جرحى قوات حفتر ضحية الإهمال المستمر

28 مايو 2019
يُهمَلون إذا أصيبوا في المعركة (عبد الله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
نحو 1700 مصاب من قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر سقطوا في حربه على العاصمة الليبية طرابلس عدا عن القتلى، لكنّ هؤلاء يعانون من التعتيم على قضيتهم ومن الإهمال الطبي.

في هذا الإطار، ما زال عادل عطية، وهو أحد جنود قوة الصاعقة في ليبيا، التابعة لحفتر، نزيلاً في مستشفى "امحمد المقريف" في أجدابيا، شرقي البلاد، منذ ثلاثة أسابيع من دون أن يحصل على فرصة لتسفيره إلى الخارج لتلقي العلاج. بادر جملة من أصدقاء وجيران عادل إلى نشر صوره وهو طريح الفراش مبتور القدمين وأصابع اليدين، في محاولة لمخاطبة قلوب المسؤولين الذين لا يبدو أنّهم يعتبرون أنّ للجندي قيمة إلّا في ساحة القتال أو في دورات التدريب والإعداد لساحات الحروب. وهكذا، لم يستجب أحد للنداءات.




تتناقل صفحات موالية لحفتر، ووسائل إعلام مختلفة، أسماء المتوفين والجرحى كلّ يوم، لكنّ إحصاء رسمياً بعددهم لم يصدر، كما هي الحال في حروب حفتر السابقة في بنغازي طوال ثلاث سنوات، وفي درنة، وفي أكثر من مدينة في الجنوب الليبي. لكنّ منظمات حقوقية أهلية سربت عبر مصادرها من داخل أروقة قيادة حفتر إحصاء يشير إلى أنّ عدد القتلى في صفوف قوات حفتر تجاوز 300، بينما وصل عدد المصابين إلى 1678 مقاتلاً ما بين نظامي ومدني متطوع، من بينهم 79 حالة بتر و66 حالة حرجة، منذ بدء حملته على طرابلس في أوائل إبريل/ نيسان الماضي.

بحسب أحد أقارب عادل، فإنّ إدارة العلاج بالخارج التابعة لوزارة الصحة بالحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، في الشرق الليبي، استحدثت لجنة لعلاج جرحى الحرب في طرابلس بعد ضغوط مارسها مجلس النواب في طبرق. وكما هي الحال في اللجان السابقة اخترق الفساد الإداري والمالي أعمال اللجنة، فالأوامر الصادرة تعطي الأولوية للمقاتلين المصابين بدرجة خفيفة فتعالجهم من أجل العودة إلى ساحة القتال، أما حالات البتر والحالات الحرجة فينقل الاهتمام بها إلى وزارة الصحة التي يفترض أن تخاطب السفارات بالخارج بحثاً عن دول يمكن أن تستقبلهم للعلاج.

يقول عدنان بو ديّة، مدير إدارة الشؤون الطبية بمركز طبرق الطبي، شرقي البلاد، إنّ المركز يقدم خدمات الإسعاف والعلاج لكنّ أغلب الحالات الحرجة تمكن أهلها من نقلها إلى مستشفيات في الأردن ومصر على حسابهم الشخصي. يشير إلى أنّ لجنة العلاج بوزارة الصحة توقف عملها منذ أكثر من سنتين بسبب الفساد المالي والإداري. يتابع بو ديّة في حديثه إلى "العربي الجديد" أنّ "ملف الجرحى والمصابين نقلت تبعيته مباشرة إلى حفتر منذ أغسطس/ آب 2017 عبر تشكيل لجنة تعرف باسم إدارة الخدمات الطبية العسكرية، يترأسها عسكري مقرب من حفتر يتلقى أوامره منه مباشرة، هو جبريل البدري، وذلك بعد الفساد المالي الكبير إبان رئاسة الملف من قبل مقرب آخر لحفتر، اسمه عبد الرزاق ادويك".

يتابع بو ديّة: "حالياً، هناك استثناء من قبل الدول الداعمة لحفتر، لكنّ مشاكل ملف الصحة في تلك الدول قائمة، فقد سبق لعدة مصحات في مصر والأردن وتونس طرد الجرحى والمصابين بعد أشهر من انتظار مستحقاتها المالية، التي يقوم مسؤولو لجنة العلاج بسرقتها ونقلها إلى حساباتهم الخاصة". يشير إلى مشكلة جديدة، وهي عدم تعامل السفارات في الخارج مع مصابي قوات حفتر، كونها سفارات تابعة لحكومة الوفاق التي تقاتل حالياً قوات حفتر، لافتاً إلى أنّها في السابق كانت تتساهل في قبول جرحى حفتر، لكنّ حربه حالياً هي ضد الحكومة بالذات. يرجح بو ديّة أن تتفاقم مشكلة جرحى ومصابي الحرب الحالية بمرور الوقت بسبب الإهمال المتواصل، فقيادة قوات حفتر، كما يقول، لم تجهز سوى مستشفيات ميدانية ظناً منها أنّ الحرب لن تطول وما هي إلّا مسألة أيام.

سبق لعدد من جرحى قوات حفتر تنظيم وقفة احتجاجية في يوليو/ تموز الماضي، أمام مقر بلدية بنغازي، شرقي ليبيا، للمطالبة بإطلاق سراح زملائهم المعتقلين لدى أجهزة أمنية في مدينة المرج، مقر معسكر حفتر الرئيسي. وعبّر المحتجون عن استيائهم من إقدام أمن حفتر على اعتقال خمسة من زملائهم حضروا إلى المقر، للمطالبة بحقهم في العلاج بعد الإهمال الذي طاولهم لسنوات.




كذلك، تداولت منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو في مناسبات سابقة، ظهر خلالها عدد من الأشخاص مبتوري الأطراف، من مقاتلي حفتر في حروبه السابقة، وهم يفترشون الطريق العام، وسط بنغازي، احتجاجاً على أوضاعهم، وبعضهم كان يجلس لبيع بعض المأكولات لإعالة أسرته، في ظل عدم حصوله على راتبه الشهري وعجزه جسدياً عن العمل.

وأظهرت صور أخرى عدداً من جرحى قوات حفتر بينهم رجل لديه شلل رباعي، عالقين في مطار دولة عربية، بعد طردهم من المصحات التي كانوا يتلقون العلاج فيها، بسبب عدم حصول المصحات على مستحقاتها.