأكثر من مليون ونصف المليون هكتار.