بريطانيون يردّون على عرض ترامب لاتفاق تجارة: صحتنا الوطنية ليست للبيع

05 يونيو 2019
تبعات بريكست والاتفاقات التجارية على قطاع الصحة (دايفيد مونتفورد/Getty)
+ الخط -
عبّر البريطانيون عن قلقهم من اتفاقية التجارة الحرّة مع الولايات المتحدة الأميركية وتهديدها لنظام الرعاية الصحية، مؤكدين موافقتهم على ما أعلنه زعيم حزب العمال بأن "نظام الرعاية الصحية ليس للبيع". وذلك بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مؤتمر صحافي بعد بدء المفاوضات مع رئيسة الوزراء المنتهية ولايتها تيريزا ماي التي تستمر ثلاثة أيام أن التفاوض سيشمل كل القضايا بما في ذلك الرعاية الصحية.

واحتشد آلاف المتظاهرين أمس الثلاثاء، أمام مقر اجتماع ترامب وماي، في داوننغ ستريت في لندن، وفي ساحة ترافالغار أيضاً، للتعبير عن رفضهم للمفاوضات التي يمكن أن تفضي إلى المساس بنظام الرعاية الصحية البريطاني.

وألقى زعيم حزب العمال جيريمي كوربين خطابًا بعنوان "معاً ضد ترامب" ، ووصف تجمع المتظاهرين الحاشد الذي قدر بنحو 75 ألف متظاهر بأنه "كرنفال للمقاومة"، وقال كوربين، "إن نظام الرعاية الصحية لدينا ليس للبيع" ، متعهداً "سنقاتل حتى النفس الأخير للدفاع عن مبدأ نظام الرعاية الصحية المجاني عند الحاجة للجميع بوصفه حقا من حقوق الإنسان".

وأتى تصريح كوربين بعد مؤتمر صحافي مشترك بين ماي وترامب أمس، قال فيه الرئيس الأميركي حين سئل عن إمكانية أن يكون نظام الصحة الوطني البريطاني جزءًا من أي مفاوضات مع المملكة المتحدة، "عند التعامل التجاري كل شيء مطروح على الطاولة. وهذا يشمل نظام الرعاية الصحية وأي شيء آخر. هناك أكثر من ذلك بكثير".


كذلك ردّ وزير الصحة مات هانكوك فورًا مغرداً "دائرة الصحة الوطنية ليست على الطاولة في المحادثات التجارية، ولن تكون أبدًا". في الوقت الذي تعهد فيه نواب حزب المحافظين دومينيك راب وسام غيماه وروري ستيوارت أيضًا بأن دائرة الصحة الوطنية لن تكون جزءًا من أية صفقة تجارية.


وتجدر الإشارة إلى أنّ المسألة ذاتها أثارت مخاوف مماثلة حين حاولت واشنطن في السابق التفاوض على صفقة تجارية مع الاتحاد الأوروبي بين عامي 2013 و2016، بحسب ما أوردت صحيفة "ذا تايمز" اليوم الأربعاء.

وأفضى قلق البريطانيين بشأن هذه القضية قبل بدء المحادثات، إلى توقيع التماس لتأكيد رفضهم لأي صفقة تمس بالرعاية الصحية عبر الإنترنت وحاز على أكثر من 61 ألف توقيع يدعم الرأي القائل بأن "التسرّع في دعم صفقة مع ترامب في محاولة لإثبات نجاح استراتيجية الحكومة في بريكست، قد يعرّض الخدمات الصحية الوطنية لخطر إدارتها بواسطة شركات أميركية".


ونقلت الصحيفة أنّ أليكس أزار، وزير الصحة والخدمات الإنسانية لدى ترامب، أعلن العام الماضي أن البيت الأبيض سيستخدم المفاوضات التجارية لمطالبة أنظمة الرعاية الصحية "الاجتماعية" أن تدفع أكثر، معتبراً أنهم يدفعون حاليًا رسوماً "منخفضة بشكل غير عادل" للشركات الأميركية، على حد زعمه.

فضلاً عن ذلك، عززت الأهداف التفاوضية للولايات المتحدة المنشورة في مارس/ آذار، مخاوف الناشطين بشأن نوايا إدارة ترامب. اقترح المفاوضون أن يطلب المسؤولون في بريطانيا "معاملة غير تمييزية" من قبل الشركات المملوكة من الدولة، مثل خدمات الصحة الوطنية، ووصول شركات الأدوية الأميركية الكامل إلى الأسواق.

وعلى الرغم من تأكيد الوزراء مرارًا وتكرارًا وبشكل قاطع حماية خدمات الصحة الوطنية، خلال المفاوضات حول صفقة تجارة حرة مع الولايات المتحدة، يتخوّف الناس من أن توافق بريطانيا على هذه المطالب. وجاء موقف تيريزا ماي أمس، ليوضح أن المملكة المتحدة لن تسمح بإدراج خدمات الصحة الوطنية ضمن الصفقات التجارية. وقالت إن "النقطة في إبرام الصفقات التجارية هي أن كلا الجانبين يستطيعان التفاوض بشأن ما قد يغطيانه أو لا".


بدوره، أكد ليام فوكس، وزير التجارة الدولي، أن اتفاقيات التجارة الحرة "تحتوي بشكل عام على أحكام حول تنظيم الخدمات العامة". وأشار في مقابلة مع توداي على راديو هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي 4 أن مثل هذه الأحكام "تضمن للحكومات السيطرة على التنظيم العام، بما في ذلك خدمات الصحة الوطنية".

أمّا حالياً فيتم إنفاق حوالي 7 في المائة من نفقات الخدمات الصحية الوطنية على الرعاية الخاصة من شركات مثل فيرجين. وزاد هذا الرقم بشكل هامشي حين سمح حزب العمال الجديد، لمراكز العلاج الخاصة باستبدال مفصل الورك وغيرها من الخدمات في ظل حكم توني بلير رئيس وزراء سابق.

وبعد محاولة في إطار الحكومة الائتلافية للحصول على المزيد من الخدمات للتعاقد مع شركات خاصة، نرى أنّ خدمات الصحة الوطنية الآن تعمل في الاتجاه المعاكس، ما يجعلها أقل عطاءً في محاولة لتوفير المزيد من الخدمات المشتركة للمرضى.

ونظرًا للضغط النقدي، لم تكن الشركات الخاصة مهتمة جدًا بزيادة تعاملها مع خدمات الصحة الوطنية، كونها لم تر أرباحًا في الوقت الحالي.

وتنفق خدمات الصحة الوطنية في إنكلترا حوالي 16 مليار جنيه إسترليني على الأدوية كل عام. وخدمات أخرى مثل النظافة والتموين التي يتم التعاقد بشأنها مع بعض المستشفيات.

المساهمون