وحذّر مصطفى رجب، وهو مدرس في ريف إدلب، من التداعيات الخطيرة لتوقف الدعم، موضحا لـ"العربي الجديد"، أن عدم توفر رواتب المدرسين "سيدفعهم إلى ترك المدارس، وفي أفضل الأحوال لن يكون هناك التزام بالدوام، وبالتالي سيكون هناك تسرب للطلاب، وفي النهاية ستغلق المدارس أبوابها، وهذا سيتسبب في مشاكل كبيرة".
وأضاف "ستزيد نسبة البطالة بين المدرسين، ومنهم من سيتوجه إلى التعليم الخاص، وقد يفرض انقطاع الدعم تحويل المدارس العامة إلى مأجورة، وهذا سيجعل الكثير من الطلاب خارج المدرسة بسبب سوء الوضع الاقتصادي".
من جانبه، قال محمد خير الدين، وهو مدرس لغة عربية متطوع في إحدى مدارس ريف إدلب، لـ"العربي الجديد": "أعمل منذ عامين مدرسا متطوعا على أمل أن أتعاقد مع التربية، بالرغم أن الراتب قليل ولا يتجاوز 120 دولاراً أميركياً، لكن بالإضافة إلى عمل آخر أو عملين، يمكن أن يؤمن الشخص معيشة عائلته، وتبقى فرصة في منطقة لا عروض للعمل فيها".
وأضاف "طبعا العقد مدته 9 أشهر فقط، ففي الصيف تتوقف الرواتب بشكل كامل، في حين أحتاج باعتباري رب أسرة صغيرة مكونة من 4 أفراد، إلى ما لا يقل عن 300 دولار شهريا، حتى أعيش الحد الأدنى من الكفاف، علما أنني أعيش في منزلي، ولو كنت أستأجره لاحتجت إلى مبلغ أكبر".
ولا تقل مخاوف والد عبد الرحمن جابر، الطالب في الصف الثالث الثانوي، من أن يخسر مستقبله عن مخاوف مدرسيه، قائلا لـ"العربي الجديد": "منذ ولد عبد الرحمن وأنا أحلم بأن أراه يدخل الجامعة، وطوال السنوات الماضية أهرب به وبعائلتي من مكان إلى آخر على أمل أن يكمل دراسته، لكن اليوم أين أذهب بهم إن توقف الدعم عن كل المدارس؟".
وأضاف "أعلم أن الوضع صعب على المدرسين، وأنّ الواحد منا لا يؤمن معيشة عائلته إلا بشق الأنفس، لكن أدعوهم إلى أن يستمروا برسالتهم، وأنا واحد ممن هم على استعداد أن
يتقاسموا معهم قوت عائلتهم، كما أدعو المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للقيام بواجباتهم وعدم حرمان مئات آلاف الطلاب من المستقبل الذين يحلمون به، ليتم رميهم في المجهول".
مصدر في مديرية التربية في إدلب، طلب عدم الكشف عن هويته، قال لـ"العربي الجديد"، إن "منظمة كيومنكس، المسؤولة عن إيصال منحة التعليم من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، أبلغت المديرية بأن الدعم المادي الخاص بالمعلمين تم إيقافه".
وبين أن "إيقاف الدعم سيشمل 7200 معلم كانوا يتلقون 120 دولارا شهريا عن 8 أشهر في العام الدراسي بإدلب، يضاف إليهم معلمون في مديرية تربية حماة ومديرية تربية حلب".
وكان فريق "منسقو استجابة سورية" قد قال، في بيان له وصلت إلى "العربي الجديد" نسخة منه، إن "إيقاف الدعم الذي عم مديريات التربية والتعليم في إدلب وحلب وحماة، سيوقف الدعم عن أكثر من 840 مدرسة، إضافة إلى مخاوف من تسرب أكثر من 350 ألف طالب وطالبة".
ولفت إلى أن "عدد المنشآت التعليمية التي دمرت خلال الحملة العسكرية الأخيرة بلغ أكثر من 115 مدرسة"، محذرا جميع الجهات مما سماه "عواقب كارثية مترتبة عن إيقاف الدعم".
وذكر الفريق في بيانه أن عدد من فقدوا حياتهم من مدرسين بلغ أكثر من 21 مدرسا ومدرسة، إضافة إلى أكثر من 278 طالبا وطالبة، نتيجة الأعمال العسكرية.
بدورها، اكتفت "وزيرة التربية والتعليم في الحكومة" المؤقتة التابعة للائتلاف المعارض، الدكتورة هدى العبسي، بالقول في تصريح مقتضب لـ"العربي الجديد": "بإذن الله سيكون هناك دعم".
يشار إلى أن عدد المدارس الكلي في إدلب يصل إلى 1100 مدرسة، بقيت منها 850 فقط بعد سيطرة قوات النظام على منطقة خان شيخون، في حين بلغ عدد الطلاب في المدارس العام الماضي نحو 450 ألف طالب وطالبة.