وتشارك في الحملة الأمنية قوات من وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني وقوة أمنية تابعة لقوات "الحشد الشعبي"، وطاولت حتى الآن أكثر من 30 وكرا للعصابات في مناطق الكرادة، والجادرية، والمنصور، وبغداد الجديدة، والشعب، والبياع، والحرية، والصدر، والشعلة.
وحسب مسؤول بقيادة شرطة بغداد، فإن الحملة تعد الأولى من نوعها من ناحية القوة والفعالية، وتمثل أول تهديد حقيقي لعصابات بغداد التي تحولت إلى مافيا دولية جذبت جنسيات عدة، بينها لبنانيون وسوريون وإيرانيون وأتراك، فضلا عن يونانيين وأوكرانيين وأشخاص من أميركا اللاتينية، مؤكدا اعتقال أكثر من 250 متورطا خلال الأسبوعين الماضيين.
وتعاني العاصمة العراقية منذ سنوات من ارتفاع نسب الجريمة بالتزامن مع انشغال القوات العراقية بعمليات تحرير المدن الشمالية والغربية من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي. ووفقاً للمسؤول ذاته، فإن "الحملة تضم عمليات دهم مستمرة وفقا للمعلومات المتوفرة عن تحركات العصابات، وسجون ومراكز احتجاز الكرادة تغص بالمعتقلين، وبينهم تجار مخدرات ومتاجرون بالبشر، ومتورطون في جرائم دعارة وخطف، أو عمليات سطو وابتزاز وتزوير، وشبكات قتلة مأجورين، وأعضاء في مافيا صالات القمار".
وأكد نائب البرلمان العراقي رياض التميمي أن "تلك العصابات ترتبط بأشخاص متنفذين في الدولة والأجهزة الأمنية، والعملية الأمنية الحالية مهمة وجريئة"، وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن "تجارة المخدرات في العراق خطيرة، وتنمو بشكل لافت، وبها جانب مخابراتي لتدمير المجتمع، ومافيا الجرائم لا تقل خطرا عن داعش".
من جهته، أكد الرئيس السابق للجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، حاكم الزاملي، أن "انتشار صالات القمار بالعراق بدأ عام 2011، من خلال مجموعة من العصابات المرتبطة بجهات خارجية، وبعدها بدأت تنمو لتسيطر على الفنادق الفاخرة في العاصمة".
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن "أفراد هذه العصابات يمتلكون هويات من وزارة الداخلية، وتراخيص لحمل الأسلحة وسيارات مصفحة، ويملكون أموالا طائلة لأن العملية برمتها عبارة عن غسيل أموال لمصلحة بعض السياسيين الفاسدين أو بعض الضباط الكبار وتجار المخدرات ومهربي النفط".
وأوضح أن "هناك متورطين من أصحاب مكاتب الصرافة والمصارف لتهريب هذه الأموال، ويتستر عليهم بعض الضباط وأفراد الأمن، وعمليات الدهم الأخيرة التي اعتقل فيها المدعو حجي حمزة لم تطاول الرؤوس الكبار، إذ إن هناك سبعة أو ثمانية زعامات يشكلون مافيا كبيرة، وأغلب هؤلاء تم تهريبهم إلى خارج البلاد".
وأشار الزاملي إلى أن "الجريمة المنظمة والسطو المسلح زادا في الآونة الأخيرة بسبب ضعف الحكومة، ويجب أن تكون هناك قوة ردع ومحاسبة، فضلا عن تفعيل الجانب الاستخباري، فأغلب الوكالات الاستخباراتية لا تقوم بمهامها في متابعة وملاحقة العصابات".
وقال الخبير الأمني ماجد الغراوي إن "القوات الأمنية انشغلت سابقا بالملف الأمني وتحرير المدن من "داعش"، ما تسبب بإتاحة المجال لهذه العصابات للتوغل داخل المدن، وهناك الكثير من التجار الذين استغلوا هذا الظرف لإدخال المخدرات"، مضيفا في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "هناك الكثير من الطرق والوسائل التي من شأنها أن تقلل من خطر هذه الجرائم، وخصوصا انتشار ظاهرة تعاطي وتجارة المخدرات، وعلى الحكومة تشريع قوانين صارمة، والقيام بإجراءات رادعة، وضبط الحدود".