الجيش يتصدى لنيران سيبيريا

02 اغسطس 2019
عجزت أجهزة الإطفاء (ميخائيل تيريشينكو/ Getty)
+ الخط -
مع اتساع مساحات حرائق الغابات في سيبيريا والشرق الأقصى الروسي إلى نحو ثلاثة ملايين هكتار، لم يبقَ أمام السلطات الروسية من خيار سوى الاستعانة بقوات الجيش التي أعربت بدورها عن الأمل في إخماد النيران في ظرف أيام معدودة.

ومن أجل إخماد بؤر الحرائق في مقاطعة كراسنويارسك، تقررت الاستعانة بعشر طائرات من طراز "إيليوشين- 76" وعشر مروحيات نقل عسكري مزودة بمعدات خاصة لصب المياه، وبدأت طلعات الإطفاء ابتداء من صباح أمس الخميس.

وبحسب وزارة الطوارئ الروسية، فإنّ سبب انتشار حرائق الغابات إلى مساحات كبيرة في سيبيريا يعود إلى نقص إجراءات السيطرة على بؤر الاشتعال، بالإضافة إلى امتداد فترة الطقس الجاف. بدوره، يعيد الخبير في منظمة "غرينبيس روسيا" المعنيّة بحماية البيئة، ميخائيل كريندلين، هذا الوضع الكارثي إلى العامل البشري، مقللاً من واقعية نجاح الإجراءات التي تتخذها السلطات الروسية لإخماد الحرائق ما لم يتغير الجو وتتساقط الأمطار.




يقول كريندلين في حديث إلى "العربي الجديد": "حين يشتعل أكثر من ثلاثة ملايين هكتار من الغابات، فهذا الوضع كارثي، لكن، للأسف، هذه ليست أول مرة يحدث فيها ذلك. يكمن الفارق فقط في أنّ الدخان وصل هذا العام إلى مدن كبرى على عكس توجهه شمالاً في المرات السابقة". وحول الأسباب الرئيسية لحرائق الغابات في سيبيريا، يضيف: "السبب الرئيسي هو العامل البشري، بما فيه من أعمال حرق مخلفات قطع الأشجار وإزالة آثار أعمال القطع غير المشروعة، بالإضافة إلى بعض الأسباب الطبيعية مثل الصواعق التي تصيب الأشجار. وما يزيد من خطورة الوضع الراهن الثغرة القانونية التي تترك منذ عام 2015 للسلطات المحلية البت في قرارات إطفاء الحرائق من عدمه، مما يؤدي إلى التأخر في بدء أعمال إخماد الحرائق". يخلص إلى أنّ المهمة الرئيسية للسلطات الروسية الآن، هي منع اتساع مساحات الحرائق والحيلولة دون انتشار الدخان، مستبعداً في الوقت نفسه احتمال السيطرة الكاملة على الوضع إلاّ بعد تغير الظروف الجوية.

وأثار "تخاذل" السلطات عن التعامل مع الحرائق قبل فوات الأوان موجة من الغضب العارم عبر الإنترنت، وسط انضمام عشرات من أشهر المدونين إلى حملة "أنقذوا سيبيريا". ووقع نحو 900 ألف شخص عريضة على موقع "تشاينج" تطالب بفرض حالة الطوارئ في أراضي سيبيريا كافة بسبب الحرائق. وأعرب أصحاب العريضة عن دهشتهم من عدم فرضها بالرغم من أنّ سكان كراسنويارسك باتوا يضعون أقنعة غاز، مؤكدين على ضرورة إعلان الطوارئ من أجل تخصيص مزيد من التمويل ووسائل مكافحة الحرائق والموارد البشرية وغيرها. وحتى الآن، فرضت حالة الطوارئ بالفعل في خمسة أقاليم في سيبيريا وأقاصي الشرق من أصل 17 إقليماً.

وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد أصدر في 31 يوليو/ تموز الماضي أمراً لوزارة الدفاع الروسية بالانضمام إلى عملية إطفاء الحرائق في سيبيريا والشرق الأقصى، بينما عقد رئيس الوزراء، دميتري مدفيديف، في اليوم التالي اجتماعاً وجه الجهات المعنية خلاله إلى إعداد مقترحات بشأن زيادة فاعلية مكافحة الحرائق، وإعلام السكان بما يجري أولاً بأول. ومن المقرر أن تقدم وزارة البيئة بحلول منتصف الشهر الجاري، مقترحات لتعديل قوانين حماية الغابات.

وتشهد مناطق سيبيريا وأقاصي شرق روسيا منذ يونيو/ حزيران الماضي اتساعاً تدريجيا لمساحات حرائق الغابات التي طاولت أكثر من عشرة أقاليم فيها. أما الدخان، فلم يعد ينتشر داخل روسيا فحسب، بل غطى أيضاً بضع مقاطعات في جمهورية كازاخستان المجاورة، ووصل إلى منغوليا. وحذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أنّ الدخان وانبعاثات مواد الاحتراق قد يسهمان في تعميق ظاهرة الاحتباس الحراري وزيادة سرعة ذوبان الثلوج في منطقة القطب الشمالي.




يذكر أنّ روسيا شهدت أسوأ حالات حرائق الغابات في عام 2010، حين اجتاحت النيران مناطق وسط البلاد، مع انتشار الدخان حتى العاصمة موسكو، وأدت إلى تدمير أكثر من مائة بلدة، ومقتل أكثر من 60 شخصاً، وتشريد أكثر من 2500 أسرة، وخسائر مالية قاربت 3 مليارات دولار أميركي.

تحشيد إلكتروني
بحسب أرقام شركة "ميديالوغيا" للرصد، فإنّ مجموع المنشورات حول حرائق الغابات في سيبيريا في جميع مواقع التواصل الاجتماعي تجاوز المليون خلال الفترة من 15 إلى 30 يوليو/ تموز الماضي، طالب قسم منها باتخاذ إجراءات لإخماد الحرائق، فيما عرض بعضها انطباعات شخصية عن الزيارات إلى سيبيريا والعيش فيها.
المساهمون