نغمات النشيد الوطني والأغنيات الوطنية التي يعتمدها الكثير من العراقيين على هواتفهم النقالة تحوّلت إلى ظاهرة باتت تنتشر بين العراقيين مؤخراً، انسجاماً مع التظاهرات الواسعة التي تشهدها البلاد منذ مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
اليوم، تُسمع الأغنيات الوطنية في كلّ مكان تقريباً، حتى أن الشباب والمراهقين يفضلونها على الأغنيات الأخرى التي اعتادوا الاستماع إليها، أو الأناشيد الدينية، وهم يؤكدون أنها تتناسب مع المرحلة التي يمر بها البلد، لتتحول هذه الأغنيات، إضافة إلى النشيد الوطني، إلى رنات مفضلة على هواتفهم.
وإلى جانب إكسسوارات الهواتف النقالة التي تعبر عن التظاهرات، مثل صور "التوك توك" ومبنى المطعم التركي الذي يطلق عليه المتظاهرون اسم جبل أحد، وصور نصب الحرية الذي يعد من أهم الرموز التي يعتز بها العراقيون لتجسيده معاني الثورة ضد الظلم، يقدم أصحاب محال تبيع الهواتف خدمة تنزيل الأغنيات الوطنية.
يملك رامي نبيل محلاً لبيع الهواتف النقالة وإكسسواراتها. وفي ظل ما تشهده البلاد، يقدم خدمة تنزيل النغمات، ويؤكد لـ "العربي الجديد" أن نغمات عدة تلقى رواجاً كبيراً، خصوصاً الأغنيات الوطنية والنشيد الوطني. ويشير إلى أن "الإقبال عليها زاد بشكل لافت بعد بدء التظاهرات".
يضيف نبيل: "هناك أغنيات وطنيّة مشهورة لدى العراقيّين، تعود إلى فترة الحرب مع إيران، وما زالت مطلوبة بسبب كلماتها المعبّرة وموسيقاها الحماسية المؤثرة. وهناك أغنيات تجاوز عمرها العشر سنوات إلا أنها تعد مميزة بالنسبة للعراقيين. كما أن بعض الأغنيات الحديثة شهدت تفاعلاً كبيراً من قبل العراقيين، وأصبحت هذه الأغنيات مفضلة وتستخدم كرنات للهواتف".
ويحرص المغنون العراقيون الشباب على إعادة توزيع موسيقى الأغنيات الوطنية بما يتناسب مع أذواق الشباب الذين يستمعون إلى الأغنيات الحديثة والسريعة الإيقاع. يشار إلى أنه زاد إقبال الشباب على هذه الأغنيات خلال فترة المعارك بين القوات العراقية وتنظيم "داعش" (2015 ــ 2017).
وتنتشر الأغنيات الوطنية في العراق، وقد برزت خلال فترة الحرب مع إيران في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت "تلهب حماس العراقيين والجنود معاً" بحسب الملحن محمد العلي، الذي يقول إنه أنهى تلحين أغنية وطنية أخيراً.
العلي يقول لـ "العربي الجديد" إنه "في الوقت الحالي، يكتب شعراء شباب قصائد تتغنى بالتظاهرات وحب الوطن، علماً أن الكثير منها مستوحى من واقع الحال. ويرغب المغنون الشباب في غنائها ودعم المتظاهرين في مطالبهم".
يتابع: "الكلمات واللحن والأداء الأقرب إلى الناس هو الذي سيشتهر ويطغى على غيره. قدّم المطربون مئات الأغاني الوطنية، لكن لم تشتهر كلها. بالتأكيد الأغنية التي تنال قبولاً ستتحول إلى نغمات على الهواتف النقالة".
في ساحات التظاهر، يُسمع النشيد الوطني العراقي بأصوات مجموعة غنائية، أو بصوت أحد المطربين، وأحياناً بتوزيع جديد للحن أو عزف منفرد على آلة موسيقية واحدة وغيرها منذ اندلاع التظاهرات. كما تبث في وسائل الإعلام، وباتت تعتمد كنغمات للهواتف.
ويرى كثيرون، خصوصاً الشباب، أنه من غير المناسب أن يرن الهاتف بنغمة موسيقية عادية أو أغنية عاطفية في وقت يعيش البلد تظاهرات يسقط فيها قتلى ومصابون، ويعتقل آخرون. كما يبيت يومياً المئات في ساحات التظاهر بهدف تحقيق مطالب الغالبية في نيل حقوقهم المشروعة.
ويطالب المتظاهرون بتغيير الحكومة الحالية، ومجيء حكومة تخلق فرص عمل للمواطنين وتعمل على توفير الخدمات الأساسية، وأن يدار البلد من قبل الكفاءات بعيداً عن المحاصصة الطائفية.
اقــرأ أيضاً
"تلك المطالب التي يضحي من أجلها الشباب بأنفسهم تستحق منا الاحترام"، يقول دريد رزاق. على الرغم من أنه في العقد الخامس من العمر، يؤكّد لـ "العربي الجديد" أن "هؤلاء الشباب، وهم في عمر أولادي، علموني وغيري الكثير". يضيف: "هؤلاء لم تهزمهم كل أدوات القتل والقمع. لم يهزمهم الرصاص الحي ولا الاغتيالات ولا الخطف، بل كل ما حدث كان يزيدهم قوة". ويقول: "على الرغم من أنني كنت جندياً وشاركت في الحرب مع إيران، لكنني أعترف بأنني لا أملك قوة هؤلاء الشباب وعزيمتهم وروحهم الوطنية وحبهم للحرية".
وقتل أكثر من 500 وأصيب نحو 21 ألف متظاهر في بغداد ومحافظات عدة، نتيجة استخدام القوات الأمنية الرصاص الحي لقمع التظاهرات السلمية، في حين ما زال خطف الناشطين والصحافيين المؤيدين للتظاهرات مستمراً.
ويقول رزاق إن "تضحيات الشباب ومواقفهم أحيت فيّ الروح الوطنية، وقد بات النشيد الوطني نغمة على هاتفي بسببهم". موسيقى النشيد الوطني أصبحت نغمة يعتمدها كثيرون، لا سيما كبار السن والنساء، فالتظاهرات شهدت دعماً شعبياً كبيراً من قبل فئات المجتمع المختلفة، وفي مشاهد غير مسبوقة تحولت ساحات التظاهر إلى مساحة للتعايش والتكافل والتعاون لم تشهدها التظاهرات السابقة.
تقول وعد الهاشمي، التي تشارك بالتظاهرات في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، إن ثلاثة من أبنائها مستمرون بالتظاهر منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقد تعرضوا لإصابات. وتشير إلى أنها تقدم باستمرار الطعام الذي تعده في منزلها للمتظاهرين. تضيف لـ "العربي الجديد": "أفتخر بأولادي الثلاثة لأنهم شجعان. توقفوا عن دراستهم الجامعية من أجل المشاركة في التظاهرات. على هاتفي، اخترت لكل واحد منهم نغمة أغنية وطنية. وكلما هاتفني أحدهم أعرف أنه المتصل من النغمة".
تتابع الهاشمي: "في السابق، كنت أعتمد نغمة عادية من نغمات الهاتف، لأنني كنت أرى أنه من المعيب، وأنا كبيرة في السن، أن أعتمد نغمة فيها موسيقى أو غناء. لكن الوضع اليوم اختلف كثيراً، حتى إن أصوات النغمات الثلاث التي أعتمدها في هاتفي مرتفعة جداً. نحن نفتخر بأولادنا ووطننا وثورتنا ضد الظلم. هذه الأغنيات تعبر عن حبنا للوطن وتأييدنا للتظاهرات التي تطالب بتغيير الحكومة".
اليوم، تُسمع الأغنيات الوطنية في كلّ مكان تقريباً، حتى أن الشباب والمراهقين يفضلونها على الأغنيات الأخرى التي اعتادوا الاستماع إليها، أو الأناشيد الدينية، وهم يؤكدون أنها تتناسب مع المرحلة التي يمر بها البلد، لتتحول هذه الأغنيات، إضافة إلى النشيد الوطني، إلى رنات مفضلة على هواتفهم.
وإلى جانب إكسسوارات الهواتف النقالة التي تعبر عن التظاهرات، مثل صور "التوك توك" ومبنى المطعم التركي الذي يطلق عليه المتظاهرون اسم جبل أحد، وصور نصب الحرية الذي يعد من أهم الرموز التي يعتز بها العراقيون لتجسيده معاني الثورة ضد الظلم، يقدم أصحاب محال تبيع الهواتف خدمة تنزيل الأغنيات الوطنية.
يملك رامي نبيل محلاً لبيع الهواتف النقالة وإكسسواراتها. وفي ظل ما تشهده البلاد، يقدم خدمة تنزيل النغمات، ويؤكد لـ "العربي الجديد" أن نغمات عدة تلقى رواجاً كبيراً، خصوصاً الأغنيات الوطنية والنشيد الوطني. ويشير إلى أن "الإقبال عليها زاد بشكل لافت بعد بدء التظاهرات".
يضيف نبيل: "هناك أغنيات وطنيّة مشهورة لدى العراقيّين، تعود إلى فترة الحرب مع إيران، وما زالت مطلوبة بسبب كلماتها المعبّرة وموسيقاها الحماسية المؤثرة. وهناك أغنيات تجاوز عمرها العشر سنوات إلا أنها تعد مميزة بالنسبة للعراقيين. كما أن بعض الأغنيات الحديثة شهدت تفاعلاً كبيراً من قبل العراقيين، وأصبحت هذه الأغنيات مفضلة وتستخدم كرنات للهواتف".
ويحرص المغنون العراقيون الشباب على إعادة توزيع موسيقى الأغنيات الوطنية بما يتناسب مع أذواق الشباب الذين يستمعون إلى الأغنيات الحديثة والسريعة الإيقاع. يشار إلى أنه زاد إقبال الشباب على هذه الأغنيات خلال فترة المعارك بين القوات العراقية وتنظيم "داعش" (2015 ــ 2017).
وتنتشر الأغنيات الوطنية في العراق، وقد برزت خلال فترة الحرب مع إيران في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت "تلهب حماس العراقيين والجنود معاً" بحسب الملحن محمد العلي، الذي يقول إنه أنهى تلحين أغنية وطنية أخيراً.
العلي يقول لـ "العربي الجديد" إنه "في الوقت الحالي، يكتب شعراء شباب قصائد تتغنى بالتظاهرات وحب الوطن، علماً أن الكثير منها مستوحى من واقع الحال. ويرغب المغنون الشباب في غنائها ودعم المتظاهرين في مطالبهم".
يتابع: "الكلمات واللحن والأداء الأقرب إلى الناس هو الذي سيشتهر ويطغى على غيره. قدّم المطربون مئات الأغاني الوطنية، لكن لم تشتهر كلها. بالتأكيد الأغنية التي تنال قبولاً ستتحول إلى نغمات على الهواتف النقالة".
في ساحات التظاهر، يُسمع النشيد الوطني العراقي بأصوات مجموعة غنائية، أو بصوت أحد المطربين، وأحياناً بتوزيع جديد للحن أو عزف منفرد على آلة موسيقية واحدة وغيرها منذ اندلاع التظاهرات. كما تبث في وسائل الإعلام، وباتت تعتمد كنغمات للهواتف.
ويرى كثيرون، خصوصاً الشباب، أنه من غير المناسب أن يرن الهاتف بنغمة موسيقية عادية أو أغنية عاطفية في وقت يعيش البلد تظاهرات يسقط فيها قتلى ومصابون، ويعتقل آخرون. كما يبيت يومياً المئات في ساحات التظاهر بهدف تحقيق مطالب الغالبية في نيل حقوقهم المشروعة.
ويطالب المتظاهرون بتغيير الحكومة الحالية، ومجيء حكومة تخلق فرص عمل للمواطنين وتعمل على توفير الخدمات الأساسية، وأن يدار البلد من قبل الكفاءات بعيداً عن المحاصصة الطائفية.
وقتل أكثر من 500 وأصيب نحو 21 ألف متظاهر في بغداد ومحافظات عدة، نتيجة استخدام القوات الأمنية الرصاص الحي لقمع التظاهرات السلمية، في حين ما زال خطف الناشطين والصحافيين المؤيدين للتظاهرات مستمراً.
ويقول رزاق إن "تضحيات الشباب ومواقفهم أحيت فيّ الروح الوطنية، وقد بات النشيد الوطني نغمة على هاتفي بسببهم". موسيقى النشيد الوطني أصبحت نغمة يعتمدها كثيرون، لا سيما كبار السن والنساء، فالتظاهرات شهدت دعماً شعبياً كبيراً من قبل فئات المجتمع المختلفة، وفي مشاهد غير مسبوقة تحولت ساحات التظاهر إلى مساحة للتعايش والتكافل والتعاون لم تشهدها التظاهرات السابقة.
تقول وعد الهاشمي، التي تشارك بالتظاهرات في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، إن ثلاثة من أبنائها مستمرون بالتظاهر منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقد تعرضوا لإصابات. وتشير إلى أنها تقدم باستمرار الطعام الذي تعده في منزلها للمتظاهرين. تضيف لـ "العربي الجديد": "أفتخر بأولادي الثلاثة لأنهم شجعان. توقفوا عن دراستهم الجامعية من أجل المشاركة في التظاهرات. على هاتفي، اخترت لكل واحد منهم نغمة أغنية وطنية. وكلما هاتفني أحدهم أعرف أنه المتصل من النغمة".
تتابع الهاشمي: "في السابق، كنت أعتمد نغمة عادية من نغمات الهاتف، لأنني كنت أرى أنه من المعيب، وأنا كبيرة في السن، أن أعتمد نغمة فيها موسيقى أو غناء. لكن الوضع اليوم اختلف كثيراً، حتى إن أصوات النغمات الثلاث التي أعتمدها في هاتفي مرتفعة جداً. نحن نفتخر بأولادنا ووطننا وثورتنا ضد الظلم. هذه الأغنيات تعبر عن حبنا للوطن وتأييدنا للتظاهرات التي تطالب بتغيير الحكومة".