عاد ملف الانتهاكات داخل السجون العراقية إلى الواجهة من جديد، بعد الكشف عن عمليات تعذيب ممنهجة تطاول السجناء بدوافع انتقامية، ومع مطالبة مسؤولين بوضع حدّ لتلك الانتهاكات، يؤكد آخرون أنّ جهات حزبية تنفرد بالسيطرة على الملف وتمنع التدخل فيه.
وملف السجون العراقية قديم جديد، إذ يعدّ من أخطر الملفات في البلاد، وسط اتهامات للحكومات المتعاقبة بزج آلاف المعتقلين فيه بتهم كيدية ودوافع سياسية.
النائب رعد الدهلكي، قال في بيان صحافي، إنّ "ما يتعرّض له السجناء في سجن التاجي يعبر عن استمرارية النهج الانتقامي في حماية السجناء"، داعيا الحكومة ولجنة الأمن البرلمانية إلى "التدخل في هذه القضية ووقف الإجراءات التعسفية التي تمارس ضدّ المعتقلين".
وأكد، أنّ "من الواجب التنفيذي والرقابي أن يكون دور لهيئة حقوق الإنسان العراقية مع لجنة الأمن، تجاه هذا الملف الخطير، والوقوف على مجريات ما يحدث من خروقات تجاه السجناء".
ويعدّ سجن التاجي، الواقع شمالي بغداد، من أكثر تلك السجون التي تشهد انتهاكات مستمرّة، وقال مسؤول في السجن لـ"العربي الجديد"، إنّ "السجن تجري فيه عمليات تعذيب يومية، فهناك لجان تحقيقية تقوم بمراجعة ملفات السجناء وإعادة التحقيق معهم، وإثارة تهم جديدة ضدّهم".
وأوضح أنّ "هذه اللجان تستخدم أساليب التعذيب ضدّ السجناء الذين سحبتهم إلى غرف انفرادية، حيث تجرى عليهم عمليات تعذيب ممنهجة لدفعهم إلى الاعتراف بجرائم إرهابية"، مؤكدا أنّ "أغلب هؤلاء السجناء ممن أوشكت الأحكام الصادرة بحقهم على الانتهاء وينتظرون إطلاق سراحهم، لكن التعذيب الذي يتعرضون له سيحول دون ذلك، إذ إنّ الكثير منهم يجبرون بسبب التعذيب، على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها، الأمر الذي سيعيد إصدار أحكام ضدّهم".
وأشار إلى وجود "دوافع سياسية وحزبية وراء ذلك، ومحاولة من جهات معينة الإبقاء على السجناء وعدم خروجهم"، مؤكدا أنّ "التعذيب لا يشمل جميع السجناء، بل هناك قوائم معينة بأسماء من يراد تعذيبهم".
يأتي ذلك في وقت تمنع وزارة العدل العراقية، لجان حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الأخرى، من زيارة السجون، إذ إنّها لا تمنح الإذن لأي جهة كانت.
من جهته، انتقد عضو تحالف الإصلاح، محمد الشمري، صمت الحكومة إزاء هذا الملف، وقال الشمري لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة على دراية كاملة بهذه الانتهاكات، لكنّها لم تتخذ أي إجراء".
وتابع: "يجب أن يكون هناك تحرّك حكومي بفتح تحقيق بتلك الانتهاكات، وفسح المجال للجان الرقابية بممارسة دورها بمتابعة الملف"، محملا الحكومة "نتائج ما يحدث من انتهاكات يتم الصمت عنها".
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قد كشفت الشهر الماضي، عمليات تعذيب يمارسها ضباط عراقيون بأحد مراكز الاحتجاز في مدينة الموصل، مؤكدة إرسال تقرير تفصيلي بالوقائع إلى الحكومة العراقية، لكنّها لم تتخذ أي إجراء إزاء ذلك.
يأتي ذلك بالتزامن مع عمل القضاء العراقي على إطلاق سراح السجناء ممّن لم تثبت التهم ضدّهم أو من الذين أكملوا فترات حكمهم، وشهد الشهر الماضي إطلاق سراح 678 نزيلاً من سجون بغداد والمحافظات بينهم 64 مشمولاً بالعفو العام، و80 من النساء.