تحايل على "ستّ الحبايب"

18 مارس 2019
ماذا تنتظر الأمهات وسط الفقر؟ (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -


قبل أيام من الاحتفال بعيد الأم في مصر، الذي يوافق 21 مارس/ آذار من كلّ عام، تشهد الأسواق التجارية بمختلف أنواعها في المحافظات، حالة من الركود التام، بسبب ارتفاع الأسعار والأزمة المعيشية للشعب المصري، فشراء هدية بات يفوق قدرة المواطن المادية، على الرغم من تزيّن الواجهات بإعلانات التخفيض. وهكذا اكتفى البعض بالمشاهدة فقط، وفضّل آخرون التوجه لشراء هدايا رمزية تلبّي احتياجات الأسرة والمنزل، وتستخدمها الأمهات في أعمالهن المنزلية.

تعتبر المتاجر عيد الأم فرصة كبيرة في عمليات البيع وانتعاش السوق، وترى تلك المحلات أنّ عيد الأم عند المصريين لا يقلّ أهمية عن الأعياد والمناسبات الدينية المهمة التي تمرّ بها البلاد، من خلال انتعاش حركة البيع. وكانت البيوت المصرية في الماضي تستعدّ عبر ميزانية خاصة لشراء هدية لـ"ست الحبايب" ولشراء هدية للحماة؛ أكانت والدة الزوج أو الزوجة كنوع من التواصل والتراحم. ووصل الأمر مؤخراً إلى شراء التلاميذ هدايا للمعلمات. لكنّ الظروف الاقتصادية تغيّرت وتغيّر معها شراء هدايا عيد الأم، على عكس السنوات الماضية.



أمام حالة الركود، أعلنت عشرات المتاجر عن عروض وتخفيضات تصل إلى 50 في المائة، وذلك عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، أو الدعاية عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو الإعلانات في الشوارع. وتنوّعت العروض بين الملابس والأحذية والحقائب‏ والعطور، وصولاً إلى الأدوات المنزلية. وشهد سوق الذهب إقبالاً ضعيفاً، فحين يشتري البعض مشغولات ذهبية هدية لعيد الأم، تكون خفيفة الوزن.

ويلجأ البعض من الأهالي في عيد الأم إلى شراء الورود، أو بعض الهدايا التي لا تتعدى قيمتها 10 جنيهات مصرية (نصف دولار أميركي تقريباً)، وهي المنتشرة مع الباعة الجوالين في الشوارع والمواصلات العامة وأمام محطات المترو. عادة ما يشتري التلاميذ والطلاب هذه الهدايا لتقديمها إلى "ست الحبايب". وهناك من يرى أنّ الوجود مع الأم في عيدها والحرص على البرّ بها يعتبر أفضل هدية، فيما ترفض أمهات كثيرات تلقي أيّ هدية في هذا اليوم، ويعبرن عن وعيهن جيداً بالظروف الاقتصادية والأحوال المعيشية التي تعيشها الأسر المصرية، وهناك أمهات يطالبن بأشياء خفيفة يستخدمنها في الاحتياجات المنزلية فقط بسعر بخس.

لم يغب الأمر عن سارة إبراهيم، الموظفة، التي تجهز نفسها للزواج من زميل لها في العمل، فهي مضطرة لشراء هدية لأمها ولأم خطيبها في الوقت نفسه: "أسعار الهدايا نار. سأتشارك مع خطيبي، فنشتري هديتين فقط، واحدة منه لوالدتي وواحدة مني لوالدته". الحال نفسها مع الزوجين إبراهيم وصفاء، فحين اشتكت صفاء لأمها من أعباء المعيشة، أشارت عليها الأم أن يشتري زوجها هدية عبارة عن قطعة قماش ثم تردها الأم لابنتها صفاء لتقدمها لحماتها أم إبراهيم.



يشير نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية في غرفة القاهرة التجارية فتحي الطحاوي، إلى أنّ الشركات والمتاجر تقدم عشرات العروض خلال احتفالية عيد الأم، كونه الأمل الوحيد بنهاية الشتاء في تحريك حالة الركود التي تعاني منها الأسواق المصرية، خصوصاً الملابس الجاهزة كونها موسمية، فبعد أيام سيجرى طرح الملابس الصيفية، مشيراً إلى أنّ هناك انخفاضاً حقيقياً في الأسعار يتراوح بين 30 و50 في المائة في الملابس والأدوات المنزلية، لكنّ الإقبال ضعيف جداً. يضيف الطحاوي أنّ هناك حالة ركود مع اقتراب احتفالات عيد الأم. ويلفت إلى أنّ الأيام التي تسبق عيد الأم كان من المفترض أن تشهد انتعاشاً، موضحاً أنّ الركود سببه عدم قدرة المواطنين على الشراء بسبب ارتفاع الأسعار الذي يعود بدوره إلى ارتفاع قيمة الاستيراد، ولا يرتبط باحتمال جني التجار لأرباح كبيرة من عدمه.