شواطئ تونس تبتلع المصطافين

19 يوليو 2019
تضاءل عدد المنقذين (العربي الجديد)
+ الخط -
كثيراً ما تتحول رحلات التونسيين إلى الشواطئ مع ما فيها من استجمام، إلى مصائب، إذ تتكرر حوادث الغرق. في الرابع من يوليو/ تموز الجاري، كان الفتى أسامة الماجري (14 عاماً) من مدينة ماطر بمحافظة بنزرت، الذي يلعب كرة القدم في أشبال النادي الأهلي الماطري، على شاطئ سيدي سالم في المحافظة، عندما قضى غرقاً.

وفي 20 يونيو/ حزيران الماضي، شهد شاطئ الصخور (لاغروت) ببنزرت الشمالية وفاة شاب غرقاً بعدما أنهى امتحان الثانوية العامة. وبالرغم من محاولات المنقذين ممن كانوا في المكان لإسعافه فقد توقف قلبه عن النبض ومات.

وفي 16 يونيو/ حزيران الماضي، توفي شاب (18 عاماً) من مدينة مكثر، غرقاً في شاطئ سيدي علي المكي، ببنزرت. وقد جاء الشاب للاستجمام والسباحة مع أحد أقاربه، لكنّ الأمواج جرفته وباءت كلّ محاولات إنقاذه بالفشل. وشهد شاطئ عين داموس ببنزرت، غرق شاب يبلغ من العمر 19عاماً من معتمدية بنزرت الجنوبية. كذلك، شهدت شواطئ بنزرت غرق 3 أصدقاء جاؤوا من العاصمة للسباحة بشاطئ عين مستير برفراف، أحدهم في السابعة عشرة انتشلت قوات الدفاع المدني جثته، والآخران في السابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين، ولم يتمكن الدفاع المدني من الوصول إلى جثتيهما لانتشالهما.



تسجل أغلب حوادث الغرق بمحافظات بنزرت والوطن القبلي والمنستير والمهدية، كونها تضم العديد من الشواطئ، ما يجعلها مقصداً للمصطافين والباحثين عن شواطئ أقل اكتظاظاً.
من جهته، يقول رئيس الرابطة الوطنية للأمن والمواطن والمسؤول في الدفاع المدني، معز الدبابي، لـ"العربي الجديد"، إنّ المكان الوحيد الذي يقصده المواطن للترويح عن نفسه في ظل ارتفاع درجات الحرارة ومحدودية ميزانية الأسر هو البحر، لكن هناك العديد من الأسباب التي تقف وراء حوادث الغرق، منها أسباب طبيعية وأخرى بشرية. يوضح أنّ الأسباب الطبيعية تعود إلى الرياح والتغيرات التي تطرأ على الطقس فيكون البحر غير مهيأ للسباحة بسبب ارتفاع عامل الخطورة فيه. يشير إلى أنّ البعض يجازف بالرغم من ذلك بالسباحة، وهناك بعض الأطفال والشباب ممن يتسابقون للوصول إلى الأعماق، وأحيانا تكون هناك تيارات مائية تسبب الغرق، وإن كان الشخص سباحاً ماهراً.




يتابع أنّ سلوك العديد من الشباب يتسبب في حوادث الغرق، ومن ذلك القفز من أماكن مرتفعة، وأحياناً يكون الشاطئ صخرياً فيحصل ارتطام ووفاة، والسباحة مباشرة بعد الأكل ما يقلص ردّ فعل الجسم، كما يحذر من الصدمات التي قد تحصل بسبب ارتفاع حرارة الجسم وبرودة المياه وهي إحدى أسباب السكتات الدماغية والوفيات.

يلاحظ الدبابي أنّ الثقافة الوقائية غائبة لدى كثيرين، فبالرغم من تحذيرات الدفاع المدني ووضعه رايات سوداء في محاولة منه لتحذير المصطافين، لا يجرى احترام تلك الإشارات. يتابع أنّ تجاهل إنذارات الخطر وعدم التقيد بالنصائح المطلوبة يتسببان أيضاً في زيادة حالات الغرق. يشير إلى أنّ رقعة الشواطئ في تونس كبيرة ولا يمكن تأمينها كلها، نظراً لضعف الإمكانات، وما تتطلب من عنصر بشري لحراستها، وبالتالي فإنّ هناك العديد من النقاط غير المحروسة، وليس فيها ما يكفي من المنقذين، وهو ما يجب الانتباه إليه.



يلفت إلى أنّ أغلب البلديات في إطار الضغط على الميزانية قلصت عدد المنقذين التابعين لها، ما يعني تقلص مساحة المناطق المحروسة: "في بعض الضواحي من تونس العاصمة كان هناك 150 منقذاً لكنّنا اليوم قد نجد 80 فقط". ويشير إلى أنّ ثقافة الإسعافات خاطئة لدى أغلب المواطنين، إذ إنّ هناك العديد من التدابير التي يجرى اتباعها في محاولة لإنقاذ شخص ما، ومنها الضغط على البطن، لكنّ مثل هذه التدابير مرفوضة، إذ لا بدّ من اتباع مراحل الإنقاذ الضرورية كإخراج المصاب من الماء وتقديم الإسعافات الأولية له ومراقبة مؤشرات الحياة لديه من نبض وتنفس ووعي، ووضعه على جانبه، ثم طلب وحدات الدفاع المدني لمواصلة الإسعافات. يؤكد أنّه وإن كان الغريق واعياً فلا بدّ من متابعته طبياً لأنّ ابتلاع الماء قد تكون له مضاعفات على الرئتين والجهاز التنفسي.




بدوره، يؤكد الناطق الرسمي باسم الدفاع المدني، العقيد معز تريعة، لـ"العربي الجديد" أنّ عدد الحوادث والاصابات المسجلة في الشواطئ التونسية من 1 يونيو/ حزيران الماضي إلى 15 يوليو/ تموز الجاري بلغ 320 مصاباً و26 حالة وفاة. تابع أنّه جرى تركيز 218 نقطة حراسة على الشواطئ التونسية تحت إشراف 31 عنصر إشراف، و1361 منقذاً بحرياً، وتوفير 40 زورق نجدة و9 دراجات مائية.