عشيّة شهر رمضان، يبدو أنّ الليبيين لن يتمكّنوا من عيشه مثلما اعتادوا، في ظلّ الأوضاع المضطربة في البلاد والتي تفاقمت في الأسابيع الأخيرة. ناجي الزروق، من منطقة الحميدية في تاجوراء، شمال غربي ليبيا، من هؤلاء، ويقول لـ"العربي الجديد": "لا أشعر بأنّ رمضان على الأبواب، فلا شيء يشير إلى ذلك". يضيف أنّ "الأهالي كانوا يخرجون مع إحدى الزوايا الصوفية في موكب فولكلوري، في آخر أيام شعبان، تعبيراً عن فرحتهم بحلول رمضان"، لكنّه يلفت إلى شارع خلفي في منطقة سكنه حيث نُصبت ثلاثة سرادقات لاستقبال المعزّين في قتلى سقطوا أخيراً في معارك العاصمة الليبية. ويتابع الزروق أنّ "ثمّة مزيداً من تلك السرادقات في أحياء كثيرة في طرابلس".
وماذا عن الصعوبات التي يواجهها المواطن لتوفير مستلزمات رمضان؟ يجيب الزروق: "لا صعوبة تفوق القنابل والصواريخ التي تسقط على منازل الليبيين والطائرات التي تهددنا ليلياً. لا أظنّ أنّني سوف أقلق بشأن خلوّ جيبي من مخصصات رمضان بقدر قلقي بشأن تأمين أسرتي والبحث عن ملجأ عند نزوحنا، لا قدّر الله".
اقــرأ أيضاً
الأحياء الشمالية في العاصمة طرابلس بعيدة عن مناطق الاشتباكات، ويشهد سوق أبو ستة هناك ازدحاماً في الصباح والمساء. أم رضا وهي ربّة منزل ولها أربعة أطفال، أنهت تسوّقها للوازم رمضان، تشكو لـ"العربي الجديد" من "الغلاء الفاحش". تقول: "مدخراتي على مدى ثلاثة أشهر لم تكفِ لتغطية نصف مستلزمات الصيام"، متّهمة أصحاب المحال بأنّهم "تجّار حرب". وإذ تشير إلى أنّ الخضراوات على سبيل المثال ارتفعت ثلاثة أضعاف، تؤكد إصرارها على "جعل أسرتي تشعر برمضان وتحتفل به، حتى لو كان الأمر أقلّ من الماضي". وتوضح أم رضا أنّها وجاراتها سوف يلتزمنَ بتقليد الأوّل من رمضان، "وسوف نتبادل الطعام في اليوم الأوّل، فأولادنا اعتادوا طرق أبواب الحيّ بهذا الهدف".
في مركز إيواء للنازحين في حرم جامعة ناصر الأممية في مدينة ترهونة، جنوب شرق طرابلس، يستقرّ إبراهيم وهو أحد النازحين من حيّ الكحيلي في عين زاره، إحدى ضواحي العاصمة، مع أسرته المؤلفة من ستّة أفراد. يقول لـ"العربي الجديد": "هذه المرّة الأولى التي نصوم فيها ونحن مهجّرون من بيتنا. هنا، لن يعرف أحد فرحة رمضان، فجميعنا يفكّر في العودة إلى بيته وفي مصيره، على الرغم من أنّ فريق الكشافة أعدّ برامج احتفالية عدّة للأسر النازحة في رمضان وموائد إفطار جماعية".
وسط المأساة والألم، تصرّ فاطمة العيساوي وهي ربّة منزل من حيّ غوط الشعال، غربي طرابلس، على شراء لوازم رمضان. تقول لـ"العربي الجديد": "وفّرت الحد الأدنى ممّا يطلبه مطبخي، وقد لجأت مع جاراتي إلى الجمعيات السنوية لشراء لوازم الشهر جماعياً". تشرح العيساوي أنّ "الجمعية ليس فقط لشراء مستلزمات رمضان، بل نعمد من خلالها إلى إعداد الأطعمة وتقاسمها ليقلّ العبء".
في السياق، يتحدّث محسن البيري، وهو صاحب أحد المحال التجارية في سوق أبو سليم في العاصمة الليبية، عن "تراجع قوة الشراء هذا العام"، غير أنّه يشير إلى "ظاهرة جديدة تمثّلت في مجموعات من النساء يشترينَ احتياجاتهنّ بالجملة ويكثر بينهنّ التشاور في أثناء اختيار سلعهنّ". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّه "على الرغم من الكساد الظاهر في السوق، فإنّني مسرور لأنّ مجتمعنا تكافليّ، وهو ما دعاني إلى تخفيض الأسعار قدر المستطاع تشجيعاً". وعن سبب الغلاء، يقول البيري إنّ "تجّاراً بعينهم يستغلون ظروف الحرب لرفع الأسعار في أسواق الجملة"، مضيفاً أنّ "الحكومة المنشغلة بالحرب توفّر لهم الاعتمادات المصرفية للاستيراد ولا تراقبهم ولا تحدّد الأسعار".
وفي حين تبدو العادات الليبية المتوارثة إلى تراجع على خلفية الأزمة، طالب الشيخ سالم بانون إمام مسجد سيدي يعقوب في المدينة القديمة بطرابلس، أهالي الحيّ بضرورة الاستمرار بالاحتفال باليوم الأول من رمضان ككلّ عام. يقول بانون لـ"العربي الجديد": "سوف نحافظ هذا العام على إفطار اليوم الأوّل الجماعي في الحيّ"، مشيراً إلى أنّه "في خلال هذا اليوم، يحمل أهالي الحيّ أصناف الحلويات والأطعمة التي اشتهرت بها المدينة القديمة ويتقاسمونها في مائدة جماعية".
اقــرأ أيضاً
تخزين غاز الطهي
فاطمة العيساوي، ربّة منزل من حيّ غوط الشعال، غربي طرابلس، تقول إنّ أبنائها وبمناسبة شهر رمضان، "خزّنوا الوقود اللازم لتشغيل مولّد كهربائي منزلي، بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وكذلك ثلاث أسطوانات من غاز الطهي الذي يرفع التجار أسعاره في كل عام، في حين يختفي من الأسواق بسبب الإقبال على تخزينه في البيوت".
وماذا عن الصعوبات التي يواجهها المواطن لتوفير مستلزمات رمضان؟ يجيب الزروق: "لا صعوبة تفوق القنابل والصواريخ التي تسقط على منازل الليبيين والطائرات التي تهددنا ليلياً. لا أظنّ أنّني سوف أقلق بشأن خلوّ جيبي من مخصصات رمضان بقدر قلقي بشأن تأمين أسرتي والبحث عن ملجأ عند نزوحنا، لا قدّر الله".
الأحياء الشمالية في العاصمة طرابلس بعيدة عن مناطق الاشتباكات، ويشهد سوق أبو ستة هناك ازدحاماً في الصباح والمساء. أم رضا وهي ربّة منزل ولها أربعة أطفال، أنهت تسوّقها للوازم رمضان، تشكو لـ"العربي الجديد" من "الغلاء الفاحش". تقول: "مدخراتي على مدى ثلاثة أشهر لم تكفِ لتغطية نصف مستلزمات الصيام"، متّهمة أصحاب المحال بأنّهم "تجّار حرب". وإذ تشير إلى أنّ الخضراوات على سبيل المثال ارتفعت ثلاثة أضعاف، تؤكد إصرارها على "جعل أسرتي تشعر برمضان وتحتفل به، حتى لو كان الأمر أقلّ من الماضي". وتوضح أم رضا أنّها وجاراتها سوف يلتزمنَ بتقليد الأوّل من رمضان، "وسوف نتبادل الطعام في اليوم الأوّل، فأولادنا اعتادوا طرق أبواب الحيّ بهذا الهدف".
في مركز إيواء للنازحين في حرم جامعة ناصر الأممية في مدينة ترهونة، جنوب شرق طرابلس، يستقرّ إبراهيم وهو أحد النازحين من حيّ الكحيلي في عين زاره، إحدى ضواحي العاصمة، مع أسرته المؤلفة من ستّة أفراد. يقول لـ"العربي الجديد": "هذه المرّة الأولى التي نصوم فيها ونحن مهجّرون من بيتنا. هنا، لن يعرف أحد فرحة رمضان، فجميعنا يفكّر في العودة إلى بيته وفي مصيره، على الرغم من أنّ فريق الكشافة أعدّ برامج احتفالية عدّة للأسر النازحة في رمضان وموائد إفطار جماعية".
وسط المأساة والألم، تصرّ فاطمة العيساوي وهي ربّة منزل من حيّ غوط الشعال، غربي طرابلس، على شراء لوازم رمضان. تقول لـ"العربي الجديد": "وفّرت الحد الأدنى ممّا يطلبه مطبخي، وقد لجأت مع جاراتي إلى الجمعيات السنوية لشراء لوازم الشهر جماعياً". تشرح العيساوي أنّ "الجمعية ليس فقط لشراء مستلزمات رمضان، بل نعمد من خلالها إلى إعداد الأطعمة وتقاسمها ليقلّ العبء".
في السياق، يتحدّث محسن البيري، وهو صاحب أحد المحال التجارية في سوق أبو سليم في العاصمة الليبية، عن "تراجع قوة الشراء هذا العام"، غير أنّه يشير إلى "ظاهرة جديدة تمثّلت في مجموعات من النساء يشترينَ احتياجاتهنّ بالجملة ويكثر بينهنّ التشاور في أثناء اختيار سلعهنّ". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّه "على الرغم من الكساد الظاهر في السوق، فإنّني مسرور لأنّ مجتمعنا تكافليّ، وهو ما دعاني إلى تخفيض الأسعار قدر المستطاع تشجيعاً". وعن سبب الغلاء، يقول البيري إنّ "تجّاراً بعينهم يستغلون ظروف الحرب لرفع الأسعار في أسواق الجملة"، مضيفاً أنّ "الحكومة المنشغلة بالحرب توفّر لهم الاعتمادات المصرفية للاستيراد ولا تراقبهم ولا تحدّد الأسعار".
وفي حين تبدو العادات الليبية المتوارثة إلى تراجع على خلفية الأزمة، طالب الشيخ سالم بانون إمام مسجد سيدي يعقوب في المدينة القديمة بطرابلس، أهالي الحيّ بضرورة الاستمرار بالاحتفال باليوم الأول من رمضان ككلّ عام. يقول بانون لـ"العربي الجديد": "سوف نحافظ هذا العام على إفطار اليوم الأوّل الجماعي في الحيّ"، مشيراً إلى أنّه "في خلال هذا اليوم، يحمل أهالي الحيّ أصناف الحلويات والأطعمة التي اشتهرت بها المدينة القديمة ويتقاسمونها في مائدة جماعية".
تخزين غاز الطهي
فاطمة العيساوي، ربّة منزل من حيّ غوط الشعال، غربي طرابلس، تقول إنّ أبنائها وبمناسبة شهر رمضان، "خزّنوا الوقود اللازم لتشغيل مولّد كهربائي منزلي، بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وكذلك ثلاث أسطوانات من غاز الطهي الذي يرفع التجار أسعاره في كل عام، في حين يختفي من الأسواق بسبب الإقبال على تخزينه في البيوت".