أدانت عدة جهات عاملة في القطاع الصحي السوري اعتداء عناصر من هيئة تحرير الشام اليوم الأربعاء، بالضرب على الطبيب عثمان الحسن، اختصاصي الجراحة العظمية، وإطلاقهم النار على قدمه بعد اعتقاله لساعات بمكان مجهول، قبل الإفراج عنه لاحقاً.
واستنكرت مديرية الصحة في إدلب، في بيان، الاعتداء، وقالت: "في الوقت الذي تستنفر فيه الكوادر الطبية على مدار الساعة لخدمة أهلنا الصامدين في المناطق المحررة في مواجهة آلة القتل الممنهجة، ويضحي الكوادر الطبية بأرواحهم لإنقاذ الأرواح البريئة من إجرام النظام وحلفائه، وبالتزامن مع استهداف 36 منشأة طبية، وتهجير أكثر من 600 ألف مواطن من ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، نفجع بما قامت به العناصر الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام بحق الدكتور عثمان الحسن من اعتداء لفظي وجسدي".
وكشف البيان أن عناصر هيئة تحرير الشام قاموا بجرائم أخرى بينها "انتهاك حرمة مشفى باب الهوى، وتوجيه إهانات لفظية وتهديد بالاعتقال للكوادر الطبية في المشفى، وعدم السماح لهم بالقيام بواجبهم الطبي تجاه الطبيب المعتقل، واقتياده إلى جهة مجهولة قبل أن يتم الإفراج عنه في وقت لاحق".
وتابع البيان: "نحن في مديرية صحة إدلب ندين هذا التصرف الغوغائي غير المسؤول، ونطلب وقف أي شكل من أشكال الاعتداء على حرمة المنشآت الطبية، والكوادر الإنسانية العاملة في المناطق المحررة، ومحاكمة العناصر التي قامت بهذا الاعتداء، والاعتذار الصريح من الدكتور عثمان صاحب الأيادي البيضاء، ونحتفظ بحق التصعيد ضد هذه الحادثة، وفي أي حادث اعتداء يحصل بحق القطاع الصحي".
وأعلنت نقابة الأطباء في إدلب، في بيان، إيقاف العمل الطبي للحالات الباردة والعيادات، والاقتصار على الحالات الإسعافية المهددة للحياة، ودعت كافة الأطباء العاملين في القطاع الخاص إلى المشاركة، كما دعت إلى التحقيق في الواقعة، والحد من هذه التصرفات غير المسؤولة.
وقال مدير إدارة السلامة في منظمة "أوسوم"، الطبيب أحمد دبيس، لـ"العربي الجديد": "حتى لو كان السلوك الذي اتبعه عناصر الحاجز الأمني سلوكا فرديا، فيجب أن تتم محاسبتهم من قبل الجهات المسؤولة عنهم، والتعهد بعدم تكرار الاعتداء على أي من الكوادر الطبية. مؤكد أن العنصر الطبي إنسان يخطئ ويصيب، وإذا كان هناك خطأ ارتكبه الطبيب أو العامل في المجال الإنساني، فهناك طرق رسمية يتم من خلالها التحقيق معهم أما محاسبتهم على أشياء لم يفعلوها، أو لأنهم يعملون ضمن القطاع الإنساني أو المنشآت الصحية فهذ أمر غير مسموح به".
وأضاف دبيس أن "التقليل من احترام أو انتهاك حقوق الطبيب، والاعتداء على كادر مشفى باب الهوى، وانتهاك حرمة المشفى غير مسموح به لأي شخص، وكان من الواجب احترام رغبة الأطباء وإبقاء الطبيب في غرفة العمليات وعدم إخراجه من المشفى".
وقال أحمد يوسف الذي يراجع المشفى لـ"العربي الجديد": "المشفى عصب حياة لنا كأهالي، وقدم على مدار أعوام خدمات هائلة، ونحن كمدنيين نرفض هذا الفعل غير الأخلاقي، فهؤلاء الاطباء يمكنهم مغادرة المناطق المحررة للبحث عن الأمان، ووجودهم هنا إنساني بالدرجة الأولى، وتوفير أمنهم واجب الجميع".
وقال مكتب العلاقات الإعلامية في "تحرير الشام" في بيان، إن "الجهاز الأمني نصب كمينا لإلقاء القبض على عصابة خطف، وأن الطبيب دخل بسيارته إلى مكان الكمين، فبادرت الدورية لاعتقاله ظنا أنه أحد أفراد العصابة، وأطلقت النار على إطارات السيارة".
واعترفت "تحرير الشام" في بيانها بإساءة أحد أفراد الدورية للطبيب، مشيرة إلى أنه "بعد ساعات أخلي سراح الطبيب بعد التعرف إليه من قبل عدة جهات، والتأكد أنه لا علاقة له بالعصابة، وأن سبب اشتباكه مع الدورية هو ظنه أنها عملية خطف له، ولذلك قام بالدفاع عن نفسه".
وقدمت "الهيئة" اعتذارًا للطبيب وأهله عن الخطأ الصادر عن عناصر الدورية، وأعلنت إحالة جميع العناصر إلى التحقيق لمعرفة ملابسات ما حدث، ومحاسبة من أخطأ، مؤكدة استعدادها لتنفيذ كل ما يصدر بحق أفراد الدورية من القضاء الشرعي.
وسبق أن تعدت عناصر هيئة تحرير الشام على الأطباء والكوادر العاملة بمجال الصحة خلال الأعوام السابقة، وكان أبرزها اعتقال مدير صحة حماة الحرة، الطبيب مرام الشيخ، في ديسمبر 2018، بعد اقتحام عناصر الهيئة لمديرية صحة حماة.