تقرير حقوقي: السلطة المصرية تخنق المعارضة والحريات

29 يوليو 2019
هيمنة على الإعلام والفضاء الافتراضي (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -


انتقدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير المصرية تقريرها ربع السنوي الثاني لعام 2019، التعديلات الدستورية التي تتيح للرئيس عبد الفتاح السيسي البقاء في السلطة حتى عام 2030، وشنّ الهجمات على ناشطين ينتمون إلى أحزاب علمانية معارضة، بهدف منْع إعلان تأسيس تحالف بين هذه الأحزاب، لخوض الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها عام 2020.

ولفتت المؤسسة الحقوقية في تقرير أصدرته اليوم الإثنين، إلى مواصلة مجموعة إعلام المصريين - المملوكة للمخابرات المصرية - خطواتها لفرض سيطرتها على ملكية وسائل الإعلام، من خلال تطوير تعاونها مع الهيئة الوطنية للإعلام الرسمية.

السيطرة على الحريات

واعتبر التقرير أنه "يمكن القول إن السلطة الحالية نجحت في ضمان فوز الرئيس السيسي بانتخابات الرئاسة 2018 من خلال منْع ترشح اثنين من القادة العسكريين السابقين، ثم ركزت جهودها في إجراء التعديلات الدستورية، التي ترجئ من خلالها انتخابات الرئاسة المقبلة إلى عام 2024، وتفتح الطريق أمام الرئيس السيسي للبقاء في الحكم مدة أطول. ومن ثم أصبحت الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها عام 2020 بمثابة التحدي الأخير في سبيل منع المعارضة من إحداث تغيير عبْر عملية الانتخاب، وخاصة أن مجلس الشيوخ الذي استحدثته التعديلات على الدستور يؤدي دورًا استشاريًّا دون صلاحيات حقيقية".


وذكر التقرير أنه بينما كانت مجموعة من الأحزاب العلمانية تنسق للانتخابات البرلمانية 2020، ألقت قوات الشرطة القبض على عدد من النشطاء السياسيين، في 25 يونيو/ حزيران 2018، بينهم زياد العليمي، وهو عضو سابق بالبرلمان وقيادي بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وحسام مؤنس، قيادي بحزب تيار الكرامة ومدير حملة المرشح حمدين صباحي إبَّان انتخابات الرئاسة 2014.

وتابع التقرير: "لم تكتفِ السلطة الحالية بحملة القبض على النشطاء، بل أطلقت حملة إعلامية واسعة ضد الأحزاب العلمانية، اتهمتهم فيها بالعمل مع جماعة الإخوان المسلمين، التي تصنفها السلطات المصرية بالإرهابية، ومحاولة زعزعة استقرار البلاد، وغيرها من اتهامات بالعمالة للخارج وتلقي تمويل أجنبي".

وقالت المؤسسة: "هذه الهجمة على الأحزاب العلمانية تعني أن التوجه الرئيسي للسلطة هو منع ممارسة العمل السياسي، وما يترتب على ذلك من تقييد حرية التعبير واستمرار سياسات الرقابة على الإعلام وعلى الإنترنت، وملاحقة مستخدميها. وهذا ما يتطرق إليه التقرير في القسم الثاني بتناول أوضاع حرية الإعلام والحقوق الرقمية وحرية الإبداع".

السيطرة على الإعلام

أوضح التقرير، أنه منذ تأسيسها عام 2016، قامت مجموعة إعلام المصريين، التي تشارك في ملكيتها المخابرات العامة، بإتمام عدد من صفقات الاستحواذ على شركات مالكة لوسائل إعلام وشركات إنتاج ووكالات إعلانية، وبات عدد من رجال الأعمال شركاء في ملكية المجموعة، وهم تامر مرسي، ويتولى منصب رئيس مجلس إدارة المجموعة، وكامل أبو علي ومحمد الأمين.


وخلال الفترة التي يغطيها التقرير، أعلنت مجموعة إعلام المصريين اتفاقها مع الهيئة الوطنية للإعلام، ﻹطلاق قناة للبث الأرضي تحمل اسم "تايم سبورت" لنقل مباريات كأس الأمم الأفريقية 2019 التي تنظمها مصر، ومن ثم تملك حقوق بثها على نطاق محلي. ولا توجد معلومات حول الصفقة التي جرت بين إعلام المصريين والهيئة الوطنية للإعلام، أو كيفية اختيار إعلام المصريين كشريك للتلفزيون الرسمي، وخاصة أن الأخير يملك حقوق البث الأرضي بحكم استضافة مصر للبطولة.

من جانب آخر، سيطرت إعلام المصريين على الجانب الأكبر من إنتاج دراما رمضان، الموسم الأهم في مصر لعرض المسلسلات، من خلال ملكيتها لشركة الإنتاج "سينرجي" وكذلك الشبكات التلفزيونية الكبرى، باﻹضافة إلى وكالة إعلان. وزادت إعلام المصريين من سيطرتها على الدراما، من خلال إطلاق منصة تحمل اسم watch it، بهدف تحصيل عائد مادي مقابل مشاهدة الجمهور للأعمال الدرامية التي تنتجها عبر الإنترنت، وهي الخطوة التي لم تحقق نجاحًا، وواجهتها انتقادات كبيرة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.

حرية الصحافة والإعلام

رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، خلال الفترة التي يغطيها التقرير، 17 واقعة تتعلق بحرية الإعلام، وشملت هذه الوقائع 21 انتهاكًا ضد الصحافيين والإعلاميين.

وتنوعت الانتهاكات الواردة في التقرير ما بين الاعتداء البدني على صحافيين، واقتحام مؤسسات صحافية، ووقف برامج، ومنع طباعة صحف، ومنع صحافيين من التغطية، وحجب مواقع صحافية.

الحقوق والحريات الرقمية

انحصرت الانتهاكات التي رصدتها مؤسسة حرية الفكر والتعبير، خلال الربع الثاني من العام الجاري بين نمطين، الأول: القبض على مستخدمي الإنترنت وتوجيه تهم لناشطين على خلفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. أما النمط الثاني، فهو استمرار الرقابة على الإنترنت وحجب مزيد من مواقع الويب.

ورصدت المؤسسة 5 حالات انتهاك للحقوق الرقمية، بينها ثلاث حالات مرتبطة بالاستفتاء على التعديلات الدستورية. وتم القبض على خمسة مواطنين، خلال الفترة التي يغطيها التقرير. ووجهت النيابة إلى أغلب المقبوض عليهم اتهامًا بـ"استخدام حساب على شبكات مواقع التواصل الاجتماعي لارتكاب جريمة مُعاقب عليها قانونًا من شأنها تهديد أمن وسلامة المجتمع".

أما بشأن الرقابة على الإنترنت، فقد ارتفع عدد المواقع المحجوبة في مصر إلى 529 موقعًا منذ بداية استخدام السلطات المصرية لممارسة حجب مواقع الوِب في مايو/ أيار 2017، ورصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير تعرض 17 موقعًا للحجب في الربع الثاني من العام الجاري، ما بين مواقع سياسية ومواقع مشاهدة أونلاين ومواقع صحافية وسينمائية.

حرية الإبداع

ورصدت المؤسسة ثلاثة انتهاكات حدثت ضد مُبدعين، ما بين أحكام بالحبس ومنع عرض مسرحي. فقد أصدرت محكمة جنح الجيزة حكمًا بحبس الراقصة جوهرة لمدة سنة، وأصدرت محكمة جنح مستأنف الدخيلة حكمًا بحبس الفنان حمو بيكا لمدة شهرين، بينما قامت جهة سيادية بمنع عرض مسرحية "حسنة إبليس" على مسرح رومانس بعد رفض الرقابة الترخيص بالعرض.