تشتكي عائلات كثيرة في الكويت من تحول أحيائها السكنية إلى مناطق مخصصة للعازبين من الوافدين، ما يستدعي تدخل السلطات الأمنية أحياناً، لكنّ هذا التدخل تواجهه بعض الأصوات الحقوقية المدافعة عن العمال العازبين
يثير سكن العمال العازبين في المناطق والضواحي السكنية النموذجية والخاصة جدالاً كبيراً في أوساط المجتمع الكويتي بين اتهامات لبعض تجار العقارات الخاصة بالجشع في سبيل تحصيل أرباح كبيرة، واتهامات للحكومة بالتقصير، وبين مطالبة الأخيرة بتوفير مدن عمالية جديدة وإنهاء حالة الفوضى الكبيرة في السكن بدلاً من قطع بلدية الكويت التيار الكهربائي عن المنازل التي يسكن فيها العازبون لإجبارهم على الخروج منها.
يبلغ عدد العازبين في الكويت مليوناً و400 ألف نسمة، من بينهم مليون و100 ألف وافد من الذكور، يعملون في شتى قطاعات الدولة. كثيرون من هؤلاء هم من ذوي الأجور المتدنية ممن يتشاركون الغرف مع بعضهم البعض لتوفير أموال السكن والمأكل والمشرب، بينما يسكن الكويتيون العازبون مع أهلهم في الغالب وفقاً للعادات والتقاليد المجتمعية.
اقــرأ أيضاً
لا سكنات في الكويت تكفي لاستيعاب الوافدين العازبين ما يضطر كثيرين منهم إلى السكن في المناطق الخاصة أو النموذجية أو الاستثمارية، حيث يقسم بعض مالكي العقارات بيوتهم إلى غرف صغيرة ويؤجرونها للعازبين طمعاً في الحصول على ربح أكبر. لكنّ عملية التأجير تلك تؤدي إلى مضايقة العائلات التي تسكن في البيوت المجاورة للعازبين بسبب كثرة أعدادهم بما لا يتلاءم مع حجم المنزل أو حتى حجم الخدمات المقدمة في المنطقة.
يقول أحمد الرشيدي وهو أحد سكان منطقة الرابية في محافظة الفروانية، والتي تعاني من زحف العازبين لها لـ"العربي الجديد": "ليست لدينا مشكلة عنصرية مع العمال العازبين أو غيرهم، لكنّنا في ضاحية سكنية وليست منطقة عمال حتى يخرج بعض أصحاب البيوت منها للسكن في مناطق أخرى، ويؤجروا بيوتهم الأصلية للعازبين طمعاً بالحصول على عوائد أكبر". يضيف: "تجار العقارات هؤلاء لا يأبهون بكونهم يساهمون في تدمير المنطقة شيئاً فشيئا عبر زيادة عدد سكانها بما يخرّب البنية التحتية، ويجعلها سيئة بالإضافة إلى أنّ البيوت المؤجرة للعازبين تتحول إلى بيوت شبه مهدمة بسبب التعديلات المستمرة فيها وتقسيم الغرف وعدم الاهتمام بنظافتها".
في حال تزايد عدد العازبين في الشارع أو الحيّ الواحد، فإنّ العائلات تضطر للخروج من منطقتها السكنية وبيع المنزل أو تأجيره وقبض ثمنه واستئجار منزل آخر في ضاحية أخرى لم يصل إليها العازبون. وتعد منطقة جليب الشيوخ، إحدى أشهر المناطق التي فرت منها العائلات بسبب تزايد العازبين خلال تسعينيات القرن الماضي، ما أدى إلى تحول بعض أحيائها من مناطق سكنية هادئة إلى مدن عمالية صاخبة تسبب صداعاً للجهات الأمنية في البلاد بسبب الفوضى الحاصلة داخلها وعدد سكانها الذي بلغ أكثر من 400 ألف وفق إحصاءات رسمية وغير رسمية، بالرغم من أنّ بنيتها التحتية لم تُبنَ لخدمة أكثر من 30 ألف نسمة وفقاً للمهندس وليد القطامي.
عمل وليد، سنوات طويلة في بلدية الكويت، وراقب جيداً طريقة زحف العازبين نحو المناطق السكنية، كما كان من سكان منطقة جليب الشيوخ قبل أن يضطر عام 2006 لبيع منزله والسكن في منطقة إشبيلية المجاورة، بسبب تكاثر العازبين في الشارع السكني الذي يقع فيه بيته. يشرح لـ"العربي الجديد": "جذور المشكلة بدأت عندما زاد عدد العمال في الكويت بشكل لا يتناسب مع حجم المدن العمالية البسيطة في الثمانينيات ما اضطر كثيراً من العمال العازبين إلى استئجار بيوت في مناطق السكن الخاص، في ظلّ رغبة بعض مالكي العقارات الذين يملكون بيتين أو أكثر في الحصول على عوائد ضخمة من خلال تقسيم البيوت إلى غرف بدلاً من شقق وتأجيرها لهؤلاء العمال الذين ليس لهم مكان يسكنون فيه". يتابع: "المشكلة أنّ مناطق مثل المهبولة وجليب الشيوخ والتي تعد مناطق عمالية لا تسكنها عائلات المواطنين أو الوافدين لم تعد تكفي للعمال العازبين، إذ وصلوا إلى المناطق المحيطة. والمضحك في الأمر أنّه بعد أكثر من 15 عاماً من بيعي بيتي في منطقة جليب الشيوخ هرباً من العمال العازبين، اجّر جاري بيته لهم، هنا في إشبيلية، طمعاً في أرباح أكبر من تأجيره للعائلات".
يقول أحمد حسني، وهو مقيم مصري في الكويت مع عائلته لـ"العربي الجديد": "وجود العازبين في حينا السكني بات يهدد عائلتي، ولا أريد شيطنتهم أو الحديث بفوقية عنهم، لكنّ الكثيرين من بينهم عمال غير متعلمين وليسوا مستقرين مع أسر ويعيشون بعضهم مع بعض، وغالباً ما يشربون الخمر المصنوع منزلياً، ويتشاجرون في ما بينهم. وفي إحدى المرات حدثت مشاجرة كبيرة بين عمال عازبين من الجنسيتين الهندية والباكستانية، وتوقفت المنطقة التي أسكن فيها عن الحركة يوماً كاملاً، ما أدى إلى غيابي عن العمل وغياب أبنائي عن المدرسة".
ولا يقتصر الأمر على سكن العمال العازبين في تلك المناطق بل إنّ بعضهم يبني مشاريع تجارية غير مرخصة فيها مما يسبب إزعاجاً وتلوثاً وازدحاماً في المناطق التي يفترض بها أن تكون هادئة. وهكذا فوجئ مطلق المطيري وهو أحد سكان منطقة الجهراء في أحد الأيام بضجة كبيرة في المنزل المجاور لمنزله والذي يُستخدم لسكن العازبين، وعند دخوله وجد ورشة أخشاب هناك. يقول لـ"العربي الجديد": "فوجئت بالمشهد، واتصلت بالشرطة على الفور فجاءت ولم تتمكن من فعل شيء إلاّ بعد مجيء البلدية التي قطعت التيار الكهربائي عن المبنى لإجبار العازبين على الخروج، مع تغريم صاحب المبنى".
تقتحم فرق تابعة لبلدية الكويت، لديها حق التفتيش والمصادرة، البيوت التي يسكنها العازبون داخل المناطق السكنية، وتقطع التيار الكهربائي عنها وفق القانون رقم 125 لسنة 1992 والمسمى قانون "حظر سكن غير العائلات في المناطق السكنية".
اقــرأ أيضاً
ويخول هذا القانون الجهات الحكومية قطع التيار الكهربائي عن المباني التي يسكنها العازبون وفرض غرامة قدرها 500 دينار كويتي (1640 دولاراً أميركياً) على صاحب السكن وإجباره على إخراج السكان العازبين. لكنّ الناشطة الحقوقية شيخة العلي تقول لـ"العربي الجديد" عن ذلك: "ما يحدث هو عمل غير إنساني تجاه هؤلاء العازبين خصوصاً أنّهم لا يملكون مكاناً يسكنون فيه، في ظلّ درجات حرارة مرتفعة جداً، ما قد يتسبب لهم بتعب شديد". تضيف: "للأسف، فإنّ الحلول غير الإنسانية هي أول ما يخطر في بال المسؤولين بدلاً من الحلول الحقيقية الواقعية الدائمة".
يثير سكن العمال العازبين في المناطق والضواحي السكنية النموذجية والخاصة جدالاً كبيراً في أوساط المجتمع الكويتي بين اتهامات لبعض تجار العقارات الخاصة بالجشع في سبيل تحصيل أرباح كبيرة، واتهامات للحكومة بالتقصير، وبين مطالبة الأخيرة بتوفير مدن عمالية جديدة وإنهاء حالة الفوضى الكبيرة في السكن بدلاً من قطع بلدية الكويت التيار الكهربائي عن المنازل التي يسكن فيها العازبون لإجبارهم على الخروج منها.
يبلغ عدد العازبين في الكويت مليوناً و400 ألف نسمة، من بينهم مليون و100 ألف وافد من الذكور، يعملون في شتى قطاعات الدولة. كثيرون من هؤلاء هم من ذوي الأجور المتدنية ممن يتشاركون الغرف مع بعضهم البعض لتوفير أموال السكن والمأكل والمشرب، بينما يسكن الكويتيون العازبون مع أهلهم في الغالب وفقاً للعادات والتقاليد المجتمعية.
لا سكنات في الكويت تكفي لاستيعاب الوافدين العازبين ما يضطر كثيرين منهم إلى السكن في المناطق الخاصة أو النموذجية أو الاستثمارية، حيث يقسم بعض مالكي العقارات بيوتهم إلى غرف صغيرة ويؤجرونها للعازبين طمعاً في الحصول على ربح أكبر. لكنّ عملية التأجير تلك تؤدي إلى مضايقة العائلات التي تسكن في البيوت المجاورة للعازبين بسبب كثرة أعدادهم بما لا يتلاءم مع حجم المنزل أو حتى حجم الخدمات المقدمة في المنطقة.
يقول أحمد الرشيدي وهو أحد سكان منطقة الرابية في محافظة الفروانية، والتي تعاني من زحف العازبين لها لـ"العربي الجديد": "ليست لدينا مشكلة عنصرية مع العمال العازبين أو غيرهم، لكنّنا في ضاحية سكنية وليست منطقة عمال حتى يخرج بعض أصحاب البيوت منها للسكن في مناطق أخرى، ويؤجروا بيوتهم الأصلية للعازبين طمعاً بالحصول على عوائد أكبر". يضيف: "تجار العقارات هؤلاء لا يأبهون بكونهم يساهمون في تدمير المنطقة شيئاً فشيئا عبر زيادة عدد سكانها بما يخرّب البنية التحتية، ويجعلها سيئة بالإضافة إلى أنّ البيوت المؤجرة للعازبين تتحول إلى بيوت شبه مهدمة بسبب التعديلات المستمرة فيها وتقسيم الغرف وعدم الاهتمام بنظافتها".
في حال تزايد عدد العازبين في الشارع أو الحيّ الواحد، فإنّ العائلات تضطر للخروج من منطقتها السكنية وبيع المنزل أو تأجيره وقبض ثمنه واستئجار منزل آخر في ضاحية أخرى لم يصل إليها العازبون. وتعد منطقة جليب الشيوخ، إحدى أشهر المناطق التي فرت منها العائلات بسبب تزايد العازبين خلال تسعينيات القرن الماضي، ما أدى إلى تحول بعض أحيائها من مناطق سكنية هادئة إلى مدن عمالية صاخبة تسبب صداعاً للجهات الأمنية في البلاد بسبب الفوضى الحاصلة داخلها وعدد سكانها الذي بلغ أكثر من 400 ألف وفق إحصاءات رسمية وغير رسمية، بالرغم من أنّ بنيتها التحتية لم تُبنَ لخدمة أكثر من 30 ألف نسمة وفقاً للمهندس وليد القطامي.
عمل وليد، سنوات طويلة في بلدية الكويت، وراقب جيداً طريقة زحف العازبين نحو المناطق السكنية، كما كان من سكان منطقة جليب الشيوخ قبل أن يضطر عام 2006 لبيع منزله والسكن في منطقة إشبيلية المجاورة، بسبب تكاثر العازبين في الشارع السكني الذي يقع فيه بيته. يشرح لـ"العربي الجديد": "جذور المشكلة بدأت عندما زاد عدد العمال في الكويت بشكل لا يتناسب مع حجم المدن العمالية البسيطة في الثمانينيات ما اضطر كثيراً من العمال العازبين إلى استئجار بيوت في مناطق السكن الخاص، في ظلّ رغبة بعض مالكي العقارات الذين يملكون بيتين أو أكثر في الحصول على عوائد ضخمة من خلال تقسيم البيوت إلى غرف بدلاً من شقق وتأجيرها لهؤلاء العمال الذين ليس لهم مكان يسكنون فيه". يتابع: "المشكلة أنّ مناطق مثل المهبولة وجليب الشيوخ والتي تعد مناطق عمالية لا تسكنها عائلات المواطنين أو الوافدين لم تعد تكفي للعمال العازبين، إذ وصلوا إلى المناطق المحيطة. والمضحك في الأمر أنّه بعد أكثر من 15 عاماً من بيعي بيتي في منطقة جليب الشيوخ هرباً من العمال العازبين، اجّر جاري بيته لهم، هنا في إشبيلية، طمعاً في أرباح أكبر من تأجيره للعائلات".
يقول أحمد حسني، وهو مقيم مصري في الكويت مع عائلته لـ"العربي الجديد": "وجود العازبين في حينا السكني بات يهدد عائلتي، ولا أريد شيطنتهم أو الحديث بفوقية عنهم، لكنّ الكثيرين من بينهم عمال غير متعلمين وليسوا مستقرين مع أسر ويعيشون بعضهم مع بعض، وغالباً ما يشربون الخمر المصنوع منزلياً، ويتشاجرون في ما بينهم. وفي إحدى المرات حدثت مشاجرة كبيرة بين عمال عازبين من الجنسيتين الهندية والباكستانية، وتوقفت المنطقة التي أسكن فيها عن الحركة يوماً كاملاً، ما أدى إلى غيابي عن العمل وغياب أبنائي عن المدرسة".
ولا يقتصر الأمر على سكن العمال العازبين في تلك المناطق بل إنّ بعضهم يبني مشاريع تجارية غير مرخصة فيها مما يسبب إزعاجاً وتلوثاً وازدحاماً في المناطق التي يفترض بها أن تكون هادئة. وهكذا فوجئ مطلق المطيري وهو أحد سكان منطقة الجهراء في أحد الأيام بضجة كبيرة في المنزل المجاور لمنزله والذي يُستخدم لسكن العازبين، وعند دخوله وجد ورشة أخشاب هناك. يقول لـ"العربي الجديد": "فوجئت بالمشهد، واتصلت بالشرطة على الفور فجاءت ولم تتمكن من فعل شيء إلاّ بعد مجيء البلدية التي قطعت التيار الكهربائي عن المبنى لإجبار العازبين على الخروج، مع تغريم صاحب المبنى".
تقتحم فرق تابعة لبلدية الكويت، لديها حق التفتيش والمصادرة، البيوت التي يسكنها العازبون داخل المناطق السكنية، وتقطع التيار الكهربائي عنها وفق القانون رقم 125 لسنة 1992 والمسمى قانون "حظر سكن غير العائلات في المناطق السكنية".
ويخول هذا القانون الجهات الحكومية قطع التيار الكهربائي عن المباني التي يسكنها العازبون وفرض غرامة قدرها 500 دينار كويتي (1640 دولاراً أميركياً) على صاحب السكن وإجباره على إخراج السكان العازبين. لكنّ الناشطة الحقوقية شيخة العلي تقول لـ"العربي الجديد" عن ذلك: "ما يحدث هو عمل غير إنساني تجاه هؤلاء العازبين خصوصاً أنّهم لا يملكون مكاناً يسكنون فيه، في ظلّ درجات حرارة مرتفعة جداً، ما قد يتسبب لهم بتعب شديد". تضيف: "للأسف، فإنّ الحلول غير الإنسانية هي أول ما يخطر في بال المسؤولين بدلاً من الحلول الحقيقية الواقعية الدائمة".