رغم تعهد السلطات العراقية سابقا بملاحقة صالات القمار ومحال بيع الخمور المنتشرة داخل الأحياء السكنية، إلا أن الظاهرة ما زالت تثير قلق العائلات، خاصة بعد أن امتدت من العاصمة بغداد إلى مدن أخرى.
وتحولت منازل وشقق سكنية إلى صالات قمار وأوكار لبيع الخمور وتعاطي المخدرات، وعادة ما يكتشف السكان ذلك بعد وقوع مشاجرات داخل تلك الأماكن، أو من خلال الحركة غير الطبيعية التي تصدر منها ليلاً، وتكدس السيارات أمامها.
وأكد مسؤول في وزارة الداخلية العراقية أن هناك ما لا يقل عن 300 صالة غير مرخصة تعمل بشكل غير قانوني في بغداد ومدن أخرى، مضيفا لـ"العربي الجديد"، أن "الشرطة أغلقت خلال الشهر الحالي 11 وكرا، وأغلبها داخل منازل مؤجرة أو شقق سكنية، وجميعها ضمت أعمالا مخالفة للقانون. الشكاوى التي ترد الشرطة من المواطنين يتم التعامل معها بسرعة، لكن أصحاب تلك الأنشطة يعاودون العمل في أماكن آخرى".
وأوضح الباحث العراقي أحمد الحاج لـ"العربي الجديد"، أن "ملف القمار حاليا واحد من أخطر الملفات في البلاد، وقانون العقوبات العراقي نص على عقوبة مخففة لممارسي القمار ﻻ تتناسب مع حجم الجريمة وتداعياتها، والعقوبة تقضي بالحبس مدة لا تزيد عن سنة ومصادرة الأدوات وضبط النقود المستخدمة، ولا بد من تغليظ العقوبة لتحجيم الجريمة الَتي دمرت عوائل كثيرة، فضلا عن الجرائم التي تنتج عن تلك الأنشطة وأبرزها تمويل العصابات والمافيات والمليشيات المسلحة".
وأضاف الحاج أن "هناك ما يقارب 72 قاعة للقمار في العراق تتضمن ألعابا عدة، وبعضها توظف نساء أجنبيات، وبعضهن يعملن بالدعارة، وفي العاصمة بغداد وحدها 10 صالات روليت تتوزع بين الفنادق الراقية وفنادق الدرجة الثالثة والرابعة، وكلفة إيجار الصالة الواحدة منها سنويا تقارب 2.5 مليون دولار، ويديرها محترفون من دول مثل اليونان وقبرص وتركيا ولبنان وروسيا، وهؤلاء يحملون أسلحة مرخصة، ويتنقلون بسيارات مصفحة، وتخضع الصالات لحماية جهات متنفذة، وتقدر عائداتها الأسبوعية بملايين الدولارات".
وكشف الرئيس السابق للجنة الأمن في البرلمان العراقي، حاكم الزاملي، أن الصالات تستخدم بالدرجة الأولى لغسيل الأموال المتأتية من تهريب النفط والمخدرات والسلاح والاتجار بالبشر وتجارة الأعضاء، لغرض التعتيم على مصدرها والتملص من المساءلة القانونية.
وقالت الحقوقية مِنن المهداوي لـ"العربي الجديد"، إن "محاربة رؤوس الفساد في العراق تحتاج إلى بذل جهود حقيقية، وربما مشاركة دولية للحد من انتشار القمار وغسيل الأموال، والَتي يصعب السيطرة عليها كونها ترتبط بأحزاب ومافيات مدعومة من دول إقليمية".
وأشارت المهداوي إلى أن "الحملات الأمنية التي نفذت مطلع الشهر الجاري يمكن أن تساهم في تحجيم انتشار تلك الصالات المشبوهة في حال تمت محاسبة المتورطين، وعدم السماح بتهريبهم أو إفلاتهم من العقاب".
وخلال الشهر الحالي تم اعتقال زعيم مافيا صالات القمار والدعارة والمخدرات، سيد حمزة الشمري، المعروف بـ"حجي حمزة"، و25 شخصا من أتباعه، غير أن قاعات قمار جديدة افتتحت، إحداها في ساحة كهرمانة بوسط العاصمة بغداد بعد أيام من القبض على الشمري.
واتهمت لجنة النزاهة النيابية مطلع الشهر الجاري شخصيات تنفيذية وضباطا لم تسمهم بحماية عصابات الملاهي وصالات القمار، وقال عضو اللجنة ثابت محمد سعيد، إنهم يمتلكون العديد من المعلومات والوثائق التي تؤكد أن نشاط عصابات صالات القمار وغيرها محمية من قبل ضباط وشخصيات متنفذة في الدولة.