أقدم رجل مسنّ على الانتحار بإلقاء نفسه من أعلى مستشفى حكومي في محافظة البصرة، بعد عجزه عن الحصول على الدواء حيث يتعالج من السرطان، وذلك بسبب ارتفاع سعره. في حين حمّلت نقابة الأطباء وزارة الصحة مسؤولية عدم توفير الأدوية في مستشفياتها.
وتعاني المستشفيات العراقية من نقص حاد بالأدوية، ويتحمل المراجعون كلفة شراء الأدوية من السوق السوداء.
ووفقا لطبيب في مستشفى الصدر التعليمي، فإنّ "المريض ذا الـ 67 عاما، وبعد الكشف عليه من قبل الطبيب المختص، صرفت له أدوية من المستشفى بأسعارها الرمزية المعتمدة، بينما كتب له الطبيب أدوية يحتاجها ليست متوفرة في المستشفى، ويتحتم عليه أن يشتريها من الصيدليات الخارجية، وهي بأسعار مرتفعة"، وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "المريض وهو مصاب بمرض السرطان أكد أنه لا يمتلك سعر الدواء، ولا يستطيع شراءه".
وأضاف أنّ "الحالة الصحية للمريض تفاقمت ولم يستطع تحمل الألم، الأمر الذي دفعه إلى الانتحار"، موضحا أنه ألقى بنفسه من الطابق الثاني من داخل المستشفى، ما أدى إلى مفارقته الحياة على الفور".
وأشار إلى أنّ "الحالة النفسية للمريض لم تظهر عليها أية أعراض، فلم يكن مصابا بحالة نفسية ما، غير أنّه بدا متذمرا بسبب ارتفاع أسعار الدواء وعدم قدرته على شرائه".
من جهته، أكد عضو مجلس البصرة محمد المنصوري انتحار رجل ستيني مصاب بالسرطان في مستشفى الصدر التعليمي وسط البصرة، عبر رمي نفسه من شباك الطابق السادس من المبنى"، مبينا أن السبب يعود إلى "عدم توفر العلاج اللازم لمرضه بالمستشفى وعدم امتلاكه
الأموال لشرائه.
وتابع في تصريح لراديو محلي في البصرة بأن "العلاج اللازم لمرضى السرطان بالمستشفى التعليمي غبر متوفر، رغم الأموال الطائلة التي تصرف لدائرة صحة المحافظة". وأضاف المنصوري أن سبب الانتحار يعود لعدم امتلاك المريض، والذي يبلغ من العمر 67 عاماً، الأموال الكافية لتغطية علاجه.
وحاولت دائرة صحة البصرة تلافي الموقف، عازية سبب الانتحار إلى أنّ المريض يعاني حالة نفسية. وقالت الدائرة في بيان لها، إنّ "المريض كانت حالته النفسية متفاقمة عند دخوله إلى المستشفى، وإن انتحاره لا علاقة له بسعر الدواء، بل أنّه رفض أخذ العلاج الخاص به بسبب حالته النفسية، التي دفعته للإقدام على الانتحار".
ويفتح الحادث مشكلة تعاني منها المستشفيات العراقية بشكل عام، هي قلّة الدواء وارتفاع أسعاره بشكل يعجز المرضى عن الحصول عليه.
وبحسب عضو نقابة الأطباء العراقية، الدكتور حازم التميمي، فإنّ "الحادث يؤشر إلى مشكلة لم تجد لها الحكومة ووزارة الصحة أي حل، وهي مشكلة نقص الأدوية وارتفاع أسعارها"، مبينا أنّ "المستشفيات العراقية بشكل عام تصرف أدوية بسيطة جدا بأسعار رمزية، وتكلف المريض مسؤولية شراء الدواء الذي يحتاجه من خارج المستشفى".
وأوضح أنّ "هذه الحالة تزيد من معاناة المرضى، فأغلبهم لا يستطيعون شراء تلك الأدوية، إذ أن غالبية من يراجع المستشفيات الحكومية هم الذين ليست لديهم القدرة المادية، وإلا لكانوا راجعوا عيادات خاصة ومستشفيات خاصة"، مؤكدا أنّ "الموضوع يحتاج إلى توضيح من قبل وزارة الصحة، عن عقود الأدوية المستوردة بكميات كبيرة، وأين تذهب".
وأشار إلى أنّ "هناك مافيات في وزارة الصحة تتاجر بأرواح البشر من خلال السيطرة على عقود الأدوية، وبيعها في السوق السوداء"، مطالبا الحكومة بـ "القيام بمسؤولياتها إزاء ذلك".
بالمقابل، أكدت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، اليوم الأحد، بأن قيام مريض بالسرطان بالانتحار في أحد مشافي البصرة رسالة ذات عدة أبعاد.
وقال عضو مجلس المفوضية، علي البياتي، في بيان، إن حادثة انتحار مريض مصاب بورم سرطاني متقدم برمي نفسه من جناح الأورام داخل مستشفى الصدر التعليمي بمحافظة البصرة أمس، لها أبعاد عدة، أبرزها أن "البصرة ما زالت تعاني ولم تتعاف، على الرغم من المطالبات والمظاهرات والوعود والتخصيصات المالية".
وأضاف البياتي أن "فئة المسنين في العراق فئة تحتاج إلى علاج واهتمام ورعاية خاصة وهي مهملة بشكل واضح للأسف الشديد، في حين يجب على وزارات الصحة والبيئة والعمل والشؤون الاجتماعية والمؤسسات الأخرى المعنية أن تضعهم ضمن أولوياتها، وأن تتوفر التشريعات والتخصيصات المناسبة لذلك".
وأشار البياتي إلى أن "مرضى السرطان بحاجة إلى التفاتة حقيقية من الدولة بكل مؤسساتها، إذ أن الأرقام الرسمية تشير إلى زيادة واضحة في أعداد المرضى حسب مجلس السرطان في العراق".