تكشف خريطة الموارد البشرية في القطاع الصحي التونسي نقصاً كبيراً في كوادر وموظفي الصحّة العامة في جهات داخلية كثيرة من البلاد. هذه الجهات لا تتوفّر فيها أبسط الخدمات الصحية. النقص لا يتعلق فقط بالأطباء أو بالكادر شبه الطبي، بل يشمل كذلك موظفي الإدارات الصحية في تونس وفق تأكيد متدخّلين كثيرين في القطاع. وتقرّ الجهات الرسمية بمعظمها بهذا النقص الذي لا تظهر عواقبه بصورة كبيرة إلا بعد تسجيل فاجعة في إحدى الجهات، من قبيل وفاة امرأة حامل أو رضيع في مستشفى للأطفال أو حادثة مرور. ولعلّ ما حصل عند انقلاب حافلة في عمدون بمحافظة باجة، شمال غربي البلاد، في ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، ساهم في كشف النقص في الكادر الطبي وكذلك المعدّات ذات الصلة. وفي كلّ مرّة، يشهد التونسيون مساءلة وزير الصحة في البرلمان حول أسباب نقص المعدات أو نقص أطباء الاختصاص أو غير ذلك، وكأنّ الأمر غير معلوم من قبل النواب، وكأنّ المعنيين عموماً لا يدركون حجم النقص في المستشفيات الجهوية التي تفتقر إلى معدّات أساسية لتشخيص الحالات المرضية.
اقــرأ أيضاً
يقول كاتب عام العمادة الوطنية للأطباء في تونس، نزيه الزغل، لـ"العربي الجديد"، إنّ "أكثر من عشر ولايات تشكو نقصاً كبيراً في عدد الأطباء ويغيب فيها المعدّل العادي الذي يكون عادة في حدود 130 طبيباً لكلّ 100 ألف نسمة. وفي بعض المناطق ثمّة 51 طبيباً فقط لكلّ 100 ألف نسمة"، مضيفاً أنّ أكثر المناطق التي تشكو نقصاً في الكادر الطبي وشبه الطبي هي الكاف وجندوبة في الشمال وقبلي وتطاوين في الجنوب". ويؤكد أنّ "من شأن ذلك التأثير بشكل كبير على الأداء الطبي والخدمات الصحية، لا سيّما في اختصاصات عدّة مهمة، من قبيل الأمراض النسائية والتوليد وأمراض القلب والشرايين وكذلك أمراض السرطان". ويشير إلى أنّ "عدم توفّر التجهيزات والمعدات الطبية في المستشفيات الداخلية تسبّب في عزوف الأطباء عن العمل في عدد من المستشفيات والمراكز الصحية، يُضاف إلى ذلك النقص في الكادر الطبي المساعد".
وفي خلال جلسة مساءلة لها في البرلمان في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أشارت وزيرة الصحة بالنيابة سنية بالشيخ إلى أنّ 1800 كادر وموظف يغادرون وزارة الصحة سنوياً، من دون أيّ تعويض، منذ عام 2014. أضافت أنّ أيّ انتدابات جديدة لم تُسجَّل في وزارة الصحة منذ عام 2017، لكنّ ألفَي كادر عُيّنوا في وزارة الصحة بصفة تعاقدية في خلال العام الماضي وجرى توزيعهم على الولايات كلها. وتابعت أنّ ثمّة نقصاً في حجم الاعتمادات المخصصة لانتداب الأطباء. كذلك أفادت بالشيخ بأنّ الوزارة سوف تفتح قريباً مناظرة لانتداب ألفَي إطار في القطاع بهدف تأمين ما تحتاجه من موارد بشرية، لافتة إلى برمجة 44 مشروعاً استثمارياً بقيمة 750 مليون دولار أميركي في خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020 من أجل إنشاء وتوسيع عدد من المستشفيات وغيرها من المنشآت الصحية.
ويقرّ المتدخلون في القطاع الصحي بمعظمهم بأنّ أبرز أسباب النقص في الموارد البشرية بالمراكز الصحية والمستشفيات العمومية تعود إلى هجرة الأطباء وموظفي الصحة، خصوصاً في الأعوام الأخيرة، بالإضافة إلى توقّف الانتدابات في الوظيفة العمومية وعدم تعويض المغادرين، إلى جانب تحوّل بعض الكوادر إلى القطاع الخاص حيث تتوفّر التجهيزات الضرورية والأجور مرتفعة.
من جهتها، تقول الكاتبة العامة المساعدة لنقابة الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان في الصحة العمومية، راضية بورتيتة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ألفَي كادر طبي تقريباً، بمن فيهم أطباء اختصاص، غادروا القطاع العام ولم يحصلوا على تعويضات منذ عام 2015، وذلك بسبب توقف الانتدابات العمومية حتى عام 2022"، مؤكدة أنّ "من شأن ذلك أن يؤدّي إلى تضاعف النقص الحاصل في القطاع". تضيف بورتيتة أنّه "لا ينبغي شمل القطاعات الحساسة مثل القطاع الصحي بقرارات وقف الانتدابات"، مشيرة إلى أنّ "الانتداب وفق نظام التعاقد المؤقت (لمدّة محدّدة) الذي اضطرت الوزارة إلى اعتماده لا يحلّ المشكلة فيما المتخصصون بمعظمهم يرفضون العمل بنظام التعاقد المؤقت".
والنقص لا يشمل فقط الكادر الطبي وشبه الطبي وموظفي الصحة في المستشفيات، بل كذلك الإداريين في المكاتب، بسبب توقف الانتدابات في كلّ الوظائف العمومية، الأمر الذي عطّل سير العمل الإداري في بعض المستشفيات والمراكز الصحية.
اقــرأ أيضاً
في السياق، تؤكد مديرة إدارة الإحصاءات في وزارة الصحة، آمال بريك، لـ"العربي الجديد"، أنّ "ثمّة نقصاً بالفعل في الكادر الطبي وشبه الطبي وموظفي الصحة في جهات عدّة. وقد أثّر ذلك على مستوى الخدمات الصحية وتسيير المستشفيات". تضيف أنّ "الوزارة تعمل اليوم على تحديد خارطة توضح مجالات النقص وأماكنها، والهدف من ذلك وضع جدول يوضح النقص في توزيع الأطباء في الجهات الداخلية وتحديد احتياجاتها واحتياجات كلّ مستشفى من كادر متخصص، بالإضافة إلى تحديد احتياجات المراكز الصحية الداخلية من موارد بشرية على مستوى الإدارات وسير الإدارة في المستشفيات". أضافت أنّ "العمل جارٍ كذلك لوضع خارطة صحية دقيقة حول مؤشّرات الصحة في الجهات، واحتياجات كلّ مستشفى ومركز صحي من معدّات وتجهيزات، مع تحديد أوضاع البنية التحتية لكلّ مستشفى وتوزيع الموارد البشرية في القطاع الصحي".
يقول كاتب عام العمادة الوطنية للأطباء في تونس، نزيه الزغل، لـ"العربي الجديد"، إنّ "أكثر من عشر ولايات تشكو نقصاً كبيراً في عدد الأطباء ويغيب فيها المعدّل العادي الذي يكون عادة في حدود 130 طبيباً لكلّ 100 ألف نسمة. وفي بعض المناطق ثمّة 51 طبيباً فقط لكلّ 100 ألف نسمة"، مضيفاً أنّ أكثر المناطق التي تشكو نقصاً في الكادر الطبي وشبه الطبي هي الكاف وجندوبة في الشمال وقبلي وتطاوين في الجنوب". ويؤكد أنّ "من شأن ذلك التأثير بشكل كبير على الأداء الطبي والخدمات الصحية، لا سيّما في اختصاصات عدّة مهمة، من قبيل الأمراض النسائية والتوليد وأمراض القلب والشرايين وكذلك أمراض السرطان". ويشير إلى أنّ "عدم توفّر التجهيزات والمعدات الطبية في المستشفيات الداخلية تسبّب في عزوف الأطباء عن العمل في عدد من المستشفيات والمراكز الصحية، يُضاف إلى ذلك النقص في الكادر الطبي المساعد".
وفي خلال جلسة مساءلة لها في البرلمان في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أشارت وزيرة الصحة بالنيابة سنية بالشيخ إلى أنّ 1800 كادر وموظف يغادرون وزارة الصحة سنوياً، من دون أيّ تعويض، منذ عام 2014. أضافت أنّ أيّ انتدابات جديدة لم تُسجَّل في وزارة الصحة منذ عام 2017، لكنّ ألفَي كادر عُيّنوا في وزارة الصحة بصفة تعاقدية في خلال العام الماضي وجرى توزيعهم على الولايات كلها. وتابعت أنّ ثمّة نقصاً في حجم الاعتمادات المخصصة لانتداب الأطباء. كذلك أفادت بالشيخ بأنّ الوزارة سوف تفتح قريباً مناظرة لانتداب ألفَي إطار في القطاع بهدف تأمين ما تحتاجه من موارد بشرية، لافتة إلى برمجة 44 مشروعاً استثمارياً بقيمة 750 مليون دولار أميركي في خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020 من أجل إنشاء وتوسيع عدد من المستشفيات وغيرها من المنشآت الصحية.
ويقرّ المتدخلون في القطاع الصحي بمعظمهم بأنّ أبرز أسباب النقص في الموارد البشرية بالمراكز الصحية والمستشفيات العمومية تعود إلى هجرة الأطباء وموظفي الصحة، خصوصاً في الأعوام الأخيرة، بالإضافة إلى توقّف الانتدابات في الوظيفة العمومية وعدم تعويض المغادرين، إلى جانب تحوّل بعض الكوادر إلى القطاع الخاص حيث تتوفّر التجهيزات الضرورية والأجور مرتفعة.
من جهتها، تقول الكاتبة العامة المساعدة لنقابة الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان في الصحة العمومية، راضية بورتيتة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ألفَي كادر طبي تقريباً، بمن فيهم أطباء اختصاص، غادروا القطاع العام ولم يحصلوا على تعويضات منذ عام 2015، وذلك بسبب توقف الانتدابات العمومية حتى عام 2022"، مؤكدة أنّ "من شأن ذلك أن يؤدّي إلى تضاعف النقص الحاصل في القطاع". تضيف بورتيتة أنّه "لا ينبغي شمل القطاعات الحساسة مثل القطاع الصحي بقرارات وقف الانتدابات"، مشيرة إلى أنّ "الانتداب وفق نظام التعاقد المؤقت (لمدّة محدّدة) الذي اضطرت الوزارة إلى اعتماده لا يحلّ المشكلة فيما المتخصصون بمعظمهم يرفضون العمل بنظام التعاقد المؤقت".
والنقص لا يشمل فقط الكادر الطبي وشبه الطبي وموظفي الصحة في المستشفيات، بل كذلك الإداريين في المكاتب، بسبب توقف الانتدابات في كلّ الوظائف العمومية، الأمر الذي عطّل سير العمل الإداري في بعض المستشفيات والمراكز الصحية.
في السياق، تؤكد مديرة إدارة الإحصاءات في وزارة الصحة، آمال بريك، لـ"العربي الجديد"، أنّ "ثمّة نقصاً بالفعل في الكادر الطبي وشبه الطبي وموظفي الصحة في جهات عدّة. وقد أثّر ذلك على مستوى الخدمات الصحية وتسيير المستشفيات". تضيف أنّ "الوزارة تعمل اليوم على تحديد خارطة توضح مجالات النقص وأماكنها، والهدف من ذلك وضع جدول يوضح النقص في توزيع الأطباء في الجهات الداخلية وتحديد احتياجاتها واحتياجات كلّ مستشفى من كادر متخصص، بالإضافة إلى تحديد احتياجات المراكز الصحية الداخلية من موارد بشرية على مستوى الإدارات وسير الإدارة في المستشفيات". أضافت أنّ "العمل جارٍ كذلك لوضع خارطة صحية دقيقة حول مؤشّرات الصحة في الجهات، واحتياجات كلّ مستشفى ومركز صحي من معدّات وتجهيزات، مع تحديد أوضاع البنية التحتية لكلّ مستشفى وتوزيع الموارد البشرية في القطاع الصحي".