وفاة سجين لبناني... ووزيرة الداخلية تدعو لانتظار نتائج التحقيق

12 مايو 2019
رُفض إخلاء سبيل الشاب لإجراء عملية جراحية(جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -
أعربت وزيرة الداخلية والبلديات في لبنان ريا الحسن، عن أسفها لوفاة السجين حسان توفيق الضيقة أمس السبت، الذي أوقف بموجب مذكرة وجاهية صادرة عن قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، مناشدة عدم التسرع في إطلاق الادعاءات بتعرضه للتعذيب حتى تصدر نتائج التحقيق.

وأعلنت في بيان أصدرته اليوم الأحد، أنها "أعطت بالأمس تعليماتها إلى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، بضرورة اتخاذ الإجراءات الفورية لفتح تحقيق للوقوف على أسباب الوفاة".

وأوضحت في البيان الذي نقلته الوكالة الوطنية للإعلام، أن "وزارة الداخلية بعثت بتقرير مفصل في هذا الخصوص إلى مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة حول الادعاءات عن تعرض الضيقة لعملية تعذيب".

وأكدت الحسن "التزامها الكامل تطبيق المعاهدات العالمية لحقوق الإنسان، وعدم حصول أي ممارسات تنتهك حقوق الإنسان". وتمنت "عدم التسرع في إطلاق الأحكام ليأخذ التحقيق مجراه القانوني".

وأعرب وزير العدل اللبناني ألبير سرحان، عبر حسابه في "تويتر" عن أسفه لوفاة الضيقة، وغرد عبر حسابه في تويتر: "‏آسف لوفاة الموقوف حسان الضيقة وأتعهد بإجراء التحقيقات اللازمة لجلاء ملابسات هذه القضية. كما أؤكد التزام وزارة العدل الكامل بما تضمنته اتفاقات مناهضة التعذيب ضماناً لحقوق الموقوفين".


يشار إلى أن حسان الضيقة أوقف بموجب مذكّرة توقيف وجاهية، صادرة عن قاضي التحقيق الأوّل في جبل لبنان نقولا منصور في الأوّل من شهر نوفمبر 2018، في ملفّ مخدرات.
في هذا السياق، أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بياناً أوضحت فيه ما يتم تداوله عبر وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ولسان والد المرحوم حسان الضيقة، وجاء فيه أنه "بتاريخ 3/11/2018، تم توقيف المرحوم حسان الضيقة من قبل شعبة المعلومات بجرم تهريب مخدرات وختم التحقيق بتاريخ 5/11/2018، واستبقي في سجن المقر العام لغاية 9/11/2018 حيث أودع النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، وأصبح منذ ذلك الحين في عهدة القضاء المختص. وبتاريخ 2/4/2019، نقل إلى مستشفى الحياة بسبب آلام في الظهر، وكان ذلك بعد خمسة أشهر من توقيفه وتوفي بتاريخ 11/5/2019، مع الإشارة إلى أنه كان يخضع للمعاينة الطبية في جميع أماكن توقيفه".

وتابع البيان أن "المرحوم حسان الضيقة مثل أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان بتاريخ 16/11/2018، ولم يدل بأية معطيات حول تعرضه للضرب والتعذيب". وأشار إلى أنه "بتاريخ 23/11/2018 (بعد 20 يوماً من عملية التوقيف)، نظم الطبيب الشرعي (ن. م)، الموقوف حالياً بجرم تزوير تقارير طبية شرعية، تقريراً صرح فيه بأنه يوجد علامات ضرب وكدمات على جسد الموقوف. وبتاريخ 4/3/2019 وبناء لإشارة القضاء المختص وعلى خلفية التأكد من قيام الطبيب الشرعي بتنظيم تقارير طبية مزورة في عدة قضايا، أوقف من قبل شعبة المعلومات، وبنتيجة إجراء الدراسة الفنية على هاتفه، تبين وجود تسجيلات ومحادثات صوتية بينه وبين والد المرحوم حسان الضيقة، تم خلالها الاتفاق بين الاثنين على تنظيم تقرير طبي لمصلحة ابنه، بحيث يتم ذكر تعرض المرحوم حسان الضيقة لكدمات نتيجة تعرضه للتعذيب. وبنتيجة مواجهة الطبيب بالتسجيلات والمحادثات، صرح بأنها صحيحة وأنه على معرفة بالمحامي توفيق الضيقة الذي طلب منه الكشف على ابنه، وأصر عليه بتنظيم تقرير طبي يظهر فيه تعرّض ابنه للضرب والإيذاء، حيث قام بهذا الأمر وعمل على الكشف عليه، وتنظيم تقرير مخالف للواقع ذكر فيه أن المرحوم حسان الضيقة قد تعرض للضرب والإيذاء أثناء التحقيق، خلافاً للواقع كما اعترف بالأخطاء التي ارتكبها داخل التقرير تلبية لرغبة المحامي الضيقة وآخرين بعد أن أثاروا عواطفه بالموضوع"، مؤكداً أن المحامي توفيق الضيقة أعلمه سابقاً بأنه مستعد لأي شيء يطلبه الطبيب المذكور.

وأشار البيان إلى أنه "بتاريخ 20/3/2019، وبعد علم ومعرفة المحامي توفيق الضيقة بوقائع التحقيق المجرى مع الطبيب الشرعي، قام بتنظيم رجوع وإسقاط نهائي عن الشكويين اللتين كان قد تقدم بهما سابقاً ضد عناصر من شعبة المعلومات بموضوع تعرض ابنه للضرب والتعذيب صادر عن كاتب العدل نزار بو نصار. وبتاريخ 11/5/2019 وبعد الكشف على الجثة من قبل الطبيب الشرعي لم يتبين وجود آثار عنف على كل أنحاء الجسم، وطلب تشريح الجثة لتحديد سبب الوفاة فرفض الأهل ذلك، كما أخذت عينة من دم المتوفى لإجراء الفحوصات الطبية". كما "باشرت النيابة العامة التمييزية بإجراء تحقيق في القضية بغية تحديد أسباب الوفاة وتؤكد هذه المديرية أنها مستعدة لتحمل أي مسؤولية قد تنتج عن هذا التحقيق، وتهيب بالمواطنين عدم إطلاق إحكام مسبقة وانتظار نتائج التحقيقات".



قاضي التحقيق ينفي الاتهامات 

ونفى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، في اتصال مع الوكالة الوطنية للإعلام، جملة وتفصيلاً ما ورد في نشرات إخبارية ومواقع إلكترونية بشأن ملف وفاة الموقوف حسان توفيق الضيقة جراء التعذيب خلال التحقيقات الأولية معه لدى شعبة "فرع المعلومات"، وما أدلى به والد الشاب المحامي توفيق الضيقة، بعد تقديمه شكاوى عدة ضد شعبة المعلومات، مشيراً إلى "اصطدامه بتغطية النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون للشعبة (فرع المعلومات) وشاركها القاضي منصور بذلك خوفاً منها".

وأوضح منصور أنه "قبِلَ الشكوى ضد المحققين في فرع المعلومات، على الرغم من عدم بيان كامل هويتهم وفقاً للأصول ولما هو متعامل به أمام قاضي التحقيق الأول في حالات الشكوى المباشرة، إلا أن والد المرحوم عاد وتراجع عن الشكوى لأسباب نترك له إيضاحها".

وأضاف "أن اختصاص النظر بتعيين طبيب شرعي يعود للنيابة العامة وكذلك نقل المريض إلى المستشفى، علماً أننا اتخذنا قراراً بتكليف طبيب لمعاينة الموقوف إلا أن النيابة العامة لم توافق على اعتبار أن ذلك هو من اختصاصها، والوالد يعلم ذلك".

وصرح والد الضحية المحامي توفيق الضيقة لوسائل الإعلام في وقت سابق اليوم، إنّ ابنه تعرّض للضرب خلال التحقيقات الأولية، وأنه أبلغ النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي غادة عون بهذه الواقعة، غير أنّها لم تصدّقه وألصقت بالشاب الراحل تهمة الكذب.

وأشار إلى أن نجله كان بحاجة ماسّة إلى عملية جراحية لم يقبل بها القضاء، كما أنّ قاضي التحقيق الأوّل في جبل لبنان نقولا منصور، ورئيس الهيئة الاتهامية القاضي ربيع الحسامي رفضا مراراً إخلاء سبيله من أجل إجراء هذه العملية الجراحية، على الرغم من توافر التقارير الطبّية الصحيحة وغير المزوّرة على الإطلاق.

وأضاف الضيقة المصدوم: "ابني مات ونعرف من قتله... إنّهم في فرع المعلومات، وغادة عون، ونقولا منصور، وربيع حسامي".

التشييع في بلدته شمسطار

وشيعت بلدة شمسطار وقرى غربي بعلبك حسان الضيقة في موكب حاشد. وتحدث والد الفقيد توفيق الضيقة أثناء التشييع قائلاً: "ولدي بقي تسعة أيام رهن التحقيق تعرض فيها لأبشع أنواع التعذيب والعنف، وأنا حاولت وبجميع الطرق التواصل معه ومنعت من ذلك كي لا أكشف عما تعرض له من عنف وتعذيب"، بحسب ما أوردته الوكالة الوطنية للإعلام.

وأضاف: "القانون 65 /2017 يمنع التعذيب ويعاقب عليه ولبنان ملتزم بالمعاهدات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يمنع التعذيب، وأبلغتهم أني تقدمت بعدد من الشكاوى للقصر الجمهوري والأمم المتحدة والقضاء، والدعوة التي تقدمت بها للأمم المتحدة في جنيف سيعلن عن موعدها لمحاكمة من تسبب بموت ابني وعدم السماح له بإجراء عملية وعدم إخلاء سبيله إلا للقبر".

ووجه نداء إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس النواب والحكومة لمتابعة الملف.