الاحتقان يطغى على قطاع التعليم في المغرب .. توترات وإضرابات

24 ابريل 2019
تواصل الإضرابات (Getty)
+ الخط -



يعيش قطاع التعليم في المغرب على إيقاع الاحتقان والتوتر، بسبب توالي الإضرابات والتصعيد الذي يشهده هذا الملف خلال الفترة الراهنة، جراء استمرار الأساتذة المتعاقدين في الإضراب، فضلاً عن إضراب موظفي وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات، ثم الإضراب الذي أعلنه الأساتذة المتدربون.

ويخوض الأساتذة المتعاقدون، الأربعاء، اليوم الثالث من الإنزال الوطني، ويتسم بتنظيم مسيرة بالشموع ومبيت ليلي أمام البرلمان، وذلك في شكل احتجاجي جديد للمطالبة بالإدماج في نظام الوظيفة العمومية لوزارة التربية الوطنية، وإسقاط العمل بنظام التعاقد بشكل كامل.

وقال مصدر مسؤول من تنسيقية الأساتذة المتعاقدين لـ"العربي الجديد"، إن "زملاءه الأساتذة البالغ عددهم أكثر من 70 ألف أستاذ سيواصلون الإضراب عن العمل، وسيخوضون كافة الأشكال الاحتجاجية المتاحة بطريقة حضارية، وبأنه لم يعد هناك بديل عن مواصلة المعركة إلى آخرها".

وأكد بأن "إعلان وزير التربية الوطنية تعليق أي حوار مع النقابات التعليمية وممثلي الأساتذة المتعاقدين، بعد لقاء مبرمج يوم أمس بدعوى تنصلنا من الاتفاق بالعودة إلى الأقسام، هو مجرد هروب إلى الأمام، لأن الوزارة هي التي تنصلت من التزاماتها، وبالتالي هي من عليها تحمل استمرار هذا الوضع".

النقابات التعليمية (الأكثر تمثيلية) قررت بدورها الاصطفاف إلى جانب الأساتذة المتعاقدين في الدفاع عن مطالبهم، إذ انتقدت ضمن بلاغ لها اليوم "تعليق الحكومة ووزارة التربية الوطنية، الحوار، دون الأخذ بعين الاعتبار توقيف الدراسة لملايين التلاميذ على إثر الإضرابات التعليمية لعشرات الآلاف من الأساتذة من مختلف الفئات".

وبعد أن حملت المسؤولية إلى الحكومة في التسبب في احتقان قطاع التعليم، قررت النقابات التعليمية تنظيم وقفة احتجاجية يوم الجمعة 26 إبريل/نيسان الجاري أمام وزارة التربية الوطنية، وأيضاً اعتصام لمسؤولين نقابيين يوم 3 مايو/أيار في الساحة المقابلة لوزارة التعليم بالرباط.

ويبدو أن هذا البرنامج الاحتجاجي لم يرق بعض الجهات في تنسيقية أساتذة التعاقد، إذ صرح بعضهم في الصفحة الرئيسية للتنسيقية على فيسبوك بأن "تنظيم وقفات وقت صلاة الجمعة خطأ في التقدير، والانتقال من إضراب لثلاثة أيام مصحوباً بمسيرات جهوية إلى مجرد وقفات خارج وقت العمل ويوم الجمعة لا يعتبر ثباتاً على الموقف، فبالأحرى أن يسجل كتصعيد".

ويرى محمد العثماني، الباحث التربوي، أن وزارة التربية الوطنية تراهن على تشتيت وعزل التنسيقية المناضلة بتكسير إضرابها عبر إجراءات تعسفية، وصناعة أوهام عن "الحوار" لإخماد الحماس وتمضية الوقت بهدف خلق انتظارية قاتلة، والدفع بالمترددين إلى اليأس والإحباط ، خصوصاً الذين اقتنعوا منذ البداية أن معركة إسقاط التعاقد لا يلزمها الكثير من الوقت".

ويشدد المتحدث على ضرورة الرهان على وحدة تنسيقية الأساتذة المتعاقدين، وصمودها وقوتها وتماسكها التنظيمي مهما كانت الصعاب، معتبراً أن "مخطط التعاقد يهدد حاضر ومستقبل التعليم العمومي"، قبل أن يدعو إلى "مواصلة التعبئة والتواصل مع الآباء والأمهات والتلاميذ ضحايا سياسة التعليم الجارية".

وأمام هذا الاحتقان المتواصل في المدرسة العمومية، بسبب استمرار إضراب الأساتذة المتعاقدين، أبدت الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وتلاميذ وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب، اعتزامها تنظيم وقفات احتجاجية في وقت قريب في مختلف مدن المملكة، احتجاجاً على وضعية التلاميذ الذين يعتبرون ـ بحسب الفيدرالية ـ الضحية الأولى لهذا الاحتقان.

وأفادت فيدرالية جمعيات آباء وتلاميذ وأمهات وأولياء التلاميذ، ضمن بلاغ جديد، بأنه لا يمكن سوى التعبير عن القلق البالغ لأولياء أمور التلاميذ في المدارس العمومية من توقف الدراسة طيلة أسابيع، محذرة من استمرار "المنزلق الخطير" لهذا الوضع الذي يتسبب في مشاكل التحصيل للتلاميذ.

وحملت الفيدرالية المسؤولية الرئيسية للحكومة ووزارة التربية الوطنية، وأيضاً الأساتذة المضربين، في إغلاق المؤسسات التعليمية، خاصة أن الضحايا هم أبناء الفئات الهشة من المجتمع، موردة أن "الأساتذة المضربين لم يستحضروا المصلحة الفضلى للمتعلمين والمتعلمات، وللمصالح العليا للوطن، بوقوفهم عند حدود التعنت السلبي الصغير الذي مهما عظم في نظر البعض، فإنه يبقى صغيراً قياساً مع المصالح العليا للوطن".

ولم يرق بلاغ فيدرالية جمعيات آباء وتلاميذ وأمهات وأولياء التلاميذ لعدد من جمعيات الآباء، إذ خرج إدريس الزاوكي رئيس جمعية آباء التلاميذ في سلوان بإقليم الناظور، لينتقد هذا البلاغ، ويعتبر "مضمونه مجانباً للصواب وذراً للرماد في العيون، مشدداً على أن المسؤولية يجب أن تحمل للسياسة الحكومية في هذا الملف".

ولم يقف الاحتقان عند هذا الحد، بل زاده إعلان تنسيقية الأساتذة المتدربين احتقاناً إضافياً، إذ قرروا تدشين إضراب ليومين، الأربعاء والخميس، بسبب "الغليان والاحتقان المتزايد الذي تعرفه الساحة التعليمية، وعدم التعاطي الجاد للحكومة والوزارة مع ملفات الشغيلة التعليمية، وعلى رأسها ملف الأساتذة المرسبين قسراً (159 أستاذاً)، وأساتذة التعاقد، وحاملي الشهادات..

وأفادت التنسيقية، في بلاغ لها، بأنها "ستكمل معركتها النضالية حتى تحقيق كافة مطالبها المشروعة، وفي مقدمتها الدفاع عن المدرسة والوظيفة رغم كل الضربات القاسية التي تلقتها، عبر ترسيب خيرة مناضليها وحرمان بعض الأساتذة والأستاذات من اجتياز المباراة".