دانت منظمات حقوقية تونسية، عمليات تخريب قبور تم إعدادها بمقبرة سيدي أبيلبابة في قابس جنوب تونس، لدفن جثث مجهولي الهوية من المهاجرين الذين يلفظهم البحر، مؤكدة أنّ هذا العمل مخالف للقيم الإنسانية، داعية النيابة العامة إلى التحرك والقبض على المتهمين.
وقال رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبد الكبير، لـ"العربي الجديد"، إنّه تم إعداد قبور شاغرة في قابس لدفن جثث المهاجرين، وذلك في إطار خطة استباقية من قبل الصليب الأحمر الدولي وبلدية قابس، خاصة أن السنة الماضية شهدت طرح العديد من الإشكاليات بعد غرق مركب مهاجرين لفظهم البحر ولم يتم الاتفاق على مكان الدفن، مشيرا إلى الإشكال الحاصل بين بلدية قابس وبوشمة وطبلبة والمجلس البلدي والمجتمع المدني.
وبيّن أنه بعد إعداد قبور جاهزة استعدادا لدفن كل من يلفظهم البحر، عمد مجهولون إلى تهشيمها وتخريبها، وهو تصرّف غير مسؤول وعمل مدان من الناحية الإنسانية، لأن إكرام الميت دفنه، ولابد من حفظ كرامة من يتم العثور عليهم من الغرقى على السواحل التونسية، بحسب تعبيره، مؤكدا أن من أقدم على مثل هذه التصرفات لابد أن يحاسب، لأنّ البلديات تلعب دورا مدنيا وإنسانيا.
وأوضح أن حجج البعض بكون هؤلاء غير مسلمين ولا يجوز دفنهم في المقبرة نفسها مع المسلمين واهية، مبينا أنه لا يمكن الحكم على النوايا أو الجانب العقائدي للأشخاص، فمن حق البلديات دفن هؤلاء المهاجرين مهما كانت جنسياتهم، مشيرا إلى أنّ العادات والتقاليد لا تمنع حفظ الكرامة الإنسانية.
وأفاد المتحدث بأن إجراء دفن جثث المهاجرين يتم منذ سنوات، وتم وضع العديد من المقابر في الجنوب، ويتم ترقيم القبور والاحتفاظ ببعض الحاجيات التي تكون بحوزتهم، لأن عائلاتهم قد تبحث عنهم ذات يوم، وسيتم حينها تسليمهم العهدة. وأشار إلى أنّ بعض الجثث تكون عبارة عن أشلاء وأحيانا من دون ملامح، وفي حالات كثيرة لا يتم التمييز بين الجنس بسبب التحلل.
بدوره، دان فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بقابس، في بيان له، عملية تخريب القبور الشاغرة، مضيفا أن هذا العمل الإجرامي مخالف لكل الحقوق الطبيعية الدنيا ولكل القيم الإنسانية الكونية.
وطالب بلدية قابس بتقديم دعوى قضائية ضد كل من يثبت تورطه في هذا الجرم، ودعوة النيابة العمومية إلى التحرك بسرعة وأخذ الإجراءات ضد من يثبت تورطهم في عملية التخريب
والتدنيس، مشيرا إلى أنّ تونس والجهة سيوفران الحق في قبر يحفظ كرامة المهاجرين الغرقى ويضمن لأهاليهم فرصة التعرف على أبنائهم.