يستمر النزوح في طرابلس الليبية في ظل استمرار المعارك. وفي النتيجة، مزيد من الألم والتشتت والدمار. لكن رغم كل شيء، يبقى الاحتضان الشعبي لافتاً
أكثر من 62 ألف نازح اضطروا إلى ترك منازلهم التي كانوا يقطنونها في نحو عشرة أحياء في جنوب طرابلس، بسبب المواجهات المستمرة منذ أكثر من شهر بين قوات حكومة الوفاق ومليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الساعية إلى احتلال العاصمة الليبية. وفي النتيحة، يزداد عدد النازحين في ظلّ توسّع رقعة الحرب وانتقالها من منطقة إلى أخرى.
وتعدّ أحياء الزهراء والسواني والعزيزية والساعدية والطويشة وقصر بن غشير وعين زاره ووادي الربيع وخلة الفرجان وسوق الخميس من أبرز الأحياء المنكوبة. ويؤكد جهاز الإسعاف والطوارئ التابع لحكومة الوفاق خلوّ هذه الأحياء نسبياً من ساكنيها. ويقول المتحدث الرسمي باسم جهاز الإسعاف أسامة علي، لـ"العربي الجديد": "فرق الإنقاذ أنهت عمليات الإجلاء.
اقــرأ أيضاً
طلبات الاستغاثة لم تعد تصل من داخل مناطق الاشتباكات، ما يعني خلوها من ساكنيها"، لافتاً إلى أن دور فرق الإنقاذ يتوقف عند إجلاء العالقين، في وقت تتولى فرق أخرى مسؤوليّة توفير مراكز إيواء لهم. من جهته، يقول ناصر الكريوي، وهو عضو لجنة الأزمة في بلدية طرابلس، إنّ في طرابلس ما لا يقل عن ستة مراكز إيواء مليئة بالنازحين. لكن القسم الأكبر من هؤلاء غادر إلى بلديات أخرى مجاورة. وسجلت بلديات زليتن والخميس ومصراته ومسلاته وصول أكثر من عشرين ألف نازح، في وقت يشير الكريوي إلى أن الجزء الأكبر نزح إلى مساكن أقاربه أو تمكن من توفير بيت بالإيجار. والبعض سافر إلى دول مجاورة على رأسها تونس.
وتزداد معاناة النازحين في ظل استمرار الحرب. ويعرب إسماعيل حمودة، وهو أحد النازحين من وادي الربيع، عن أسفه لعدم معرفة ما حل ببيته. يقول لـ"العربي الجديد": "الحكومة قد توفر لنا ملجأ الآن. لكن ماذا يكون مصيرنا بعد الحرب في حال تضررت مساكننا أو انهارت؟". ويسأل: "أي إرهاب أكبر من تهجيرنا وتدمير منازلنا؟".
تعيش أسرة حمودة المكونة من خمسة أفراد في هذا المركز مؤقتاً، ريثما تعثر اللجان الاجتماعية على مسكن لها يتبرّع به أحد المحسنين. ويقول: "أنا خجل في الحقيقة. الأهالي هنا لهم وقفة مشرفة. وأنا بين خيارين: إما أرفض وأحبط مساعيهم الخيرة، أو أوافق على الانتقال إلى منزل يأوي أسرتي. لكنني لن أكون قادراً على توفير احتياجاتهم الأساسية". يتابع: "هنا، يستفيد النازحون من المساعدات الغذائية التي لا نستطيع توفيرها إذا تركنا مركز الإيواء. مرّ شهران من دون أن نحصل على أموالنا من المصارف". وكان محافظ ليبيا المركزي، الصديق الكبير، قد أوعز إلى المصارف الفرعية بتوفير السيولة النقدية للنازحين وتمكينهم من سحب أموالهم عبر فروع المصارف في المناطق التي نزحوا إليها. لكن حمودة يقول إن "هذا مجرد كلام للإعلام، إذ لم يتحقق أي شيء".
من جهته، يقول مدير جمعية تراحموا الخيرية رجب الجاير، إن الجهود الإغاثية التي تنشط عشرات الجمعيات لتقديمها بالتنسيق مع المجالس البلدية تعتمد على ذوي الإحسان. ويوضح أن "إحدى النساء تدعو لنا بالخير كلّما سمعت صوت قنبلة أو صاروخ. وتشعر بأنها في منطقتها لكنها لا تتوقف عن السؤال عن مصير بيتها"، مضيفاً أن "واقع الحرب لا يمكن رده ونتائجه كارثية. لكن على الأقل، نسعى إلى تحييد الأضرار النفسية عن النازحين". يصف جابر حال النازحين بـ"المؤلم"، ويقول: "لا أعتقد أن العاملين في مجال الإغاثة أو النازحين يشعرون بأجواء شهر رمضان"، مضيفاً أن عائلات كثيرة نازحة حملت معها آلاماً كبيرة من جراء القصف العشوائي على أحيائها، عدا عن الجرحى من أقاربها أو معارفها في المستشفيات.
اقــرأ أيضاً
وفي وقت ينتقد جابر الجهات الحكومية التي تعمل بشكل وصفه بـ"الفوضوي"، يقول: "أعتقد أنني أعذر الحكومة أحياناً بسبب ما أحدثته الحرب من تشتت للجهود. لكن يجب الإشادة بدور الأهالي في تضميد جراح النازحين. وعلى المنظمات الدولية التي تدعي تقديم مساعدات قول الحق، فهي لا تقدم شيئاً إلا عبر التصريحات".
ويمتدح حمودة الدور الأهلي في إغاثة النازحين، مشيراً في الوقت نفسه إلى مغادرة نازحين بعض مراكز الإيواء في مصراته. يقول: "يعتقدون أن مدينة قدمت من أجل حماية المنازل أكثر من سبعين قتيلاً لا يمكن أن يطلب منها المزيد من الدعم أو تقديم المعونة". ويؤكد أن النزوح مؤلم جداً، مطالباً حفتر وداعميه بأن يحاولوا النظر إلى الجانب الإنساني والآلام التي خلفتها حربهم. ويسأل: "شخص يمكنه الوصول إلى الحكم عبر صندوق الانتخاب لماذا يلجأ إلى صندوق الذخيرة والرصاص؟".
أكثر من 62 ألف نازح اضطروا إلى ترك منازلهم التي كانوا يقطنونها في نحو عشرة أحياء في جنوب طرابلس، بسبب المواجهات المستمرة منذ أكثر من شهر بين قوات حكومة الوفاق ومليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الساعية إلى احتلال العاصمة الليبية. وفي النتيحة، يزداد عدد النازحين في ظلّ توسّع رقعة الحرب وانتقالها من منطقة إلى أخرى.
وتعدّ أحياء الزهراء والسواني والعزيزية والساعدية والطويشة وقصر بن غشير وعين زاره ووادي الربيع وخلة الفرجان وسوق الخميس من أبرز الأحياء المنكوبة. ويؤكد جهاز الإسعاف والطوارئ التابع لحكومة الوفاق خلوّ هذه الأحياء نسبياً من ساكنيها. ويقول المتحدث الرسمي باسم جهاز الإسعاف أسامة علي، لـ"العربي الجديد": "فرق الإنقاذ أنهت عمليات الإجلاء.
طلبات الاستغاثة لم تعد تصل من داخل مناطق الاشتباكات، ما يعني خلوها من ساكنيها"، لافتاً إلى أن دور فرق الإنقاذ يتوقف عند إجلاء العالقين، في وقت تتولى فرق أخرى مسؤوليّة توفير مراكز إيواء لهم. من جهته، يقول ناصر الكريوي، وهو عضو لجنة الأزمة في بلدية طرابلس، إنّ في طرابلس ما لا يقل عن ستة مراكز إيواء مليئة بالنازحين. لكن القسم الأكبر من هؤلاء غادر إلى بلديات أخرى مجاورة. وسجلت بلديات زليتن والخميس ومصراته ومسلاته وصول أكثر من عشرين ألف نازح، في وقت يشير الكريوي إلى أن الجزء الأكبر نزح إلى مساكن أقاربه أو تمكن من توفير بيت بالإيجار. والبعض سافر إلى دول مجاورة على رأسها تونس.
وتزداد معاناة النازحين في ظل استمرار الحرب. ويعرب إسماعيل حمودة، وهو أحد النازحين من وادي الربيع، عن أسفه لعدم معرفة ما حل ببيته. يقول لـ"العربي الجديد": "الحكومة قد توفر لنا ملجأ الآن. لكن ماذا يكون مصيرنا بعد الحرب في حال تضررت مساكننا أو انهارت؟". ويسأل: "أي إرهاب أكبر من تهجيرنا وتدمير منازلنا؟".
تعيش أسرة حمودة المكونة من خمسة أفراد في هذا المركز مؤقتاً، ريثما تعثر اللجان الاجتماعية على مسكن لها يتبرّع به أحد المحسنين. ويقول: "أنا خجل في الحقيقة. الأهالي هنا لهم وقفة مشرفة. وأنا بين خيارين: إما أرفض وأحبط مساعيهم الخيرة، أو أوافق على الانتقال إلى منزل يأوي أسرتي. لكنني لن أكون قادراً على توفير احتياجاتهم الأساسية". يتابع: "هنا، يستفيد النازحون من المساعدات الغذائية التي لا نستطيع توفيرها إذا تركنا مركز الإيواء. مرّ شهران من دون أن نحصل على أموالنا من المصارف". وكان محافظ ليبيا المركزي، الصديق الكبير، قد أوعز إلى المصارف الفرعية بتوفير السيولة النقدية للنازحين وتمكينهم من سحب أموالهم عبر فروع المصارف في المناطق التي نزحوا إليها. لكن حمودة يقول إن "هذا مجرد كلام للإعلام، إذ لم يتحقق أي شيء".
من جهته، يقول مدير جمعية تراحموا الخيرية رجب الجاير، إن الجهود الإغاثية التي تنشط عشرات الجمعيات لتقديمها بالتنسيق مع المجالس البلدية تعتمد على ذوي الإحسان. ويوضح أن "إحدى النساء تدعو لنا بالخير كلّما سمعت صوت قنبلة أو صاروخ. وتشعر بأنها في منطقتها لكنها لا تتوقف عن السؤال عن مصير بيتها"، مضيفاً أن "واقع الحرب لا يمكن رده ونتائجه كارثية. لكن على الأقل، نسعى إلى تحييد الأضرار النفسية عن النازحين". يصف جابر حال النازحين بـ"المؤلم"، ويقول: "لا أعتقد أن العاملين في مجال الإغاثة أو النازحين يشعرون بأجواء شهر رمضان"، مضيفاً أن عائلات كثيرة نازحة حملت معها آلاماً كبيرة من جراء القصف العشوائي على أحيائها، عدا عن الجرحى من أقاربها أو معارفها في المستشفيات.
وفي وقت ينتقد جابر الجهات الحكومية التي تعمل بشكل وصفه بـ"الفوضوي"، يقول: "أعتقد أنني أعذر الحكومة أحياناً بسبب ما أحدثته الحرب من تشتت للجهود. لكن يجب الإشادة بدور الأهالي في تضميد جراح النازحين. وعلى المنظمات الدولية التي تدعي تقديم مساعدات قول الحق، فهي لا تقدم شيئاً إلا عبر التصريحات".
ويمتدح حمودة الدور الأهلي في إغاثة النازحين، مشيراً في الوقت نفسه إلى مغادرة نازحين بعض مراكز الإيواء في مصراته. يقول: "يعتقدون أن مدينة قدمت من أجل حماية المنازل أكثر من سبعين قتيلاً لا يمكن أن يطلب منها المزيد من الدعم أو تقديم المعونة". ويؤكد أن النزوح مؤلم جداً، مطالباً حفتر وداعميه بأن يحاولوا النظر إلى الجانب الإنساني والآلام التي خلفتها حربهم. ويسأل: "شخص يمكنه الوصول إلى الحكم عبر صندوق الانتخاب لماذا يلجأ إلى صندوق الذخيرة والرصاص؟".